مقالة خاصة: زيارة شي تعمق التعاون الجنوبي-الجنوبي وتعزز التعددية
يغادر الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم السبت موريشيوس، وهي المحطة الأخيرة في جولته في الشرق الأوسط وأفريقيا.
وخلال جولته التي استمرت 11 يوما، زار شي الإمارات العربية المتحدة والسنغال ورواندا وجنوب أفريقيا، فضلا عن زيارة موريشيوس قبل عودته للبلاد. وحضر شي أيضا القمة العاشرة لمجموعة بريكس في جوهانسبرج.
وقال عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي إن الزيارة تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الجنوبي-الجنوبي وتعزز بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
تعزيز العلاقات الصينية - العربية
قال وانغ إن زيارة شي للإمارات العربية المتحدة ترتقي بالعلاقات الثنائية إلى مستوى أعلى وتُظهر مدى التعاون بين الصين والبلدان العربية.
وتعد هذه الزيارة الأولى التي يقوم بها شي إلى الإمارات، بل والأولى التي يقوم بها رئيس دولة صيني إلى البلد العربي في 29 عاما.
وأصدر البلدان خلال الزيارة إعلانا مشتركا بشأن إقامة شراكة استراتيجية شاملة، وهي الشراكة التي توفر توجيها سياسيا وخططا شاملة لتعزيز العلاقات الثنائية في المرحلة المقبلة.
ووقع البلدان على مذكرة تفاهم بشأن تنفيذ مبادرة الحزام والطريق، وقررا الربط بين استراتيجيات التنمية في البلدين وتعزيز التواصل بشأن السياسات الصناعية.
وستقوم الصين والإمارات بإقامة أول مركز تبادل دولي خاص بمبادرة الحزام والطريق في أبو ظبي، وستقومان بتوفير الخدمات المالية من أجل بناء الحزام والطريق في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج.
وفي وقت سابق هذا الشهر، استضافت بكين المؤتمر الوزاري الثامن لمنتدى التعاون بين الصين والدول العربية، الذي اتفقت خلاله الصين والدول العربية على إقامة "شراكة استراتيجية مستقبلية للتعاون الشامل والتنمية المشتركة".
وقال شي خلال المؤتمر إن الصين مستعدة للتعاون مع البلدان العربية في بناء مبادرة الحزام والطريق وفي بناء مجتمع مصير مشترك للصين والدول العربية.
وتعد زيارة شي للإمارات ترجمة حية واستعراضا ناجحا لسياسة الصين تجاه الدول العربية.
تعميق الصداقة الصينية - الأفريقية
أولى شي أهمية كبيرة للعلاقات الصينية - الأفريقية. واختار شي أفريقيا لتكون أول جهة خارجية يزورها سواءً بعد انتخابه رئيسا عام 2013، أو بعد إعادة انتخابه رئيساً هذا العام.
وقال وانغ إن الصين وأفريقيا شريكتان مخلصتان على طريق التنمية وحليفتان طبيعيتان في الشئون الدولية.
وأكد شي خلال جولته الأفريقية على أن تعزيز العلاقات مع البلدان الأفريقية اختيار الصين الاستراتيجي وطويل الأجل.
وقال شي إنه مهما طرأ على الوضع الدولي من تغيرات، فإن الصين ستظل متمسكة بسياستها تجاه أفريقيا وبمفهوم الإخلاص وتحقيق النتائج الملموسة وتعميق التقارب والنية الحسنة، وستتمسك الصين بتحقيق العدل وبالسعي إلى تحقيق المصالح المشتركة، وبتعزيز بناء مجتمع مصير مشترك أقوى بين الصين وأفريقيا من أجل تحقيق التعاون المربح للجميع والتنمية المشتركة.
واتفقت الصين والبلدان الأفريقية الأربعة خلال الزيارة على تعزيز الربط بين استراتيجيات التنمية وعلى تعزيز الاستفادة من أوجه التكامل الاقتصادي وتوسيع مجال التعاون.
وتحقق إنجاز آخر خلال زيارة شي الأفريقية عبر توقيع وثائق تعاون خاصة بمبادرة الحزام والطريق. ووقعت كل من السنغال ورواندا، على الترتيب، مذكرتي تفاهم مع الصين بشأن المبادرة، وتوصلت موريشيوس إلى اتفاق مع الصين بشأن التوقيع على اتفاق تعاون بشأن المبادرة خلال وقت قريب.
