تقرير إخباري: ندوة دولية تناقش في تونس فرص وآفاق التعاون بين الصين وإفريقيا
تونس 9 أكتوبر 2024 (شينخوا) عُقدت اليوم (الأربعاء) في تونس العاصمة أعمال ندوة دولية بعنوان "الصين-إفريقيا: فرص وآفاق بناء مجتمع مشترك في العصر الجديد"، نظمها المعهد الدبلوماسي التونسي بالتعاون مع وزارة الخارجية التونسية وسفارة الصين في تونس.
وجرت أعمال الندوة بمقر الأكاديمية الدبلوماسية الدولية بتونس التي تُعتبر إحدى ثمرات التعاون الناجح بين تونس والصين، وشارك فيها عدد لافت من كبار المسؤولين الحكوميين التونسيين، إلى جانب عدد من الدبلوماسيين العرب والأفارقة المقيمين بتونس، بالإضافة إلى عدد من الخبراء الصينيين.
ورأى الخبراء الذين تحدثوا خلال الندوة، أن أهمية هذه الندوة تأتي فيما تتزايد في إفريقيا الدوافع التي تجعل دول القارة تُسارع إلى الانضمام والانخراط بشكل أكبر في مختلف الرؤى التي تطرحها الصين لإنشاء نظام عالمي جديد يضمن التوازن العالمي.
وأكد عدد من هؤلاء الخبراء أن منطقة شمال إفريقيا يمكن أن تساعد الصين على مواجهة التحديات الماثلة على مختلف الأصعدة، وخاصة منها تغير المناخ والسعي إلى ترسيخ التنمية المستدامة.
وشدد سفير الصين لدى تونس وان لي، في كلمته التي ألقاها في جلسة افتتاح هذه الندوة، على أن الصداقة الصينية الإفريقية تمتد عبر الزمان والمكان.
وأشار في هذا الصدد إلى أن الشهر الماضي، شهد حدثا تاريخيا جديدا في سياق تميز العلاقات بين الصين وإفريقيا، ألا وهو انعقاد قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي (فوكاك) 2024.
وأضاف قائلا "لقد ناقش الرئيس شي جين بينغ وقادة 53 دولة إفريقية، مبادئ التعاون الصيني الإفريقي في العصر الجديد وصياغة خطة عمل.. خطة لتنمية العلاقات الصينية الإفريقية في العصر الجديد".
وتابع "لقد حان الوقت لعقد ندوة هنا في تونس لاستعراض إنجازات التعاون الصيني الإفريقي والنظر في مستقبل العلاقات بين الصين وإفريقيا".
وأردف "لقد ظلت الصين الشريك التجاري الأكثر أهمية لإفريقيا لمدة 15 عاما متتالية، حيث وصلت التجارة بين الصين وإفريقيا إلى 282.1 مليار دولار في عام 2023، كما شهد حجم المنتجات الزراعية المستوردة من إفريقيا نموا إيجابيا لمدة 7 سنوات متتالية".
وأضاف أنه "على مدار الـ 24 عاما الماضية، قامت الشركات الصينية ببناء وتحديث أكثر من 10 آلاف كيلومتر من السكك الحديدية، وما يقارب 100 ألف كيلومتر من الطرق وحوالي 1000 جسر في إفريقيا، إلى جانب قيام الشركات الصينية بخلق أكثر من 1.1 مليون فرصة عمل محلية على مدى السنوات الثلاث الماضية".
وبحسب الدبلوماسي الصيني، فإن الصين قامت بتدريب أكثر من 220 ألف شخص مؤهل في قطاعات مختلفة لصالح الدول الإفريقية، مع الأخذ في الاعتبار احتياجاتها الحقيقية.
من جهته، قال كاتب الدولة لدى وزير الخارجية التونسي محمد بن عياد في كلمته خلال الندوة، إن "الصين صديق مُخلص لإفريقيا، وعلى وجه الخصوص، لتونس.. لقد بنينا معها (أي الصين) رابطة تعاون مبنية على الاحترام المتبادل ومبدأ الربح للجانبين".
وتابع "لقد تم رفع هذا التعاون بين تونس والصين إلى مستوى استراتيجي وذلك بمناسبة الزيارة التاريخية التي قام بها رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى بكين".
