أداء الواجب والحنين للوطن.. صيني يقضي عيد الربيع في الخرطوم
أداء الواجب والحنين للوطن.. صيني يقضي عيد الربيع في الخرطوم(شبكة الصين)
يُعتبر عيد الربيع أهم أوقات لمّ شمل الأسرة بالنسبة إلى الصينيين، إلا أن بي يونغ هونغ، المدير العام لفرع مجموعة نانتونغ للهندسة والبناء بالخرطوم، اختار قضاء العيد على رأس العمل، لأداء واجبه في بلاد تقع على بعد آلاف الكيلومترات عن وطنه وأسرته.
ولم تعد تجربة بي يونغ هونغ فريدة من نوعها، حيث أن مزيدا من الشركات الصينية بدأت تدخل السوق العالمية مع تفعيل وتعجيل مبادرة "الحزام والطريق". وفي مقابلة مع مراسلة شبكة الصين، تحدث بي يونغ هونغ عن حيرته بين المثابرة على العمل والحنين للوطن خلال السنوات الماضية.
المثابرة على أداء الواجب
بدأ بي يونغ هونغ حياته في قارة أفريقيا منذ تسعينات القرن الماضي، حيث وطئت قدماه القارة السمراء للمرة الأولى في عام 1996. فقضى نحو خمسة أعوام في زيمبابوي، وبعدها انتقل إلى الخرطوم في عام 2005، تلبية لاحتياجات تطوير الشركة للسوق العالمية، ليتولى منصب الرئيس العام لفرع مجموعة نانتونغ للهندسة والبناء هناك. ويُعتبر العام الجاري هو الثالث عشر على بي يونغ هونغ في الخرطوم، وعيد الربيع هذا هو الثامن الذي يقضيه في العمل هناك.
وفي حديث عن سبب عدم عودته إلى الوطن لتحقيق لمّ شمل الأسرة في عيد الربيع، قال بي يونغ هونغ إن ذلك كان من أجل أداء الواجب. مضيفا أن لائحة العطلات الرسمية في السودان تختلف عن الصين، وليس لديه الوقت الكافي للعودة إلى الصين للاحتفال مع أسرته بعيد الربيع. مشيرا إلى أنه مازالت عدة مشاريع تشييد في مرحلة التطوير، وتنتظره كذلك أعمال المزيد من المشاريع الجديدة. وعلاوة عن ذلك، تعمل المرافق السياحية التي استثمرت الشركة فيها بالخرطوم بصورة طبيعية خلال فترة عيد الربيع، وهو ما يعني الحاجة إلى الأيدي العاملة، وقال "اخترت مثل معظم زملائي أن أحتفل بعيد الربيع في الخرطوم بدلا من العودة إلى الوطن والاجتماع بأسرتي".
ولا شك أن حب بي يونغ هونغ للعمل جلب له وللمجموعة نتائج مثمرة، وقال لمراسلة شبكة الصين إن فرع المجموعة شارك في مجموعة مشاريع كبيرة بالخرطوم منذ عام 2005، وبعدها بأربع سنوات شارك في تشييد مدرسة الصداقة في ولايتي البحر الأحمر وكردفان الشمالية بتمويل من حكومة الصين. منوها إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن المرافق السياحية التي استثمرت الشركة فيها بالخرطوم ومنها فندق نانتونغ ومزرعة نيل السودان حظيت بترحيب وثناء الكثيرين في البلاد.
وتربط هذه النتائج العملية مؤسسة بي يونغ هونغ بالشعب السوداني، حيث قال بفخر "إن المشاريع لم تجلب للمجموعة الأرباح فحسب، بل أفادت كذلك الشعب السوداني". مضيفا أنه على سبيل المثال، فإن عدد الموظفين المحليين الذين يعملون في مشاريع فرع المجموعة بالسودان قد تجاوز 100 موظف، ما ساعد في حل مشكلة بطالة الشباب في البلاد.
وأشار بي يونغ هونغ إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، فقد شاركت المجموعة كذلك في دعم المشاريع الخيرية المحلية، حيث تبرعت بمبلغ 100 ألف جنيه سوداني لعدة منظمات محلية بهدف دعم تنمية مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة ودار رعاية أيتام في العاصمة.
حنين للوطن وتطلع للمستقبل
ورغم تحقيق جهوده في العمل بالخرطوم لنتائج مميزة، فإن الحنين للوطن والأسرة يؤرقه دائما، حيث أن زوجته ووالدته في الصين، ما يصعّب تحقيق لمّ شمل الأسرة بسبب بعد المسافة. ويزيد اشتياق بي يونغ هونغ دائما إلى الوطن والأسرة في وقته فراغه، وبشكل خاص مع حلول عيد الربيع الذي يُعتبر أهم أوقات لمّ شمل الأسرة في الصين، حيث يسيطر عليه الشوق إلى أسرته.
ولوصف احساسه، ظل بي يونغ هونغ الذي يعمل خارج الصين لأكثر من 22 عاما صامتا للحظات، ثم قال بلهجة حاول من خلالها التخفيف من حدّة شعوره، إن شوقه بمثابة شعور طبيعي بالنسبة إلى كل عامل مغترب. مضيفا "رغم أني لم أعد إلى الوطن للمّ شمل الأسرة، لكن يمكن أن أتواصل معهم بالاتصال أو الدردشة عبر تطبيق ويشات أو غيره من التطبيقات". وأشار إلى أنه بالمقارنة مع فترة غربته في بداية حياته خلال تسعينات القرن الماضي، فإنه راضٍ تماما بالتغيرات الجديدة.
وما زال بي يونغ هونغ وزملاؤه يحافظون على عادات وتقاليد الاحتفال بعيد الربيع رغم أنهم يعيشون حاليا على بعد آلاف الكيلومترات عنها، حيث زينوا أماكن إقامتهم وفندق الشركة بالفوانيس الحمراء والملصقات والمقصوصات بأشكالها المتنوعة لتجعلها مفعمة بأجواء العيد. كما قضوا كذلك عشية عيد الربيع سويا أمام شاشة التلفاز لمتابعة حفل عيد الربيع الذي يبثه التلفزيون الصيني المركزي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأهم بالنسبة لهم هو إرسال رسائل التهنئة لأفراد أسرهم مع حلول عيد الربيع.
ويبدو أن مظاهر الاحتفال جميعها قربت إلى حد كبير المسافة بينهم وبين وطنهم وعائلاتهم.
وقد تحول شوق بي يونغ هونغ للوطن والأسرة إلى قوة تشجيعية للمثابرة على عمله في الخارج، وقال لمراسلة شبكة الصين إن العمل والحياة خارج البلاد ليس الأمر السهل، لكنه سيثابر على ذلك، كونه يرغب في تحقيق نتائج أفضل وتوفير وضع معيشي جيد لأسرته في المستقبل.
وفي عشية عيد الربيع أجرى بي يونغ هونغ اتصالا هاتفيا بأسرته من مكان عمله بالعاصمة السودانية الخرطوم، حيث بدأ جميع الصينيين الاحتفال بالعيد بمظاهر متنوعة وأضاءت المصابيح الملونة الشوارع وسادت أجواء الفرحة والبهجة. ولم يتمكن بي يونغ هونغ من إخفاء شوقه لأسرته فحسب، بل حكى لهم عن حبه لعمله وتطلعاته للمستقبل.