سد جاتيجيدي يروي زهرة الصداقة بين الإندونسيين والصينيين
ونحن نمر عبر الجبال في مقاطعة جاوا الغربية بإندونيسيا، يظهر "تنين" فضي أمامنا. ها هو نهر سيمانوك، مهد شعب جاوا الغربية و"نهر الأم" لديهم.
يجلب النهر الحياة والماء للسكان المحليين، وكذلك الفيضانات خلال مواسم الرياح الموسمية والجفاف خلال مواسم الجفاف. ولأكثر من نصف قرن، قامت الحكومة والشعب الإندونيسيين بوضع خطط لبناء سد لتطويع نهر سيمانوك، لكن دون جدوى لأسباب تمويلية وتقنية.
وتغيرت الأمور في عام 2007. في ذلك العام، وقعت شركة (سينوهيدرو) الصينية عقدا مع الحكومة الإندونيسية بشأن بناء سد جاتيجيدي، مع توفير 90 في المائة من التمويل عبر قرض من بنك التصدير والاستيراد الصيني و10 في المائة الباقية عبر تخصيص من الحكومة الإندونيسية.
وبعد ثمانية أعوام من العمل الشاق، وفي أغسطس عام 2015، تم الانتهاء من بناء سد جاتيجيدي رغم جميع المصاعب وبدأ في العمل. كما تم إطلاق مشروع محطة جاتيجيدي لتوليد الطاقة الكهرومائية أيضا في نفس العام مع قدرة مجهزة متوقعة تبلغ 110 آلاف كيلووات، ومن المتوقع أن تدخل الخدمة في عام 2019. وبمجرد البدء في توليد الكهرباء، ستخفف المحطة بشكل كبير من حالة نقص الكهرباء في منطقة جاوا الغربية.
ويمتد السد، الذي يبلغ ارتفاعه 110 أمتار وطوله 1670 مترا، عبر جبلين في منطقة سوميدانغ في جاوا الغربية، مع سعة تخزين إجمالية تبلغ 1.063 مليار متر مكعب ومساحة للري تبلغ 90 ألف هكتار من الأراضي الزراعية. ولا يحمي السد المنطقة من تعرضها لفيضان نهر سيمانوك فحسب، بل يعمل كقلب للري وتوليد الطاقة وصيد الأسماك ومشاهدة المناظر الطبيعية.
وقال مدير البناء بموقع سد جاتيجيدي لتشييد السدود، تشانغ لين، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن "البناء السلس للسد وتشغيله قد ساهما في تنشيط التنمية الاقتصادية في المنطقة وتحسين سبل عيش السكان المحليين، بالتالي كسب التقدير العالي والإشادة من الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال زيارته لإندونيسيا في عام 2013، وكذلك من الحكومة الإندونيسية والخبراء والسكان المحليين".
وفي قرية كوداجايا، الواقعة على بعد كيلومتر واحد فقط من السد، التقى مراسلو وكالة أنباء ((شينخوا)) أسيب تاتانغ روكمانا، وهو موظف محلي في مشروع السد. وكان الموظف، البالغ من العمر 32 عاما، يعمل في مصنع للخبز في منطقة أخرى، ومنذ انضمامه إلى شركة (سينوهيدرو) في عام 2007 للعمل كمساح، ارتقت حياته لمستوى أعلى .
وقال أسيب مبتسما إنه "بعد سنتين فقط من العمل لحساب شركة سينوهيدرو، اشتريت متجرا بمدخرات راتبي"، مضيفا "أنا الآن أعمل كمساح رئيسي لمشروع سد جاتيجيدي لشركة سينوهيدرو، وتعمل زوجتي في المتجر بينما تقوم برعاية أطفالنا، والأعمال جيدة جدا".
وأضاف أن "زملائي الصينيين محترفون للغاية ويعملون بجد للغاية، وهم دائما كرماء بما يكفي لتقاسم خبراتهم معي. لقد تعلمت الكثير منهم".
وقال "أنا أستمتع حقا بحياتي الآن".
من جانبه، قال بيبين ناريسبيندي، رئيس قرية كوداجايا، إنه قبل مشروع سد جاتيجيدي، كانت المنطقة أشبه بغابة بدائية مهمشة. وخلال السنوات العشر الماضية، أصبحت القرية حديثة على نحو متزايد، مع تنشط الأعمال التجارية وشق طرق جديدة وتوفير ماء الصنبور والكهرباء لمنازل القرويين.
كما أدى بناء السد أيضا إلى خلق الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة للقرويين وتدريبهم ليصبحوا عمال بناء محترفين وزيادة دخلهم.
وقال بيبين إنه "على الرغم من أن السد يشغل بعض أراضينا الزراعية ، إلا أنه من منظور أطول، فإن السد يجلب لنا المياه والكهرباء والسياح ويساعدنا في جذب الاستثمار"، مضيفا أنه "وفقا لخطط الحكومة، فإنه سيكون لدينا مناطق تجارية وزراعية وصناعية وسياحية في منطقتنا، لا أستطيع الانتظار لرؤيتها".
وأثناء تفقده سد جاتيجيدي في مارس من عام 2016، قال الرئيس الإندونيسي ، جاكو ويدودو، إنه منذ التخطيط له في ستينيات القرن الماضي، تم الانتهاء أخيرا من بناء سد جاتيجيدي بعد أعوام كثيرة.
وباعتباره ثاني أكبر سد في إندونيسيا، سيقوم سد جاتيجيدي بري 90 ألف هكتار من الأراضي الزراعية ، كما سيمثل أيضا مقصدا سياحيا ومنطقة لصيد الأسماك. كما ستوفر محطة الطاقة الكهرومائية القريبة الكهرباء لمنطقة محلية واسعة، وفقا لما ذكره الرئيس.