تعليق شينخوا: الصين والدول العربية تستهل رحلة جديدة نحو المستقبل المشترك

الوقت:2024-09-12 09:56:39المصدر: شينخوا

زوار يتعرفون على مشروع للطاقة النظيفة في الدورة السادسة لمعرض الصين والدول العربية في ينتشوان، بمنطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي بشمال غربي الصين يوم 22 سبتمبر 2023. (شينخوا)

بكين 11 سبتمبر 2024 (شينخوا) كان يوما عليل النسيم في عام 750 ميلادي عندما أبحر الملاح العربي أبو عبيدة من ميناء يضج بالحركة في عُمان بالشرق الأوسط على متن سفينة الدهو الشراعية "صحار" ذات الصاريتين. اتجه شرقا، وبعد أشهر من مقارعة أمواج البحر العاتية، وصل أخيرا إلى شواطئ قوانغتشو البعيدة في الصين.

عاد بالحرير والخزف والتوابل، مستهلا بذلك أول طرق التجارة بين الصين والعالم العربي. ومن رحلته الجسورة، اسُتهلمت رواية ألف ليلة وليلة، وهي قصة رُويت لأجيال.

الصورة الملتقطة يوم 13 أبريل 2008 تظهر قارب "صحار" المصمم على غرار قارب قديم، في مسقط، عاصمة عمان. (شينخوا)

اليوم، ما تزال الصلة التي أقامها مستمرة، وما تزال تثري الروابط بين الثقافتين بعد مضي أكثر من اثني عشر قرنا على إنشائها.

وبعد أجيال من الجهود المبذولة، أقامت الصين والدول العربية الآن روابط أوثق. ومنذ خمسينيات القرن العشرين، أقامت الصين علاقات دبلوماسية مع جميع الدول العربية. ومن خلال التفاعلات التي تتسم بالتفاهم المتبادل والاحترام المتبادل والمساعدة المتبادلة والتضامن، كانت الصين والدول العربية دائما نعم الأصدقاء الذين يعاملون بعضهم البعض على قدم المساواة، ونعم الشركاء الذين يسعون تجاه تحقيق المنفعة المتبادلة، ونعم الإخوة الذين يتقاسمون السراء والضراء.

وفيما يتعلق بالقضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والشواغل الرئيسية لكل منهما، مثل القضية الفلسطينية وقضية تايوان، أظهرت الصين والدول العربية باستمرار تضامنها ودعمها المتبادلين، وبرزت كقوة لا تنكسر من الشرق ــ تناصر العدالة، وتقاوم الهيمنة، وتدافع عن الإنصاف على الساحة الدولية.

والتعاون الاقتصادي والتجاري هو انعكاس دينامي للعلاقة المزدهرة. أصبحت جميع الدول العربية الـ22 الآن شريكة في مبادرة الحزام والطريق، والتي جرى في إطارها إطلاق أكثر من 200 مشروع كبير مع الصين.

في السنوات المنصرمة، عززت الصين مكانتها كشريك تجاري رئيسي للدول العربية. في العامين الماضيين، وصلت أحجام التجارة الثنائية إلى مستويات قياسية جديدة، لتلامس عتبة 400 مليار دولار أمريكي، وهو نمو بمقدار عشرة أضعاف مقارنة بعشرين عاما مضت. ويستفيد قرابة ملياري شخص من كلا الجانبين من هذه الشراكة البراغماتية.

في الصورة الملتقطة يوم 27 نوفمبر 2022، عاملون يتواصلون في شركة مصفاة ينبع أرامكو سينوبك للتكرير (ياسرف) في مدينة ينبع بالمملكة العربية السعودية. (شينخوا)

وفي الوقت الحاضر، لا يزال التعاون العملي مع الصين يؤتي ثماره عبر مختلف القطاعات في جميع أنحاء المنطقة.

في المملكة العربية السعودية، تم إطلاق العديد من مشاريع التعاون الكبرى، بما فيها شركة ينبع أرامكو سينوبك للتكرير، ومشروع مجمع قولي الصيني السعودي للإيثيلين، والتجمعات الصناعية الصينية في مدينة جازان الاقتصادية، والمرافق والبنية التحتية لمشروع البحر الأحمر، واتصالات الجيل الخامس (5G)، والاستكشافات القمرية المشتركة.

وتستمر التبادلات الشعبية بين البلدين في النمو. وقد أدرجت أربع جامعات سعودية تخصص اللغة الصينية وتقدم ثماني مدارس ابتدائية ومتوسطة الآن دورات اختيارية لدراسة اللغة الصينية لطلابها.

وفي الإمارات العربية المتحدة، تشمل المشاريع التي تجسد التعاون البراغماتي بين البلدين المنطقة النموذجية الصينية الإماراتية للتعاون الصناعي ومحطة حاويات المرحلة الثانية في ميناء خليفة وسكة حديد الاتحاد ومحطة حصيان لتوليد الطاقة بتقنية الفحم النظيف. بالإضافة إلى ذلك، تحافظ الإمارات باستمرار على مكانتها كأكبر شريك تجاري غير نفطي للصين وأكبر سوق تصدير لها في المنطقة.

سفينة الحاويات الصينية (سولار) في محطة سي إس بي أبوظبي في ميناء خليفة بأبو ظبي، الإمارات يوم 25 مايو 2019. (شينخوا)

ويعد النجاح المستمر للتعاون بين الصين والدول العربية متجذرا في التطلعات المشتركة للجانبين نحو السلام والازدهار، فضلا عن الاحترام المتبادل للحضارات والأنظمة السياسية لكل منهما.

ووسط عالم زاخر بالاضطرابات والصراعات والمواجهات، يسلط التركيز على بناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك ــ مع تنحية الخلافات جانبا، ومقاومة التدخل الخارجي، والتمسك بالازدهار المشترك ــ الضوء على الأهمية العميقة للعلاقة.

من تيسير التقارب بين السعودية وإيران إلى دعم المصالحة بين الفصائل الفلسطينية وتحسين حياة الناس العاديين في جميع أنحاء الشرق الأوسط عبر دفع مبادرة الحزام والطريق، يكتسب دور الصين كنصير للسلام وداعم للتنمية تقديرا متزايدا بين سكان المنطقة.

وفي سعيها لتحقيق النهضة الوطنية، ستواصل الصين تقاسم فرصها التنموية وممارسة التعددية الحقيقية بشكل مشترك وكتابة فصل جديد من التعاون البراغماتي مع الدول العربية.

مع الصداقة طويلة الأمد بين الصين والدول العربية، لا تزال قصة السفينة صحار مستمرة. في عام 1980، أبحر مغامر آخر وهو تيم سيفيرين من عُمان في سفينة نسخة طبق الأصل من صحار، عابرا المسار ذاته الذي سلكه البحار أبو عبيدة.

واليوم، ينتصب نصب تذكاري في حديقة بحي هايتشو في قوانغتشو تكريما لصحار وإحياء لذكرى الرحلة البطوليةــ التي تعد رمزا للرابطة المتينة بين الصين والدول العربية، والتي صمدت على مدار ألف عام من التاريخ وتواصل تسطير فصول جديدة.

تحرير: تشن لو يي