مقالة خاصة: من شمال شرقي الصين إلى دول الشرق الأوسط.. الباب مفتوح على مصراعيه للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الطرفين

الوقت:2023-10-06 16:07:28المصدر: شينخوا

في الصورة الملتقطة يوم 29 مارس 2023، جانب من مراسم وضع حجر الأساس لمشروع المواد الكيميائية الدقيقة وهندسة المواد الخام "هواجين -- أرامكو" بين الصين والسعودية، في مدينة بانجين بمقاطعة لياونينغ شمال شرقي الصين. (شينخوا)

شنيانغ 5 أكتوبر 2023 (شينخوا) باتت منطقة شمال شرقي الصين، والتي تتضمن ثلاث مقاطعات هي لياونينغ وجيلين وهيلونغجيانغ، شاهدة مؤخرا على التبادلات الاقتصادية والتجارية المكثفة مع دول الشرق الأوسط، تبرهن على ذلك مشاريع ومؤتمرات وفعاليات تنطلق واحدة تلو الأخرى بين الطرفين، والتي كان آخرها مؤتمرا خاصا بالتعاون والتبادل الاقتصادي والتجاري اختتمت أعماله مؤخرا في لياونينغ.

وعند المقارنة مع المدن الكبرى في الصين على غرار بكين وشانغهاي وقوانغتشو وغيرها، بدأ التعاون الاقتصادي والتجاري بين شمال شرقي الصين ودول الشرق الأوسط في وقت متأخر نسبيا، ولكنه الوقت الذي تسعى فيه دول الشرق الأوسط إلى تعزيز تنويع اقتصادها وتسريع عملية التصنيع من جهة، وتعمل الصين على توسيع انفتاحها على الخارج من جهة أخرى، وهو ما يكسب هذا التعاون بين الطرفين ميزات تكاملية وإمكانات هائلة يجدر الاهتمام بها.

-- مشروع رائد يأتي بمنافع ملموسة

تعد صناعة البتروكيماويات إحدى الركائز الصناعية المهمة في مقاطعة لياونينغ بشمال شرقي الصين وتمثل هذه الأخيرة قاعدة صناعية مهمة للبلاد. وفي منتصف العام الجاري، عُقد اجتماع التعبئة لبناء مشروع المواد الكيميائية الدقيقة وهندسة المواد الخام "هواجين -- أرامكو" في لياونينغ، وهو ما مثل انطلاقة جديدة لهذا المشروع الحيوي بين الصين والسعودية.

ويُعتبر المشروع مشروعا ذا أولوية للتعاون الصيني السعودي في مجال الطاقة ترعاه قيادتا البلدين، حيث استثمرت المؤسستان من الصين وشركة "أرامكو" السعودية 83.7 مليار يوان (ما يعادل نحو 11.5 مليار دولار أمريكي) بشكل مشترك لتمويل المشروع الذي يهدف إلى بناء قاعدة للبتروكيماويات وصناعة الكيماويات الدقيقة على مستوى العالم.

وسيُنجز المشروع بشكل مبدئي عند حلول عام 2025، ويُتوقع أن تبلغ الطاقة الإنتاجية السنوية له 15 مليون طن من النفط المكرر، و1.65 مليون طن من الإيثيلين، ومليوني طن من بارا-زيلين، بينما سيحقق دخلا سنويًا يزيد عن 100 مليار يوان (ما يعادل نحو 13.7 مليار دولار أمريكي)، ما سيسهم على نحو لا بأس به في النهوض بمنطقة شمال شرقي الصين.

إن مشروع "هواجين -- أرامكو" مثال من أمثلة التعاون المتعمق بين منطقة شمال شرقي الصين ودول الشرق الأوسط. ونظرا لدرجة التوافق العالية بين الهياكل الصناعية لدى الطرفين، أولت الحكومات المحلية في المقاطعات الشمالية الشرقية الثلاث أهمية كبيرة لتعزيز التبادلات الاقتصادية والتجارية مع دول الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، وقد أحرز الجانبان اختراقات جديدة في التعاون في شتى المجالات.

-- مزيد من المؤتمرات والفعاليات

في سبتمبر الماضي، انعقد مؤتمر التعاون والتبادل الاقتصادي والتجاري بين دول الشرق الأوسط ومقاطعة لياونينغ الصينية، بحضور عشرات من المسؤولين ورجال الأعمال من الكويت والسعودية والإمارات وغيرها من البلدان العربية، حيث تم التوقيع على 37 مشروعا على هامش فعاليات المؤتمر.

