مقالة خاصة: الخزف الأزرق والأبيض.. من منتج مشهور يحمل حكايةً صينية عربية إلى فن حديث مبدع

الوقت:2022-12-22 10:57:57المصدر: شينخوا

تساي ون جيوان ترسم على إناء خزف أزرق وأبيض. (صورة مقدمة من تساي ون جيوان/ شنيخوا)

نانتشانغ 21 ديسمبر 2022 (شينخوا) حظي الخزف الأزرق والأبيض، أو خزف "تشينغ هوا" باللغة الصينية، بشهرته منذ مئات سنة، حيث وصلت صبغة كوبالت (الاسملت) منتجة من البلاد العربية إلى الصين حينذاك عبر طريق الحرير القديم، وانضمت إلى حرفة صناعة الخزف الصينية، ما خلق الخزف الأزرق والأبيض اللامع في عهد أسرة يوان الإمبراطورية  (1271م - 1368م) وما بعده.

وأصبح الخزف الأزرق والأبيض رمزاً صينياً مشهوراً في جميع أنحاء العالم منذ ذلك الحين. وخلال الدورة الخامسة لمهرجان الفنون العربية المنعقدة بين يومي 19 و20 ديسمبر الجاري في مدينة جينغدهتشن، "عاصمة الخزف" بالصين، قام الفنانون العرب بتبادلات ثقافية عميقة مع نظرائهم الصينيين، وشهدوا وراثة مهارة صناعة الخزف الأزرق والأبيض وتطوره إلى فن حديث مبدع إلى جانب كونه منتجاً تجارياً وحاجة يومية.

تساي ون جيوان، فنانة تبلغ من العمر36 عاماً، وهي وريثة مهارة الرسم على الخزف الأزرق والأبيض في عهد أسرة يوان الإمبراطورية على مستوى مقاطعة جيانغشي، ولقد مررت هذه المهارة لأربعة أجيال في عائلتها من والد جدها إلى يدها الآن.

وبسبب القوانين المعقدة للمهارة والأسلوب الفني التقليدي القديم، لم تشعر تساي بالحميمية والحماس في الرسم على الخزف الأزرق والأبيض في طفولتها. وبسبب مشاركتها في أولمبياد بكين 2008 لترويج ثقافة الخزف، بدأت تساي في إعادة التفكير في موضوع الرسم التقليدي على الخزف، ثم عادت إلى بلدتها جينغدهتشن لدراسة المهارة وأطلقت أعمالها الخاصة حول تحديث فن الخزف الأزرق والأبيض.

وكرّست تساي نفسها في جعل الخزف الأزرق والأبيض منتجاً حديثاً شعبياً بين الشباب. فعلى سبيل المثال، وبدلاً عن طباعة صورة الخزف كلها على غطاء الهاتف النقال، اختارت تساي بعض الرسومات اللطيفة من صورة الخزف فقط، ما لقي إقبالاً حاراً بين المستهلكين الشباب.

واهتمت تساي اهتماماً بالغاً بالإبداع لكسب سوق الشباب، ولذا عيّنت شابا ولد بعد عام 1995 مديراً للتصميم في شركتها.

وفي الحقيقة، يعد الإبداع سر نجاح الخزف الأزرق والأبيض في أسرة يوان الإمبراطورية، حيث لم يكتفِ الحرفيون الصينيون في جينغدهتشن بما وصلوا إليه من مستويات الفن والمهارة، حيث انتقلوا لتجريب واستيعاب المواد الجديدة، وجربوا مادة صباغة زرقاء (الاسملت) مستوردة من البلاد العربية وأضافوها إلى الرسم على الخزف الأزرق والأبيض بكل جرأة وإبداع.

مهدي أحمد (اليمين) يتعلم رسم "تشينغ هوا" من الأستاذ قان داو فو. (شينخوا)

وذكر مهدي أحمد، طالب مصري يدرس الماجستير في جامعة الخزف في جينغدهتشن، أن روح الإبداع في جينغدهتشن استفادت من ازدهار التجارة الخارجية حينذاك، حيث كان مشتري الخزف قادمين من أنحاء العالم مع طلباتهم المتنوعة، ما دفع الحرفيين للإبداع والتطور.

وفي هذا السياق؛ كرّس قان داو فو، الأستاذ في جامعة الخزف في جينغدهتشن، كرس نفسه في مختلف التجارب المبدعة مع فن الخزف الأزرق والأبيض، وجمع بشكل خاص مهارة الرسم على الخزف الأزرق والأبيض (رسم "تشينغ هوا") مع عوامل الخيال العلمي.

أخذ قان مهارة رسم "تشينغ هوا" كوسيلة للتعبير عن أفكاره الفنية، جامعاً مهارة الرسم بالحبر الصيني التقليدي مع الفن التجريدي الغربي، ما أظهر الخزف الأزرق والأبيض بأشكال ومظاهر مختلفة تماماً عن شكله التقليدي.

عمل الخزف الأزرق والأبيض من الأستاذ قان داو فو واسمه "تفتُّح". (شينخوا)

كما قام قان أيضاً بجمع نحو مائة ألف قطعة من الخزف الأزرق والأبيض واختار أكثر من ألف منها لنسخ رسومات عليها، مشيراً إلى أن الخزف الأزرق والأبيض يشبه لغةً، حيث لا يمكن التعبير عنها بشكل حر وإنما من خلال دراستها وإتقانها بشكل عميق.

وقال مهدي أحمد إن الخزف الأزرق والأبيض يعد كنزاً صنعته الثقافتان الصينية والعربية سويا وقدمتاه للعالم، ولا يزال يتألق بلمعانه الجديد رغم مرور مئات السنين.

تحرير: تشن لو يي