وأوضح وانغ أن السنغال هي أول دولة في غرب أفريقيا توقع وثيقة تعاون مع الصين بشأن مبادرة الحزام والطريق، ومن المتوقع أن يكون لذلك قوة دافعة في المنطقة.
وأضاف وانغ أن شي وقع مع مضيفيه الأفارقة خلال زيارته نحو 40 وثيقة تعاون.
وأشار وزير الخارجية إلى أن شي حظي في كل محطة من جولته الأفريقية بمراسم ترحيب كبيرة من جانب الحكومات، فضلا عن الكرم والحفاوة التي أعربت عنها شعوب هذه الدول، ما يمثل دليلا يثبت أن دور الصين في أفريقيا بعيد كل البعد عن الطابع الاستعماري.
توسيع التعاون في إطار بريكس
حضر شي خلال زيارته إلى جنوب أفريقيا قمة مجموعة بريكس العاشرة في جوهانسبرج، التي مثلت افتتاحا لـ"العقد الذهبي" الثاني من التعاون في إطار بريكس.
وضمت قمة كتلة اقتصادات السوق الصاعدة التي عقدت في الفترة من يوم الأربعاء حتى أمس الجمعة، زعماء بلدان الكتلة - وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا - الذين اجتمعوا لمناقشة سبل السعي إلى تحقيق التنمية والرخاء المشتركين في ظل تحديات عالمية جديدة.
وفي كلمته أمام منتدى أعمال بريكس خلال القمة، قال شي إن العقد القادم سيكون عقدا حاسما سيشهد إحلال محركات نمو عالمية جديدة محل المحركات القديمة، كما سيشهد تغيرات أسرع في المشهد الدولي وفي الارتباطات الدولية بين القوى المختلفة، إلى جانب إعادة تشكيل عميق لنظام الحوكمة العالمي.
وحث شي على بناء اقتصاد مفتوح ورفض الأحادية والحمائية وتعزيز التعاون والتبادلات الدولية في مجال الابتكار. كما حث شي على تخفيف آثار تطبيق تكنولوجيا المعلومات والتشغيل الآلي (الأتمتة) والتكنولوجيا الذكية على الصناعات التقليدية، إلى جانب السعي إلى تحقيق نمو شامل يحقق المنافع لشعوب جميع البلدان وتدعيم التنمية والتعاون الدوليين.
وحث شي أيضا على التمسك بالأحادية ودعم نظام التجارة التعددية وعلى المراعاة الكاملة للقواعد الدولية التي تم تبينها بشكل جماعي.
وقال شي ردا على تصاعد الأحادية والحمائية التجارية "يتعين رفض الحروب التجارية، لأنها لن تسفر عن فائز. إن الهيمنة الاقتصادية جديرة برفض أشد لأنها ستقوض المصالح الجماعية للمجتمع الدولي، وهؤلاء الذين يسيرون في هذا الدرب لن ينتهي بهم الأمر إلا بإيذاء أنفسهم."
لقد أسفرت قمة جوهانسبرج عن تحقيق نتائج إيجابية، مع تأكيد بلدان بريكس على صياغة شراكة بشأن الثورة الصناعية الجديدة.
وقال وانغ إن إقامة هذه الشراكة ستصبح مشروعا رائدا سيعزز التعاون بين بلدان بريكس.
وأوضح وانغ أنه في الوقت ذاته، أوضح إعلان جوهانسبرج عزم الكتلة على تحقيق التنمية المشتركة وعلى الحفاظ على المساواة والعدل، والتمسك بالتعددية وتحسين الحوكمة العالمية وضخ طاقة إيجابية إلى العالم وسط الشكوك المحيطة به.
وأضاف وانغ أن قمة بريكس وجهت الدعوة إلى بلدان نامية أخرى، منها اقتصادات سوق صاعدة أخرى وبلدان أفريقية للمشاركة في حوار "بريكس بلس"، ما ساهم في توسيع دوائر بريكس على نحو أكبر وفي تعزيز الشراكة بين بريكس والدول الأفريقية.
وأكد وانغ أن زيارة شي كانت زيارة تاريخية قامت خلالها الصين بتعزيز التعاون الاستراتيجي مع البلدان النامية والاقتصادات الصاعدة، وسيكون لها تأثير كبير وإيجابي على تحول المشهد الدولي وتقدم البشرية.