ويعد هذا المؤتمر، أول مؤتمر خاص لمنطقة الشرق الأوسط في إطار معرض لياونينغ الدولي للاستثمار والتجارة، الذي اختتمت دورته الرابعة أعمالها قبل أيام، ما يبشّر بالأفق الرحب للمزيد من التعاون بين الطرفين مستقبلا.

ما تقوله الأرقام والإحصائيات يشير إلى هذا الاتجاه التصاعدي للتعاون الثنائي أيضا، حيث نمت التجارة الخارجية لمقاطعة لياونينغ مع المملكة العربية السعودية بقوة في أغسطس الماضي، لتصل إلى 6.21 مليار يوان، بزيادة قدرها 31 بالمائة على أساس سنوي، حسبما أفادت جمارك شنيانغ، حاضرة مقاطعة لياونينغ.

وعلاوة على لياونينغ، أقامت كل من جيلين وهيلونغجيانغ فعاليات خاصة بمنطقة الشرق الأوسط خلال الفترة الأخيرة أيضا.

في أغسطس الماضي، أقيم "ملتقى تيسير التجارة والاستثمار بين مقاطعة جيلين الصينية والدول العربية" في تشانغتشون، حاضرة مقاطعة جيلين، وشارك في فعالياته 43 مسؤولاً من هيئات التجارة والصناعة في سبع دول عربية بما في ذلك عمان والمغرب وغيرهما، وأبدى المشاركون اهتماما قويا بتعزيز التبادلات والتعاون مع مقاطعة جيلين في تسهيل التجارة والاستثمار.

وفي يوليو الماضي، قام رئيس وزراء مصر الأسبق الدكتور عصام شرف بزيارة مدينة تشيتشيهار بمقاطعة هيلونغجيانغ خلال حضوره ندوة دولية عقدت في المقاطعة. وقال إن تشيتشيهار مدينة فريدة للغاية ومعروفة بتطور صناعة المعدات، معربا عن أمله في تعميق التبادلات والتعاون مع مقاطعة هيلونغجيانغ في إطار مبادرة "الحزام والطريق" وتحقيق المزيد من النتائج المربحة للجانبين العربي والصيني.

-- الشركات من الطرف الصيني المتجهة نحو الشرق الأوسط

في الوقت الذي يشهد فيه الداخل الصيني تفاعلا متزايدا مع الشرق الأوسط، بدأت الشركات من شمال شرقي الصين تُطوّر وتعزز أعمالها في الأسواق الشرق أوسطية أيضا.

وفي هذا الصدد، أعلنت شركة "نورث إيست فارم"، شركة أدوية رائدة مقرها شنيانغ، مؤخرا أنها ستقوم باستثمار وتأسيس شركة أدوية في عمان لإنتاج مستحضرات التجميل وتسويقها في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا نظرا لـ"عوامل عدة مثل الطلب المحتمل في السوق والمزايا الجغرافية في عمان والشرق الأوسط" حسبما جاء في بيان صدر عن الشركة.

من جهته، قال ليو شين لو، عميد كلية الدراسات العربية بجامعة الدراسات الأجنبية ببكين، إن "لياونينغ بوابة مهمة ومنطقة حدودية تربط الجسر القاري الأوراسي، كما أنها تتمتع بأساس صناعي قوي ونظام صناعي كامل نسبيا، مما يرسي أسسا للمزيد من التعاون بينها وبين منطقة الشرق الأوسط".

وقد أكملت شركة المجموعة رقم 9 المحدودة التابعة لشركة السكك الحديدية الصينية 25 مشروعا في المملكة العربية السعودية بنجاح حتى الآن. وذكرت الشركة أنها تشارك الآن في مشروع جديد لإنشاء أكبر حوض لبناء السفن حول العالم في مدينة الجبيل بالمنطقة الشرقية بالسعودية.

هذا وأشار ليو إلى أن منطقة شمال شرقي الصين باعتبارها قاعدة للصناعات الثقيلة ولإنتاج الحبوب بالصين، يمكنها تحقيق التوافق بين العرض والطلب مع دول الشرق الأوسط في العديد من المجالات بجودة عالية مثل الآلات الميكانيكية والكهرباء والطاقة والصناعات الكيميائية والسيارات والزراعة الحديثة وما إلى ذلك.

تحرير: تشن لو يي