التشارك في بناء الحزام والطريق يدفع التعاون الجماعي بين الصين والدول العربية نحو نقطة انطلاق جديدة
عقدت ندوة تحت عنوان "التعاون الودي الصيني العربي وآفاق التطور" في جامعة شانغهاي للدراسات الدولية يوم الأحد، حيث توصل الخبراء الصينيون والعرب المشاركون إلى اتفاق لدفع التعاون الجماعي بين الصين والدول العربية نحو نقطة انطلاق جديدة في ظل تشارك الجانبين في بناء الحزام والطريق.
وأقام الندوة معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية ومركز دراسات منتدى التعاون الصيني العربي بحضور أكثر من 50 شخصا من العلماء والخبراء من الجانبين الصيني والعربي.
وقال لي تشنغ ون، سفير شؤون منتدى التعاون الصيني العربي بوزارة الخارجية الصينية في الندوة إن الاشتراكية ذات الخصائص الصينية دخلت عصرا جديدا، حيث التزمت الصين بتعزيز الإصلاح والانفتاح، كما أطلقت الدول العربية خطط إصلاح طموحة في السنوات الأخيرة لتعزيز التصنيع والتنويع الاقتصادي، فيجب على الصين والدول العربية دفع تنمية العلاقات الثنائية إلى مستوى جديد في العصر الجديد.
وقال عبد الله بن صالح بن هلال السعدي، سفير سلطنة عمان لدى الصين وهو أيضا عميد السلك الدبلوماسي العربي في الصين في الندوة إن العلاقات العربية الصينية تتطور بشكل ملحوظ ولا سيما بعد تأسيس منتدى التعاون العربي الصيني في يناير 2004 والذي يُعتبر ميلاده نتيجة طبيعية للثقة السياسية المتبادلة والنضوج المتزايد للتعاون العملي بين الجانبين.
وأضاف السعدي أنه في ظل السنوات القليلة الماضية تعززت الثقة السياسية العربية الصينية المتبادلة، ولعل زيارة فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ أواخر شهر يناير 2016 إلى كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية وزيارته إلى مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة وإلقائه خطابا هناك خير دليل على هذه الثقة، والتي فتحت آفاقا أرحب أمام مستوى العلاقات العربية الصينية.
كما قام في سنة 2017 كل من العاهل السعودي والرئيس الفلسطيني والرئيس المصري والرئيس الجيبوتي بزيارات رسمية إلى الصين وهو ما يدل على الزخم الكبير الذي تشهده التبادلات السياسية رفيعة المستوى بين الدول العربية والصين، وفقا لما قال السعدي.
جدير بالذكر أنه منذ تأسيس منتدى التعاون العربي الصيني، حقق التعاون الإقتصادي والتجاري العربي الصيني قفزة كبيرة وطفرة ملحوظة، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري من 25.5 مليار دولار إلى 191.34 مليار دولار في عام 2017. وبذلك أصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للعالم العربي، وأكبر شريك تجاري لتسع دول عربية.
ومنذ أن طرحت الصين مبادرة الحزام والطريق، ازدادت الأنظار نحو البلدان العربية لأنها تمثل جسرا يربط الشرق بالغرب بسبب موقعها الإستراتيجي الواقع في ملتقى طريقي الحرير البري والبحري، وبالتالي فإن الدول العربية كلها أمل في مزيد تعزيز العلاقات المتميزة مع الصين والقائمة على أساس الإحترام والمنفعة المتبادلة.
وخلال السنوات الماضية، شهد التواصل الإنساني والثقافي بين الدول العربية والصين تنوعا كبيرا، حيث تم افتتاح العديد من معاهد كنفشيوس في الدول العربية وازداد عدد الطلاب العرب الدارسين في الصين وكذلك نفس الشيء بالنسبة للطلبة الصينيين الدارسين للغة العربية، وأصبحت عدة دول عربية مقاصد سياحية مفضلة للمواطنين الصينيين من بينها على سبيل المثال المغرب وتونس ومصر والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان.
