رؤى عالمية: مسيرة التحديث الصيني وإلهامها للعالم

الوقت:2022-10-17 09:49:59المصدر: شينخوا

بكين 16 أكتوبر 2022 (شينخوا) أثناء خطواتها غير المسبوقة نحو التحديث، نجحت الصين في خلق معجزة مزدوجة متمثلة في التنمية الاقتصادية السريعة والاستقرار الاجتماعي طويل الأمد.

بينما أذهلت هذه الإنجازات المجتمع العالمي، أحدثت أيضا اختلافات حقيقية في عالم يصارع الرياح المعاكسة الناجمة عن جائحة كورونا غير المسبوقة واندلاع الصراعات الإقليمية والركود الاقتصادي العالمي، ويعتقد المراقبون من أنحاء العالم أن المسار الصيني نحو التحديث، خاصة فلسفته التوجيهية، يلهم الدول الأخرى للسعي إلى مسارات التنمية الخاصة بها ويلهم العالم للسعي نحو مستقبل مشترك أكثر إشراقا.

-- وضع الشعب في المقام الأول

يعد تحديث دولة تضم 1.4 مليار شخص حدثا مهما في تاريخ البشرية. لقد عزا المراقبون العالميون نجاح الصين إلى فلسفة الحزب الشيوعي الصيني المتمحورة حول الشعب. هذا ما تظهره بشكل جيد حملة الصين واسعة النطاق للحد من الفقر.

وفي عام 2021، أعلنت الصين أنها انتشلت آخر 98.99 مليون من سكان الريف الفقراء الذين كانوا يعيشون تحت خط الفقر الحالي من براثن الفقر، وأزالت جميع المحافظات والقرى الفقيرة البالغ عددها 832 و128 ألف على التوالي، من قائمة الفقر.

وقد علق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ذات مرة، قائلا إن الإنجازات العظيمة التي حققتها الصين في الحد من الفقر تشكل "أكبر مساهمة في الحد من الفقر بشكل دراماتيكي".

وقال كولين فيكسن كيلابيل رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، إن "الصين لديها خبرة جيدة في التعامل مع الفقر".

وأضاف أن "هذا شيء يجب أن نهنئ القيادة الصينية على تحقيقه للشعب الصيني ونأمل أن نتمكن جميعا من التعلم من هذا الإنجاز".

وعلى مدى العقود الأربعة الماضية، تحسنت حياة الناس في الصين بشكل كبير. فالصين التي كانت بلدا زراعيا في المقام الأول قبل حوالي 70 عاما، أصبح يوجد لديها الآن نظام الرعاية الاجتماعية الأكثر شمولا في العالم وأكبر شبكة للسكك الحديدية فائقة السرعة وأحدث التكنولوجيات في العديد من القطاعات.

وقال جان كريستوف إيسيو فون بفيتن، رئيس معهد الدراسات الاستراتيجية للشرق والغرب في بريطانيا، إن نجاح الحزب الشيوعي الصيني "يأتي من التكيف المستمر للحزب مع احتياجات الشعب وواقع العالم بأسره".

وأضاف أن الحزب الشيوعي الصيني هو "حزب الشعب ويتطور ويتحرك مع تطور الشعب".

-- تحديث شامل

تسعى الصين إلى التحديث بطريقة شاملة. لقد نسقت التقدم المادي والثقافي والأخلاقي، وعززت التنمية الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية والإيكولوجية، والتزمت بفلسفة تنمية جديدة تسلط الضوء على الابتكار والتنسيق والاخضرار والانفتاح والمشاركة.

وأثناء توضيح سمات التحديث في الصين، أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى أن التحديث في البلاد يفيد عددا كبيرا من السكان. إنه يتسم بالرخاء المشترك، والتقدم المادي والثقافي والأخلاقي المنسق، والانسجام بين الإنسان والطبيعة، والتنمية السلمية.

إن التحديث في الصين يسعى لتحقيق الرخاء للجميع. وفي هذا الجانب، أصبحت مقاطعة تشجيانغ بشرقي الصين نموذجا يُحتذى به حيث تقوم المنطقة ببناء مناطق نموذجية للرخاء المشترك من خلال إطلاق ترتيبات ثنائية بين المناطق الساحلية المتقدمة والمناطق الجبلية المتخلفة من أجل سد الفجوة بين المناطق الريفية والحضرية.

"تعد المياه الصافية والجبال الخصبة أصولا لا تقدر بثمن." وتركز مسيرة التحديث الصيني أيضا على السعي إلى التعايش في وئام بين البشرية والطبيعة. لقد خفضت البلاد كثافة انبعاثات الكربون بنسبة 34.4 في المئة خلال الأعوام العشرة الماضية، وتعهدت بالوصول إلى ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل 2030 وتحقيق الحياد الكربوني قبل 2060.

