مساهمات الاقتصاد الصيني
يتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل معدل نمو الاقتصاد العالمي إلى 3.6% في عام 2017، بينما سيكون معدل نمو الاقتصاد الصيني 6.7%، وسيساهم بنسبة 35% من نمو الاقتصاد العالمي. في عام 2017، كيف حافظ الاقتصاد الصيني على النمو المستقر، وما هي تأثيراته في الاقتصاد العالمي؟
مستقر بشكل عام وأفضل من التوقعات
حافظ الاقتصاد الصيني، منذ بداية عام 2017، على الاتجاه العام المتمثل في التقدم مع الحفاظ على الاستقرار، وبلغ معدل نموه في الشهور التسعة الأولى من العام 6.9%، وجاءت مؤشرات التوظيف والأسعار وميزان المدفوعات الدولي وغيرها من أوجه الأداء الاقتصادي أفضل من التوقعات. تم خلق 10.97 ملايين وظيفة جديدة في المدن والبلدات، بزيادة بلغت 300 ألف وظيفة عن نفس الوقت من العام السابق، وسوف يتحقق هدف توفير 11 مليون وظيفة جديدة في المدن والبلدات خلال العام قبل الموعد. ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 1.5%، مقارنة مع نفس الوقت من العام السابق. وازداد متوسط نصيب الفرد من الدخل القابل للإنفاق فعليا بنسبة 7.5%، بزيادة بلغت 1.2 نقطة مئوية عن الفترة المماثلة من العام السابق. وبلغ إجمالي حجم الصادرات والواردات 20.293 تريليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 6.6 يوانات) بزيادة بلغت 16.6%، مقارنة مع نفس الوقت من العام السابق، حيث بلغ حجم الصادرات 11.163 تريليون يوان بزيادة بلغت 12.4%، وبلغ حجم الواردات 9.1299 تريليونات يوان بزيادة بلغت 22.3%. في تقريره حول ((الآفاق المستقبلية للاقتصاد العالمي))، الصادر في أكتوبر 2017، رفع صندوق النقد الدولي توقعه لمعدل نمو الاقتصاد الصيني في عام 2017 وعام 2018 بنسبة 0.1%، كما عدل البنك الدولي في النسخة الأخيرة لـ((التقرير النصف سنوي بشأن اقتصاد شرقي آسيا ومنطقة المحيط الهادئ)) معدل نمو الاقتصاد الصيني في عام 2017 من 6.5% إلى 6.7%.
نتائج جديدة من خلال الحفاظ على الاستقرار
في عام 2017، دخل الاقتصاد الصيني إلى الوضع الطبيعي الجديد الذي يتميز بالنمو بسرعة من متوسطة إلى عالية، وبفضل الإصلاح الهيكلي لجانب العرض وغيره من الإجراءات، تحققت تغيرات ملحوظة في جودة وفعالية وهيكل النمو، حيث تحققت نتائج جديدة من خلال الحفاظ على الاستقرار.
ارتفعت مساهمة قطاع الخدمات في النمو الاقتصادي بشكل متزايد، وازدادت سرعة نمو القيمة المضافة للصناعة الثالثة (الخدمات) في الشهور التسعة الأولى لعام 2017 بنسبة 8.3%، بزيادة بلغت 0.2% عن نفس الفترة من العام السابق. وحققت قطاعات النقل والمواصلات والتخزين وخدمات البريد ونقل المعلومات وبرامج الحاسب وخدمات تقنية المعلومات وخدمات التأجير والتجارة وغيرها من الخدمات الإنتاجية، نموا أسرع. أصبح الاستهلاك القوة المحركة الرئيسية للنمو الاقتصادي، وفي الشهور التسعة الأولى لعام 2017، ارتفعت نسبة إسهام القيمة المضافة لقطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي إلى 52.9%، وبلغت نسبة مساهمة الإنفاق الاستهلاكي في الناتج المحلي الإجمالي 64.5%، بزيادة 2.8%، مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق.
يتقدم الاقتصاد الحقيقي الصيني إلى هدف المستوى المتوسط- العالي. يتسارع نمو قطاع تصنيع التكنولوجيا العالية وقطاع التجهيزات، إذ وصلت نسبة نموهما إلى 13.4% و11.6%، كل على حدة، في الشهور التسعة الأولى لعام 2017. وفي ناحية تقليل القدرات الإنتاجية الفائضة، انخفض حجم إنتاج كل من الفحم الخام والفولاذ الخام بنسبة 9.7% و1.1%، كل على حدة، مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق. وحققت الصين اختراقات هامة في الطيران والطيران الفضائي وطائرات الركاب الضخمة والسكك الحديدية الفائقة السرعة والماكينات ذات التحكم الرقمي والسيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة وغيرها، كما نهضت في التنافس العالمي تجهيزات الاتصال وأجهزة السكك الحديدية الفائقة السرعة ومعدات الطاقة النووية والآلات الهندسية وغيرها من القطاعات.
يتسارع تحول القوى الدافعة للتنمية من القديم إلى الجديد. ساعدت إجراءات الإصلاح التي اتخذتها الحكومة على إخراج القطاعات ذات القدرات الإنتاجية الفائضة من السوق وأسرعت بإصلاح الصناعات التقليدية والارتقاء بها، وتعزيز مشاركة الجماهير في ريادة الأعمال وتشجيع ملايين الناس على ممارسة الأنشطة الابتكارية بشكل مطرد. وتنمو الكيانات الجديدة في السوق، حيث بلغ عدد الشركات الجديدة التي سجلت في الشهور التسعة الأولى لعام 2017، أربعة ملايين وخمسمائة وعشرة آلاف، بزيادة بلغت 12.5%، مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق، وبمعدل يومي 16.5 ألف شركة، وهو أعلى من المعدل في العام السابق. في الوقت نفسه، ارتفعت القدرة على الابتكار بشكل ملحوظ، ففي الشهور التسعة الأولى لعام 2017، بلغ عدد طلبات حق الاختراع التي قدمت مليونين وأربعمائة وثمانين ألفا. وفي تقرير مؤشرات الإبداع في العالم لعام 2017، الصادر عن المنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية، احتلت الصين المركز الثاني والعشرين، متقدمة 12 مركزا مقارنة مع عام 2012.
