مقالة خاصة: كيف سيسهم طريق الحرير البحري المقترح من الصين في تعزيز النمو بآسيا

التاريخ: 2018-10-09 المصدر: شبكة شينخوا
fontLarger fontSmaller

بعد خمس سنوات من طرح الصين لمبادرة طريق الحرير البحرى الجديد، يتذكر رئيس البرلمان الإندونيسي بامبانج سوساتيو بوضوح كيف حدث ذلك.

فإنه في أكتوبر 2013 ، اقترح الرئيس شي جين بينغ بناء مجموعة مترابطة بين الصين والآسيان وقدم توجيهات بشأن بناء طريق الحرير البحري للقرن الـ21 في خطابه الذي ألقاه أمام البرلمان الإندونيسي.

وباعتباره جزءا من مبادرة الحزام والطريق، تم تصميم طريق الحرير البحري الجديد ليمتد من ساحل الصين إلى أوروبا مرورا ببحر الصين الجنوبي والمحيط الهندي في طريق واحد، ومن ساحل الصين مرورا ببحر الصين الجنوبي إلى جنوب المحيط الهادئ في الجانب الآخر. وهو جزء من جهود الصين لتعزيز التعاون البحري والترابط الإقليمي والتكامل الاقتصادي.

وقال سوساتيو إن إندونيسيا تلعب دورا رئيسيا في طريق الحرير البحري للقرن الـ21، مع التطوير المزمع للبنية التحتية بدءا من مقاطعة آتشيه وصولا إلى مقاطعة مالوكو الشمالية.

وذكر رئيس البرلمان أن خطة المحور البحري العالمي الإندونيسية، التي تركز على البحر باعتباره مستقبل إندونيسيا، تتفق أيضا مع مبادرة الحزام والطريق.

وأشار إلى أن "الفكرتين لديهما قواسم مشتركة. ومن المفترض أن يسهم ذلك في تعاون إندونيسيا والصين بشكل جيد في تنفيذهما".

- إحياء المجد

وبالنظر إلى الامتداد الشاسع للبحر الهادئ، يعد اللوح الحجري المكتوب عليه عبارة "المضيق الأطول والأكثر ازدحاما في العالم: باللغات الإنجليزية والملاوية والصينية والعربية، يعد الآن إرثا للمجد السابق للمركز التجاري الماليزي القديم ملقا المعروف أيضا باسم ميلاكا.

فقبل حوالي 600 عام مضت، بلغت ملقا عصرها الذهبي مع صعود طريق الحرير البحرى. وكان من إحدى علاماتها البارزة الحملات التي قادها الأدميرال الصيني تشانغ خه (1371- 1433). فخلال رحلاته السبع، رسي تشنغ بأسطوله الهائل الذي كان يضم مئات السفن في ملقا عدة مرات.

ولكن سلطنة ملقا فقدت بريقها بعدما احتلها واستعمرها البرتغاليون. وهي الآن أصغر ولاية في ماليزيا حيث يبلغ عدد سكانها مليون نسمة وتعد السياحة ركيزة لاقتصادها نظرا لافتقارها للموارد الطبيعية والصناعات الثقيلة.

ودعت الصين إلى إحياء طريق الملاحة البحرية هذا، وأصبحت ملقا رائدة في مشاركة ماليزيا النشطة في مبادرة الحزام والطريق، مستفيدة في ذلك من ارتباطها التاريخي مع الصين.

وأعلنت شركة "كيه أيه جيه" الماليزية للتنمية في عام 2016 أنها ستتعاون مع ثلاث شركات صينية، وهي باور تشاينا إنترناشونال، ومجموعة شنتشن يانتيان للموانيء ومجموعة ريتشاو للموانيء، لإنشاء ميناء في البحار العميقة ليصبح جزءا من بوابة ملقا.

وقد صممت بوابة ملقا، وهي مجمع يتألف من الميناء ومرافق تجارية وصناعية وسياحية مشيدة على مساحات شاسعة، لتمتد على مساحة 1366 أكر وبتكلفة تصل إلى حوالي 9.8 مليار دولار أمريكي.

وهناك أكثر من 100 ألف سفينة تمر عبر مضيق ملقا سنويا. وستصبح بوابة ملقا خيارا جديدا موفرا للتكاليف بالنسبة لتلك السفن، حسبما ذكر قان تيان لو المسؤول التجاري السابق بملقا والمسؤول عن التعاون في مجال الأعمال مع الصين.

ويتوقع ميشيل أونج، من شركة "كيه أيه جيه" الماليزية للتنمية، أن يسهم المشروع الضخم في إحداث تحول في اقتصاد ملقا في ظل نظام إيكولوجي جديد من شأنه أن يجلب مئات الشركات، في الوقت الذي بدأت فيه جهود الحكومة المحلية لجذب الاستثمار الصيني تؤتى ثمارها بالفعل.