وأشار إلى " تعاون تونس والصين لوضع برنامج تعاون عالمي يؤثر على عدة مجالات، لا سيما البنية التحتية والإنشاءات الكبرى والصحة والتعليم والشباب والرياضة والتكنولوجيات الجديدة والاقتصاد الأخضر، وما إلى ذلك".
وتابع المسؤول التونسي قائلا إن "الوضع الحالي لهذا التعاون يجعلنا متفائلين للغاية بشأن هذه الرغبة التونسية الصينية المشتركة للمضي قدما نحو مستقبل أكثر ازدهارا على أساس الخيارات المشتركة والمشتركة للبلدين والشعبين".
وشدد على أن "الرغبة الصينية في المساهمة في تنمية إفريقيا تجلت بوضوح خلال منتدى التعاون الصيني الإفريقي الأخير مع الإعلان عن عدة مبادرات تمويل صينية جديدة وآفاق جديدة لمستقبل مشترك".
وبحسب المسؤول الحكومي التونسي، فإن "غالبية الدول الإفريقية تشترك الآن في نفس الرؤية الصينية، وتراهن أكثر على التعاون مع الصين الذي من شأنه كسر النظام القديم غير المتوازن الذي يغذي التفاوت وعدم تكافؤ الفرص".
ولفت إلى أن هذه الرؤية الجديدة للتعاون الصيني الإفريقي، ترتكز بشكل خاص، على تعزيز رأس المال البشري، وإنتاج القيمة المضافة والثروة، وهو ما يتماشى مع كل من مبادرة الحزام والطريق وأجندة التنمية لإفريقيا 2063.
وخلص المسؤول التونسي إلى القول إنه بالنظر إلى خيارات تونس وتوجهاتها وإمكانياتها وموقعها الاستراتيجي، فإنها "مستعدة ومصممة على لعب دور الفاعل الرئيسي في إنجاح هذا التعاون مع الصين"، مشيرا في هذا السياق إلى أن الحكومة التونسية الحالية "ملتزمة تماما بتطوير الشراكة الثنائية مع شريكنا الصيني".
وتحدث خلال هذه الندوة المدير العام بالنيابة للأكاديمية الدبلوماسية الدولية بتونس رياض الدريدي، حيث اعتبر أن "أهمية هذا الندوة تكمن في تزامنها مع الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين تونس والصين".
وقال "ستون عاما من التعاون المثمر من أجل المصلحة المشتركة والمستقبل المستدام، وهو تعاون يشمل أيضا إفريقيا، التي كان اسمها في الماضي البعيد اسم تونس".
من جهته، أشار الأكاديمي الجزائري عبد القادر دندان الأستاذ المحاضر بجامعة باجي مختار الجزائرية، إلى أنه "من الناحية السياسية، تتقاسم الصين وإفريقيا وجهات نظر متطابقة إلى حد كبير بشأن القضايا الأساسية المتعلقة بإعادة هيكلة وإعادة بناء النظام العالمي، من الأحادية إلى التعددية".
وقال دندان لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه "على المستوى الاقتصادي، طورت الصين مفهومها الخاص للعولمة ذات الخصائص الصينية، وهو منظور بديل لمنظور الليبيرالية الجديدة الغربي الذي فشل في الوفاء بوعوده بالرخاء للعالم".
وأعرب عن اعتقاده بأنه من أجل التجسيد العملي لحوافز التعاون بين منظورها العالمي وإمكانات إفريقيا، اتبعت الصين دبلوماسيات متعددة، بما في ذلك دبلوماسية التنمية السلمية، ودبلوماسية الطاقة، والسلام، والدبلوماسية الصحية، والدبلوماسية الثقافية.
وأضاف أن "للصين حاليا صورة إيجابية في الوعي الجماعي الإفريقي، وذلك لعدة عوامل من بينها العامل التاريخي، حيث لم تكن الصين قوة استعمارية أو إمبريالية، كما أن نجاح التجربة الاقتصادية الصينية جعل من الصين نموذجا مثاليا للدول الإفريقية".
وختم تصريحه بالقول إن هناك "رؤى مشتركة حول وضع النظام الدولي الحالي حيث لدى معظم الدول الإفريقية رؤية مماثلة لرؤية الصين بشأن الحاجة إلى الخروج من الأحادية القطبية الغربية إلى التعددية القطبية".