واقترح السعدي قائلا "إننا على ثقة تامة بأنه ومن أجل تعميق علاقات التعاون والصداقة بين الدول العربية والصين، ينبغي على الجانبين مواصلة الحفاظ على زخم التواصل الرفيع المستوى وحسن توظيف الإجتماع الوزاري المقبل واجتماع كبار المسؤولين، إلى غير ذلك من آليات اللقاءات المتعددة المستويات في إطار منتدى التعاون العربي الصيني لإجراء مزيد من الحوارات والتشاورات وتبادل الآراء حول القضايا العالمية في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والتبادلات الشعبية وغيرها، بما يجسد الطابع الإستراتيجي للعلاقات بين الجانبين.
وأضاف أنه يجب على الجانبين تبادل الدعم في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والحيوية التي تهم بعضهما البعض، وتعزيز التنسيق والتعاون في الشؤون الدولية والإقليمية، بالإضافة إلى استغلال مبادرة الحزام والطريق استغلالا جيدا وتوظيف المشاريع المنبثقة عنها في منتدى التعاون العربي الصيني على كل المستويات وذلك لتحقيق المنفعة المتبادلة بين الجانبين ولما فيه مصلحة وخير الشعبين الصديقين.
وقال راشد القمزي، القنصل العام لدولة الإمارات العربية المتحدة في شانغهاي في كلمة ألقاها في الندوة إن مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تمتد عبر ثلاث قارات وتشارك فيها أكثر من 60 دولة وتضم حوالي 4.4 مليار نسمة، تبرز كأهم مبادرة في العصر الحاضر لتعزيز الترابط العابر للحدود ودفع التجارة والاستثمار وتسهيل التعاون لتحقيق استفادة كاملة من الإمكانات الاقتصادية للدول المشاركة.
وبلغت قيمة الاستثمارات الصينية في الدول الواقعة على طول الحزام والطريق 14.4 مليار دولار في العام 2017 ووصلت القيمة التعاقدية لمشاريع المقاولات الصينية فيها إلى 144.3 مليار دولار.
وأشار القمزي إلى أنه في الواقع لا يمكن فصل تطور الصين عن العالم ولا يمكن فصل تطور العالم عن الصين، قائلا "أقدر البرامج والدور الذي تلعبه الصين في العالم كما أن مبادرة بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ جاءت في الوقت المناسب وسوف تساعد على بناء الثقة المتبادلة بين العالم العربي والصين ووضع اساسا صلبا لتحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك.
وأضاف أن فكرة إنشاء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية تمثل نهجا فعالا للتعامل مع التهديدات الأمنية الجديدة والناشئة في عالم متزايد الترابط، حيث يعد التعاون الصيني العربي ضرورياً للتعامل مع التهديدات المشتركة بطريقة شاملة.
وقال القمزي إنه في ظل تزايد عوامل عدم اليقين والارتياب التي تواجه العالم ساهمت الصين بتنميتها المستمرة والمستقرة في تعزيز ثقة العالم. كما فتحت آفاقا رحبة للتعاون الصيني العربي. وفي الوقت الراهن تتزايد حاجة الصين والدول العربية إلى تعزيز الالتقاء بين استراتيجياتهم التنموية ليصبح تبادل الخبرات حول الحوكمة والتنمية الاقتصادية أهم من أي وقت مضى. كما أن مبادرة الحزام الطريق تأتي بتسهيلات التجارة والاستثمار وتصدير التصنيع والبناء والخدمات الصينيية الى الدول العربية بالإضافة الى دخول منتجات وخدمات وتكنولوجيا وأموال الدول العربية الى الصين أيضا.
وكما أصدر مركز دراسات منتدى التعاون الصيني العربي في الندوة كتاب ((إنجازات وتطلعات منتدى التعاون الصيني العربي)).