من كابول إلى أورومتشي ... "رحلة ملاك" على طول الحزام والطريق
"هذا الوالد، وهذه زينب"، هكذا قال رجب وهو يعرض لوحة مبسطة رسمها فيما كان ينظر بكل حنان إلى ابنته زينب وهي تلهو بأقلام التلوين على سرير بأحد المستشفيات وشمس العصر الدافئة تنشر أشعتها عليه.
جاءت الطفلة زينب وعمرها 3 أعوام من أفغانستان ضمن دفعة أولى من 25 طفلا أفغانيا يعانون من أمراض قلب خلقية ويخضعون الآن للعلاج في أورومتشي، حاضرة منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم بشمال غرب الصين من خلال برنامج "رحلة ملاك" لعام 2018 الذي ينفذه صندوق الصليب الأحمر الصيني.
"إن زينب هي الأكثر نشاطا بين الأطفال الأفغان الذين يتلقون العلاج في أورومتشي، وقد خضعت لجراحة طفيفة التوغل يوم 21 إبريل"، هكذا قالت شو جينغ، الموظفة بصندوق الصليب الأحمر الصيني، مضيفة أن "خبراء من بكين وشانغهاي وشينجيانغ أجروا في المستشفي الأول التابع لجامعة شينجيانغ للطب عمليات جراحية لجميع الـ25 طفلا أفغانيا المصابين بأمرض قلب خلقية باستثناء واحد لم تكن حالته مناسبة للجراحة".
يهوى رجب علي، والد زينب، الرسم كثيرا وغالبا ما يرسم ما تفعله زينب في وقت راحته حيث تحكى معظم رسوماته القصص التي تدور بين زينب والممرضات. "كلما انتهى رجب من الرسم، يقول لنا متحدثا بلغة انجليزية ضعيفة، هذه زينب، وهذه ممرضة، إنها أنت، أنا أرسمكما"، حسبما قالت الممرضة ميسر العاملة بهذا المستشفى.
وبالنسبة لميسر، تمثلت أكبر مشكلة أثناء عملية التمريض في حاجز اللغة، وبدأت تحذو حذو موظفي التمريض الآخرين الذين يستخدمون نطق اللغة الصينية للتعبير عن بعض الكلمات الشائعة في اللغة اليومية المحلية الأفغانية وذلك لكي يتعلموا اللغة ويتواصلوا مع الأهالي بشكل أفضل. وبعد قضاء أسبوع مع الأطفال، صار بإمكان ميسر التعبير باللغة المحلية الأفغانية عن رغبتها في تذكير زينب بعدم وضع الكثير من الملح على الخيار عند تناوله مستخدمة في ذلك الكلمة الأفغانية "باس" (وتعني كفاية). وبما أن جميع الأطفال الأفغان الذين يتلقون العلاج في أورومتشي يأتون برفقة الوالد، فتلعب الممرضات دورا أكثر من أخواتهم وأمهاتهم في مسألة الرعاية والعناية اليومية والحياتية.
وذكر أحمد المترجم بهذا البرنامج أن نتائج الجراحة جيدة جدا، وقد عادت الدفعة الأولى التي تضم 7 أطفال إلى أفغانستان ظهر يوم 25 إبريل. وفي الحقيقة، علم بعض آباء الأطفال ببرنامج "رحلة ملاك" قبل وصولهم إلى الصين، حتى أن أبناء لأصدقائهم أو أقاربهم خضعوا لجراحات في القلب من خلال هذا البرنامج في العام الماضي، لذلك فهم يثقون بالطاقم الطبي الصيني كل ثقة. وعلى الرغم من ذلك، يعاني العديد من الآباء من الأرق في الليلة التي تسبق العملية الجراحية لأبنائهم، حتى أن الدموع تسيل من بعضهم للتنفيس عن التوتر والقلق.
ويقول رجب "لطالما كانت صحة ابنتي أكثر الأمور إثارة للقلق، إنها أهم شيء في حياتي، والآن تمت العملية الجراحية بنجاح بفضل مهارة الخبراء الصينيين ورعاية الممرضات، أشكر الصين وصندوق الصليب الأحمر الصيني شكرا جزيلا على إنقاذ حياة زينب ومنحها حياة ثانية".
وأكد منصور نعمان نائب مدير مركز التأهب للكوارث ومنعها التابع لجمعية الصليب الأحمر بمنطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم في تصريح لوكالة أنباء (( شينخوا)) أن شينجيانغ ستبذل قصارى جهدها لتنفيذ مبادرة الحزام والطريق والمشاركة في برنامج "رحلة ملاك" الإنساني وستساهم في بناء مبادرة الحزام والطريق وتخدمها مستفيدة في ذلك من ميزة الموقع. وفي الوقت ذاته، سيساعد الخبراء الطبيون الذين قدموا من بكين وشانغهاي إلى شينجيانغ لتقديم المشورة في كيفية علاج الحالات المرضية وإجراء الجراحات، سيساعدون في دفع تطور المستوى الطبي في منطقة شمال غرب الصين".
ومن جانبه, ذكر يونس مدير البرنامج من جمعية الهلال الأحمر الأفغانية أن الصين تلعب دورا مهما في هذا البرنامج، ليس في تحمل نفقات العلاج الطبي للأطفال فحسب، وإنما أيضا في تهيئة ظروف جيدة للعلاج. لذا نأمل أن تواصل الصين تنفيذ هذا البرنامج على المدى الطويل وفي أن نحافظ على الشراكة والتعاون معها في مجالات التجارة والتعليم فضلا عن العلاج الطبي.
وتابع يونس بقوله إن الشعب الأفغاني يرحب ترحيبا حارا بمبادرة الحزام والطريق لأنه يثق في الصين حكومة وشعبا وفي العلاقات الثنائية بين الدولتين. فالتفاهم المتبادل هو مفتاح المبادرة، وقد برهن الواقع على أن الشعب الأفغاني يستفيد من هذه المبادرة وبرامج مثل "رحلة ملاك" تعرفه بالصين أكثر فأكثر.
وفي يوم 16 إبريل، التقت عقيلة الرئيس الأفغاني رولا غني أفراد الفريق الطبي للمساعدات الخارجية التابع لجمعية الصليب الأحمر الصينية، وعبرت السيدة الأولى الأفغانية خلال اللقاء عن شكرها الجزيل للصين حكومة وشعبا، قائلة إن العلاقات بين الصين وأفغانستان علاقات أخوية ومشاريع المساعدة الإنسانية التي تقوم الصين بتنفيذها تجسد أواصر الصداقة بين البلدين.
وعند ظهر يوم 25 إبريل، غادرت زينب مع 6 أطفال آخرين بمرافقة آبائهم المستشفى الأول التابع لجامعة شينجيانغ للطب عائدين إلى بلادهم، وابتسمت زينب - كالمعتاد - لكل من ودعها في صالة المستشفى، قائلة "سأتمكن من اللعب مع أصدقائي بعد قليل، ولن أصاب بالإغماء فجأة كما كان من قبل".
جدير بالذكر أن برنامج "رحلة ملاك" -- خطة إنقاذ إنساني -- سيعمق دفع نشاطه في الدول الواقعة بطول الحزام والطريق بالإضافة إلى مواصلة تطبيق مشاريع علاج أمراض القلب الخلقية للأطفال في أفغانستان ومنغوليا.