طاقة إيجابية لانتعاش الاقتصاد العالمي
أصبح النمو المستقر للاقتصاد الصيني القوة الدافعة الرئيسية لنمو الاقتصاد العالمي، ويلعب دورا هاما في الانتعاش المستقر للاقتصاد العالمي بشكل مطرد. في السنوات الأخيرة، ارتفعت مساهمة الاقتصاد الصيني في نمو الاقتصاد العالمي باستمرار. وفقا لتوقع صندوق النقد العالمي، سيرتفع معدل مساهمة الاقتصاد الصيني في نمو الاقتصاد العالمي إلى 34.6% في عام 2017.
الصين تدفع انتعاش التجارة العالمية. فمنذ انفجار أزمة الديون الأوروبية، يتصاعد تيار "مناهضة العولمة"، وصارت ظواهر الميل إلى الحمائية ملحوظة، ولكن الارتفاع الكبير لحجم تجارة الصين الخارجية غير هذا الوضع بقوة. في الشهور التسعة الأولى لعام 2017، ازداد إجمالي حجم واردات وصادرات الصين بنسبة 16.6%، مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق. وفقا لبيانات منظمة التجارة العالمية، احتل حجم واردات الصين 10.9% من حجم الواردات في العالم في الفترة من يناير إلى أغسطس، بزيادة 0.7%، مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق، الأمر الذي يدفع انتعاش التجارة العالمية بشكل فعّال.
أصبح "الحزام والطريق" أكثر منتج عام دولي إقبالا. في الشهور التسعة الأولى لعام 2017، ازداد حجم الاستثمارات الصينية الجديدة في السبع وخمسين دولة الواقعة على طول "الحزام والطريق" 9.6 مليارات دولار أمريكي، بما يعادل 12.3% من إجمالي حجم الاستثمارات الخارجية في تلك الدول خلال تلك الفترة، وبزيادة بلغت 4%، مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق. وازداد حجم التبادل التجاري للصين مع تلك الدول بنسبة كبيرة، ففي الشهور التسعة الأولى لعام 2017، ارتفع إجمالي حجم الواردات والصادرات بين الصين وكل من روسيا وبولندا وكازاخستان بنسبة 27.7% و24.8% و41.1% كل على حدة. استثمارات الصين وتعاونها مع الدول الواقعة على طول "الحزام والطريق" يدفع نمو الاقتصاد والتوظيف المحلي في تلك الدول. خلقت الشركات الصينية 247 ألف وظيفة محلية حتى نهاية أغسطس 2017، في تلك الدول. على سبيل المثال، أصبحت منطقة سيهانوكفيل الاقتصادية الخاصة في كمبوديا قاعدة هامة لإنتاج المنسوجات هناك، وتجاوزت نسبة مساهمتها في اقتصاد مقاطعة (بريا) سيهانوكفيل 50%، بينما تم توظيف 17 ألف شخص محلي. وجدير بالذكر أن خط الصين- أوروبا للسكك الحديدية صار نقطة لامعة كبيرة في "الحزام والطريق"، حيث يعتمد على الجسر البري الأوراسي الجديد وجسر سيبيريا البري لفتح 57 خطا للسكك الحديدية في 34 مدينة صينية لربطها مع 34 مدينة في 12 دولة أوروبية، وتم تسيير أكثر من 2500 رحلة قطار ذهابا وإيابا منذ بداية عام 2017 لتصدير المنتجات من البضائع الصغيرة والمنتجات الإلكترونية رئيسيا إلى المنسوجات والسيارات ومعدات السيارات وتجهيزات الآلات والأثاث وغيرها، بينما تم استيراد نبيذ العنب الفرنسي والبيرة الألمانية والحليب البولندي وغيرها إلى الصين على متن القطارات العائدة.
قدمت الصين مشروع الصين للحوكمة العالمية في العصر الجديد. إن مفهوم "رابطة المصير المشترك للبشرية" الذي طرحته الصين وجهود الصين في دفع ديمقراطية منظومة الحوكمة العالمية وتجسيد المزيد من مطالب الدول النامية وغيرهما من النواحي، تلعب دورا بالغ الأهمية في الحوكمة العالمية. في عام 2017، استضافت الصين الدورة التاسعة لقمة بريكس في مدينة شيامن، مما فتح "العشر سنوات الذهبية" الثانية من التعاون بين دول بريكس. وتعتزم الصين بناء هيكل أكثر فعالية للحوكمة العالمية الاقتصادية ليعكس وضع الاقتصاد العالمي الحالي، وأصدرت ((إعلان شيامن)) الذي طرح بناء آلية ترتيب احتياطي الطوارئ لتبادل معلومات الاقتصاد الكلي وإنشاء أول مكتب إقليمي لبنك التنمية الجديد في جنوب أفريقيا، كما أجاز المؤتمر 63 اتفاقا وبيانا بشأن التعاون في السياسة والأمن والاقتصاد والتبادلات الإنسانية وغيرها من المجالات. كل هذا يعزز حق الكلام للأسواق الناشئة والدول النامية في الحوكمة العالمية، ويقدم قوة محركة جديدة لمعالجة مشكلة عدم التوازن بين تنمية الجنوب والشمال ودفع نمو الاقتصاد العالمي.