مقالة خاصة: تمويل مشاريع الحزام والطريق ... فرص بقيمة تربو على 10 تريليونات دولار أمريكي
تسعى المصارف الصينية للاستفادة من الفرص التي تتيحها الحاجة لاستثمارات ضخمة وتمويلات هائلة في مناطق الحزام والطريق، حيث تجتذب المستثمرين إمكانات تأسيس مشاريع للبنى التحتية وصناعات أقل تطورا.
وقال هونغ تشي، رئيس بنك مينشنغ الصيني، وهو مصرف تجاري مشترك رائد، "أغلب الدول على طول الحزام والطريق هي اقتصاديات نامية تذخر بالعديد من الفرص في مجال البنى التحتية والنقل عبر السكك الحديدية والتنمية العمرانية واللوجستيات والتجارة الإلكترونية العابرة للحدود وغيرها من المجالات" .
وخلال حديثه في أحد المنتديات التي عقدت مؤخرا، قال هونغ إن تمويل البنى التحتية وحده يتطلب ما يصل إلى 10 تريليونات دولار أمريكي خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
وبالرهان على تلك الآفاق، وقع المصرف الذي يتخذ من بكين مقرا له، اتفاقات إقراض بقيمة تتجاوز 10 مليارات دولار أمريكي مع شركات من أكثر من 30 دولة ومنطقة، فيما يجري الإعداد لتمويل المزيد من المشروعات من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ولا يعد مصرف مينشنغ هو البنك الوحيد الذي عزز توجهه صوب الحزام والطريق، فقد قام مقرضون آخرون بينهم البنك الصناعي والتجاري الصيني وبنك (إيفربرايت) الصيني أيضا باللحاق بهذا الركب. وحتى نهاية 2016، قامت 9 مصارف صينية بتأسيس 62 فرعا لها في 26 دولة ومنطقة على طول الحزام والطريق، بحسب بيانات لجنة التنظيم المصرفية الصينية.
وقال خه يا في النائب السابق لوزير الخارجية الصيني "ثمة آفاق واعدة للمصارف لتمويل الحزام والطريق".
وتهدف مبادرة الحزام والطريق، التي طرحتها الصين في 2013 إلى بناء شبكات للتجارة والبنى التحتية تربط آسيا بأوروبا وأفريقيا وترتكز على المسارين البري والبحري لطريق الحرير القديم. ويعتقد محللون أن ثمة فرصا واعدة للشركات العالمية لزيادة وجودها واستثماراتها في المناطق التي سيتم تطويرها حيث لا تزال المرافق العامة متخلفة.
كما تم تأسيس مصرف متعدد الأطراف ، متمثل في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، بالإضافة إلى صندوق طريق الحرير، لتمويل مشاريع الحزام والطريق.
ومن خلال الدعم المالي، ازدادت الاستثمارات بشكل مطرد على طول الحزام والطريق. وخلال الأشهر العشرة الأولى من 2017، ضخ المستثمرون الصينيون 11.2 مليار دولار أمريكي في 53 دولة ومنطقة على طول الحزام والطريق.
وبفضل الأموال التي جرى ضخها، تتحسن البنية التحتية في آسيا على نحو مطرد، حيث تطورت شبكات النقل وتم إنشاء المزيد من المرافق العامة، التي تدرجت من محطات كهرباء إلى مستشفيات.
وقال تشانغ يان شنغ، الباحث بالمركز الصيني للتبادلات الاقتصادية الدولية، "سيتم إحراز المزيد من التقدم الملحوظ بحلول 2020"، مشيرا إلى أن السكك الحديدية والطرق السريعة التي ستمتد إلى المزيد من المناطق بما في ذلك منطقة جنوب شرق آسيا ومنطقة البحر المتوسط.
وقال روبين شينغ، كبير الاقتصاديين المختصين بالشأن الصيني في مؤسسة مورجان ستانلي "نمو الاستثمارات على طول الحزام والطريق سيتسارع خلال العامين المقبلين، مع توقعات بنمو مركب في خانة العشرات خلال عامي 2018 و 2019."
وقال شينغ إن التحسن لن يطال البنى التحتية وحدها، إذ أن التجارة العالمية ستستفيد أيضا، مضيفا أن "دول الحزام والطريق ستشهد زيادة بواقع 10 بالمئة في صادراتها خلال عشرة أعوام بسبب الاستثمارات الصينية، حيث ستعمل الموانئ والسكك الحديدية الأفضل على تسهيل تدفق البضائع".
وبينما تجري عمليات تشييد الحزام والطريق على قدم وساق، إلا أن المخاوف بشأن مخاطر الاستثمار لا تزال عالقة، وهو ما يعزى بشكل رئيسي إلى عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي على الصعيد الإقليمي .
وقال شياو يا تشينغ، رئيس لجنة مراقبة وإدارة الأصول المملوكة للدولة، إن المخاطر التي تواجه الشركات الصينية المملوكة للدولة وكبار المستثمرين في مناطق الحزام والطريق، يمكن السيطرة عليها تماما.
وعلى مدار الأعوام الثلاثة الأخيرة، شاركت 47 شركة صينية مملوكة للدولة وتشرف عليها لجنة مراقبة وإدارة الأصول المملوكة للدولة، في 1676 مشروعا في دول ومناطق على طول الحزام والطريق، في مجالات الطاقة والبنى التحتية والتعاون الصناعي . وشهدت تلك الاستثمارات تخطيطا وتنظيما جيدين، كما تم تشديد الرقابة على عملية اتخاذ القرار، بحسب ما ذكر شياو.
وقال شينغ إن المخاطر ستكون قليلة، مضيفا أنه "حتى إذا بلغ حجم الاستثمارات 60 مليار دولار أمريكي سنويا ... فإن هذا المبلغ لا يزال أقل من ثلث فائض الحساب الجاري للصين، كما يمثل نحو 0.5 بالمئة من القيمة الاسمية لإجمالي الناتج المحلي."