أوضح نيك تشانداريث، مدير المركز الكمبودي لأبحاث طريق الحرير البحري للقرن الـ21، أنه "تم دمج الحماية البيئية مع خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد"، قائلا إنه "بالقوة الاقتصادية القوية والقدرة التكنولوجية المتقدمة والمسؤولية العالية، لعبت الصين دورا رائدا في مكافحة تغير المناخ العالمي".

-- تنمية سلمية

كما ميزت التنمية السلمية تحديث الصين عن تحديث الغرب. فعلى عكس المستعمرين الغربيين الذين لجأوا إلى الحروب والاعتداءات في أواخر القرن الـ19، سارت الصين نحو التحديث من خلال العمل الجاد الدؤوب، وشقّت طريقا من التعاون المربح للجميع على المسرح العالمي.

ومن خلال اتباع مسار التنمية السلمية، نمت الصين لتصبح قوة اقتصادية عالمية، ما يساهم في تحول مطرد نحو الشرق باتجاه مركز الثقل الاقتصادي في العالم.

وخلال كلمة ألقاها في أوزبكستان خلال الاجتماع الـ22 لمجلس رؤساء دول منظمة شانغهاي للتعاون في سبتمبر، استشهد شي بمثل أوزبكي يقول: "لن يحقق البلد نهضة بدون السلام، ولن تشهد الأرض ازدهارا بدون المطر".

قال كريستوفر موتسفانجوا، المسؤول بحزب زانو-بي إف الحاكم في زيمبابوي، إن الشيء الجدير بالتقدير هو أن النمو الاقتصادي للصين خلال العقود الأربعة الماضية كان مصحوبا بالتزامها بمسار التنمية السلمية، ما يختلف عن صعود أي دولة رئيسية جديدة في الماضي، الذي كان يتسم دائما بالحرب.

ومن وجهة نظر الباحث البريطاني مارتن جاك، فبدلا من الدفاع عن قانون الغاب للدول القومية، حيث يسود حكم الأقوى، "تقترح الصين أشكالا جديدة من التعاون العالمي"، كما يتضح من مبادرة الحزام والطريق ومن فكر مجتمع مصير مشترك للبشرية كطريق للمستقبل.

-- مستقبل مشترك

وفي طريقها نحو التحديث، تشارك الصين أيضا فرصها التنموية مع بقية العالم، وتتمسك بالتعددية الحقيقية وتسعى جاهدة من أجل نظام حوكمة عالمية أكثر نزاهة وإنصافا، ما يقدم حلولا صينية للتحديات الملحة التي تواجه البشرية. وذلك لأن بكين تعي تماما أن الصين لن تبلي بلاء حسنا إلا عندما يكون أداء العالم جيدا، والعكس بالعكس.

وبداية من تأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وبنك التنمية الجديد ووصولا إلى أخذ زمام المبادرة في تنفيذ أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، لطالما كانت الصين بانية السلام العالمي، ومساهمة في التنمية العالمية، ومدافعة عن النظام الدولي ومزودة للسلع العامة.

إن جعل اللقاحات الصينية منفعة عامة عالمية، مثال جيد على جهود الصين لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. قدمت الصين أكثر من 2.2 مليار جرعة من لقاحات كوفيد-19 إلى أكثر من 120 دولة ومنظمة دولية.

وقال فيني مولينا، الرئيس الوطني للحزب الشيوعي الأسترالي، إن تنمية الصين تتماشى مع مصالح العالم وإن الحزب الشيوعي الصيني ملتزم بتعزيز السلام والتعاون والاحترام المتبادل والتنمية من أجل مصير مشترك.

كما أشاد بالصين لتقديمها لقاحات كوفيد-19 للعالم، قائلا "يمكن لملايين الناس الاستفادة من التكنولوجيا الحيوية الصينية".

كما أن مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي، اللتين اقترحهما شي، أضافتا المزيد إلى جهود الصين للمساهمة في السلام العالمي والازدهار المشترك.

وقال جوزيف ماثيوز، وهو أستاذ بارز في جامعة بيلتي الدولية في بنوم بنه، إن مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ضروريتان لبناء نظام حوكمة عالمي أكثر عدلا وإنصافا، مشيرا إلى أن "المبادرتين أساسيتان لتعزيز التعددية والتعاون والتضامن الدوليين من أجل مواجهة التحديات والشواغل على الصعيد العالمي".

وفي مقال رأي حديث، كتب رئيس صربيا السابق بوريس تاديتش قائلا "في الواقع، ما تفعله الصين هو أكثر من مجرد تحقيق التحديث، إذ أنها تتغلب على أخطاء وعواقب النمط الغربي للتحديث. وهذا يعني أن الصين تقدم نموذجا للعالم أجمع".

وقال رئيس الوزراء المصري الأسبق عصام شرف إن نجاح الصين يخدم مصالح العالم بأسره، وقد قدم الحزب الشيوعي الصيني للعالم نموذجا مختلفا يمكن أن يكون خيارا للدول النامية.

تحرير: تشن لو يي