"بروس لي" البرازيلي وطموحه في الكونغ فو الصينية
إن رياضة الووشو الصينية أو الفنون القتالية المعروفة بالكونغ فو تضرب بجذورها في صميم الثقافة الصينية، وهي لا تجسد فلسفة الصينيين القدماء الساعية إلى الوصول لكمال الحياة عن طريق التحسين الذاتي فحسب، بل تعكس مفهوم السلام المتأصل في الثقافة الصينية والذي يؤكد على أهمية التسامح والتعايش السلمي. ومنذ السنوات الأخيرة، يزداد عدد الأجانب الذين يتوجهون إلى الصين خصيصا لدراسة الكونغ فو، حاملين معهم حلما بأن يتقنوا الكونغ فو ويكونوا سفراء بنشرها إلى بلدانهم.
في الساعة السابعة والنصف صباحا، بدأ الطلاب تمريناتهم في قاعة التدريب التابعة لقسم الووشو بجامعة بكين للرياضة، حيث يرتدون الملابس الرياضية السوداء ويمارسون بالكونغ فو بشكل مهني ومحترف. وإذا لم تنظر إليهم بجدية، فمن الصعب أن تميز منهم وجها أجنبيا ذا أنف كبير وعين كبيرة وشعر مجعد، ألا وهو الشاب البرازيلي يدعى روك نيتو.
كان روك نيتو مهندسا الكترونيا يشتغل في ريو دي جانيرو. وشاهد بصدفة الفليم الصيني المشهور " النمر الرابض، التنين المخفي" وسرعان ما أصبح منغمسا في الكونغ فو. وبدأ العثور على مقاطع الفيديو عن الكونغ فو على الانترنت وقام بممارستها بنفسه. وبعد ممارسته لمدة سنتين، وجد أن الكونغ فو أشفى مرضه في الفقار العنقي الذي أزعجه لسنوات عديدة. وقرر استقالة عمله والذهاب إلى الصين لدراسة الكونغ فو. كان ينصحه أفراد أسرته وأصدقاؤه بعدم اتخاذ هذا القرار، ويرون أنه كبير في السن لدراسة الرياضة الصعبة مثل الكونغ فو رغم أنه كان في الـ28 من عمره. " هناك يوجد مثل مشهور يقول: أطلب العلم ولو في الصين، ستفتح الكونغ فو رحلة جميلة في حياتي."
وصل روك نيتو إلى الصين عام 2014 لبدء دراسته للكونغ فو في جامعة بكين للرياضة ببكين بشكل رسمي. وأصبحت حياته مليئة بالكونغ فو ودروس اللغة الصينية، حيث يستمتع بها كليا ويمص التغذية من المعارف مثل الإسفنج. ومع التعلم بشكل أعمق، وجد روك نيتو أن ما يجذبه في الماضي هو المهارات الرائعة يظهرها نجوم الأفلام الصينية، وأدرك أن السحر الحقيقي للكونغ فو هو أسرار كيفية التوافق النفسي والجسماني، وأن الكونغ فو ليست عدوانية مثل الملاكمة الغربية وإنما هي سلمية بطبيعتها تؤكد على التوازن بين الصلابة والنعومة، ويمارسها الصينيون الكونغ فو من أجل تقوية أجسادهم وتنقية قلوبهم ومساعدة الضعفاء بدلا من الفوز بالبطولة. "غيرتني الكونغ فو كثيرا"، قال روك نيتو للمراسل، " كنت شخصا مفتقرا إلى الصبر، وبعد ممارسة الكونغ فو أصبح قلبي أكثر هدوءا. إن الكونغ فو ليست مجرد رياضة، بل هي قد أصبحت جزءا هاما من حياتي."
ومضت أربع سنوات منذ وصوله إلى الصين، عندما استذكر روك نيتو حياته في جامعة بكين للرياضة، قال إنه متشكر جدا لمعلميه وزملائه، لأن رعايتهم وعنايتهم جعلته يشعر بأن بكين مسقط رأسه الثاني. وكأجمل الختام قبل التخرج في أغسطس العام الجاري، فاز روك نيتو بالجائزة الثانية في كأس العالم لمسابقة الووشو في العام الماضي. وعند حديثه عن خطته في المستقبل، قال للمراسل:" بروس لي هو معبودتي سأتبعه كنموذجي لنشر الكونغ فو في العالم. عندي طموح لأن أفتح مركزا لتدريب الكونغ فو للأطفال في البرازيل لتعريفهم بسحر الكونغ فو والثقافة الصينية، ان الووشو ثروة ثمينة للإنسان لكه، وأنا فخور بطموحي واختياري."
منذ تسعينات القرن الماضي، وصل مئات من محبي الووشو من جميع أنحاء العالم إلى الصين كل عام لدراسة هذه الرياضة القديمة. وبفضل مبادرة " الحزام والطريق"، ستتكثف التبادلات الاقتصادية والثقافية بين الصين والعالم، بما سيعطي دفة قوية لانتشار الووشو في العالم كله.