-- جسر الصداقة يقود إلى مستقبل أكثر إشراقا

مع عبور طابور طويل من الحافلات الجديدة عبوره جسر الصداقة ذي الأضواء الساطعة بين الصين والمادليف، فإن حلم المالديف طويل الأمد في امتلاك جسر يمر عبر البحر أضحى في نهاية المطاف حقيقة.

وباعتباره مشروعا مبدعا للمالديف والصين في المشاركة معا في بناء طريق الحرير البحري للقرن الـ21، يربط هذا الجسر الذي يصل طوله إلى 2 كلم العاصمة ماليه بجزيرة هولهولي المجاورة حيث يقع المطار الدولي الرئيسي للدولة الجزيرة.

فقد مكن هذا الجسر السكان المحليين والسائحين من العبور بين الجزيرتين الواقعتين في المحيط الهندي في غضون خمس دقائق.

وقالت أميلا (26 عاما) "في البداية، لم يكن الكثيرون ومن بينهم أنا نعتقد أن بناء جسر هنا أمر ممكن. لقد أصبح المستحيل ممكنا في بلدى"، مضيفة "اعتقد ان الجسر سيؤدى إلى مستقبل أكثر إشراقا للمالديف".

واتفق العديد من الشباب في المالديف مع أميلا في وجهة نظرها هذه بشأن الجسر الجديد. فقد قال ميدوام نائب رئيس منظمة التجارة والثقافة المالديفية الصينية "لم تشهد المالديف أبدا من قبل مثل هذا المشروع الضخم في مجال البنية التحتية. وكل شاب مالديفي يعبره سيتعلم بأن يحلم بمشروعات أكبر وأفضل. ويمكننا الآن التفكير في امتلاك حلم مالديفي".

إن الجسر الممتد عبر البحر يجعل حياة المالديفيين أكثر راحة وبساطة. ولكن بنائه في البحر على عمق يصل لمسافة 46 مترا في ظل درجة حرارة عالية ورطوبة عالية ومستويات عالية من الأشعة فوق البنفسجية لم يكن بالمهمة السهلة.

فقد صرح كبير المهندسين بمشروع جسر الصداقة بين الصين والمالديف تشنغ دوه يون لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأنه في غضون 33 شهرا من عملية البناء، حقق المشروع عددا من الاختراقات التقنية الرئيسية.

وأضاف أن "نجاح الجسر يجهزنا أيضا لمشروعات مماثلة في بناء طريق الحرير البحري للقرن الـ21 مستقبلا".

-- أمل مسقط رأس

وبالنسبة للشاب راناجا المنحدر من بلدة هامبانتوتا الساحلية جنوبي سريلانكا، فقد أحدث طريق الحرير البحري تحولا في مسقط رأسه المعروف بأنه يذخر بميناء في المياه العميقة.

ويقع ميناء هامبانتوتا، الكائن على الساحل الجنوبي لسريلانكا، على بعد 10 أميال بحرية فقط من طريق شحن مزدحم في المحيط الهندي.

ولكن تطوير الميناء تأخر لبعض الوقت نتيجة حرب أهلية دامت لعقود والافتقار إلى التمويل والتكنولوجيا والخبرة.

واستمر هذا المأزق حتى تم تأسيس مشروع مشترك بين هيئة الموانيء السريلانكية والشركة الصينية القابضة للموانيء التجارية للتعاون معا في تطوير الميناء.

وتم الانتهاء من المرحلة الأولى في ديسمبر 2011 وبدأ تشغيلها في يونيو 2012. وتم الانتهاء من المرحلة الثانية في إبريل 2015.

ويعد ميناء هامبانتوتا ثاني مشروع تساهم فيه الشركة الصينية القابضة للموانيء التجارية في سريلانكا بعد محطة كولومبو الدولية للحاويات، التي تعد رمزا للتعاون بين الصين وسريلانكا.

وقال تيسا ويكراماسينغ كبير مسؤولي العمليات بالمشروع المشترك (مجموعة هامبانتوتا إنترناشونال للموانيء)، قال لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الميناء يعمل "بشكل جيد للغاية" مع ارتفاع معدل الأداء التجاري بصورة أكبر من المتوقع.

ويرى ويكراماسينغ أنه طالما أنه قد تمت الاستفادة من مزاياه الجيولوجية، فسوف يصبح الميناء نقطة تحول رئيسية في سلسلة التوريد العالمية لخدمة سوق منطقة جنوب آسيا التي يصل عدد سكانها إلى 1.7 مليار نسمة.

علاوة على ذلك، ستعود التنمية الاقتصادية للميناء بالفائدة على منطقة هامبانتوتا بأكملها وستساعد السكان في جنوب سريلانكا على التخلص من الفقر.

وبإلقاء نظرة على رافعة أرصفة الموانىء الزرقاء، يعرف راناجا الذي يعد أيضا عاملا في الميناء أين يقع مستقبل مسقط رأسه.

"إننا نعمل هنا ليس فقط من أجل راتب جيد، ولكن أيضا من أجل تطلعاتنا إلى تطوير الميناء"، هكذا قال راناجا، مضيفا "أن ذلك هو أمل مسقط رأسنا". 

تحرير: تشي هونغ