مقابلة خاصة: خبير: مشاركة تونس في "فوكاك 2024" يعكس إرادة سياسية لتعزيز علاقات الشراكة مع الصين
تونس 2 سبتمبر 2024 (شينخوا) اعتبر الخبير التونسي في العلاقات الدولية الأكاديمي كمال بن يونس، أن مشاركة تونس في قمة منتدى التعاون الصيني-الإفريقي (فوكاك) لعام 2024، يعكس إرادة سياسية لدى القيادة التونسية وحرص على تعزيز علاقات الشراكة مع الصين.
وقال بن يونس الذي يرأس مؤسسة (ابن رشد) للدراسات العربية والإفريقية في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) إن هذه المشاركة "تكرس أيضا حرص الدولة التونسية ورجال الأعمال التونسيين على تنويع الشركاء الدوليين استثمارا وتجارة وسياحة".
وأعلنت تونس أنها ستُشارك في قمة منتدى التعاون الصيني-الإفريقي، التي ستعقد في بكين في الفترة من 4 إلى 6 سبتمبر الجاري تحت عنوان "التكاتف لدفع التحديث وبناء مجتمع صيني-إفريقي رفيع المستوى ذي مستقبل مشترك".
وقالت الرئاسة التونسية في بيان إن الرئيس قيس سعيد اجتمع مساء أمس مع رئيس الحكومة كمال المدوري، حيث تم خلال هذا الاجتماع تناول برنامج الزيارة، التي سيقوم بها المدوري إلى العاصمة الصينية للمشاركة في أعمال منتدى التعاون الصيني-الإفريقي.
وأضافت أن الرئيس سعيد أعاد بهذه المناسبة التذكير "بزيارة الدولة التي كان أداها إلى الصين خلال الفترة ما بين من 28 مايو إلى 1 يونيو الماضيين، والتي تُوّجت بإقامة علاقات شراكة استراتيجية بين تونس والصين، إلى جانب عدد من الاتفاقيات الأخرى التي تم إبرامها بين البلدين".
وفي إطار التحضير لمشاركة تونس في المنتدى، اجتمع رئيس الحكومة التونسية في 20 أغسطس الماضي بسفير الصين لدى تونس وان لي.
وثمن المدوري خلال الاجتماع "العلاقات المتميّزة بين البلدين والتي تعززت بتوقيع عدة إتفاقيات تعاون في العديد من المجالات"، بحسب بيان وزعته في ذلك الوقت رئاسة الحكومة التونسية.
وترتبط تونس والصين بعلاقات دبلوماسية منذ سنة 1964.
وأكد رئيس الحكومة التونسية حرص بلاده على مزيد تطوير هذه العلاقات والاستفادة من فرص التعاون خاصة في المجال الاقتصادي، بما يخدم مصلحة البلدين.
ونوه سفير الصين لدى تونس خلال الاجتماع "بمستوى التعاون القائم بين تونس والصين"، مؤكدا "استعداد الصين لمواصلة العمل المشترك والارتقاء بمستوى التعاون بين البلدين ودعم آفاقه المستقبلية".
وبحسب الخبير التونسي، فإن اهتمام الرئيس قيس سعيد بهذه الزيارة ومشاركة بلاده في أعمال القمة، يندرج ضمن مسار سياسي واقتصادي نحو الصين بدأ قبل عقود، وتعزز خلال الأعوام القليلة الماضية بعد تبادل الزيارات في أعلى مستوى بين كبار المسؤولين في الدولة وفي قطاع المال والأعمال.
وتابع أن هذا المسار" تطور وأخذ نسقا أسرع بعد مشاركات تونس في القمة الصينية العربية في الرياض ثم في المؤتمر الوزاري العربي الصيني رفيع المستوي الذي كان الرئيس التونسي قيس سعيد ضيف شرف فيه".
وأردف بن يونس قائلا "... لقد تأكد التقارب التونسي الصيني ودعم تونس للشراكة مع بكين من خلال إنجاز المشروع العملاق للمعهد الدبلوماسي التونسي الدولي بتونس بتمويل صيني، وهو معهد سيكون مفتوحا لآلاف الدبلوماسيين والخبراء من العالم أجمع وخاصة من إفريقيا والصين وشركاء تونس في المنطقتين الأورومتوسطية والعربية الإسلامية".
وأكد "أن هناك العديد من الفرص الإضافية التي تتوفر حاليا لدفع العلاقات بين تونس والصين إلى أفق أوسع"، لافتا في هذا الصدد إلى أن المشاركة في اجتماعات بكين "تُعد تمهيدا لخطوات عملية لإحداث نقلة جديدة في آليات التعاون بين الصين وتونس والصين وبقية الدول الإفريقية".
واعتبر أن مثل هذه الآليات "ستُؤسس لشراكة ومبادلات ثلاثية ومتعددة الأقطاب، بما في ذلك مع كبار شركاء الصين في منظمة شانغهاي للتعاون ومجموعة البريكس، وذلك بالنظر إلى حجم المشاركة السياسية والاقتصادية الإفريقية في المنتدى المرتقب، وإلى دور الصين التي تحولت إلى قوة اقتصادية دولية هامة، باعتبارها، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر شريك تجاري لإفريقيا".
وذكر تقرير صدر يوم الخميس الماضي وصاغه كل من مكتب المجموعة القيادية لتعزيز مبادرة الحزام والطريق واللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح وسلطات أخرى، أن الصين ظلت أكبر شريك تجاري لإفريقيا للعام الـ15 على التوالي.
وفي العام الماضي، بلغ حجم التجارة بين الصين وإفريقيا 282.1 مليار دولار أمريكي، مسجلا رقما قياسيا جديدا للعام الثاني على التوالي. وقال شيوي جيان بينغ، المسؤول في اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح إنه حتى نهاية عام 2023، تجاوز حجم الاستثمار المباشر للصين في إفريقيا 40 مليار دولار.
ويرى مراقبون، أن القمة ستكون أكبر حدث سياسي ودبلوماسي واقتصادي بعد أن أكد العديد من زعماء وقادة دول إفريقية المشاركة فيها، ويتوقعون أن تُعزز اجتماعات (فوكاك) 2024 دور الصين كشريك رئيسي في تنمية إفريقيا.
لذلك، يقول كمال بن يونس إن "مشاركة تونس في مثل هذه التظاهرات الدولية الصينية الإفريقية تعكس وجود إرادة لدعم مسار شراكات وفق قاعدة تقاطع المصالح بما يساهم في تعديل المعطيات الجيواستراتيجية في المنطقة".