مقالة خاصة: "السيدات الرئيسات" الصينيات المتحدثات بلغات متعددة والمدعومات بالذكاء الاصطناعي يوسعن نطاق وصولهن العالمي

التاريخ: 2024-06-19 المصدر: شينخوا
fontLarger fontSmaller

في الصورة الملتقطة يوم 21 فبراير 2024، مقطع فيديو باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يقدم المنتجات باللغات المتعددة في سوق ييوو للتجارة الدولية في مدينة ييوو بمقاطعة تشجيانغ شرقي الصين. (شينخوا)

بقلم: تشنغ لو وتشو هان ودوان جينغ جينغ

هانغتشو 18 يونيو 2024 (شينخوا) تلتقي مئات النساء في سوق الجملة المترامي الأطراف كل صباح في مدينة ييوو بمقاطعة تشجيانغ في شرقي الصين التي تُعرف باسم "سوبر ماركت العالم". ومع ذلك، فإن هؤلاء النساء لسن متسوقات متحمسات! إنهن سيدات رئيسات طموحات يتنافسن على المواقع الرئيسية المكتظة لما يعرف بـ "الركن الإنجليزي" لتعلم هذه اللغة.

لقد بنت هؤلاء السيدات الرئيسات إمبراطوريات تجارية مزدهرة جعلت العديد منهن مليونيرات أو حتى مليارديرات، حيث يرفض أن تعيق الحواجز اللغوية تطلعاتهن التجارية العالمية، سواء كانت جوارب أو مظلات أو ألعاب أطفال، أو أي سلع أخرى تعتبر المدينة مصدرا لها.

إحدى هؤلاء الرائدات هي فو جيانغ يان التي تبلغ من العمر 42 عاما، وتدير متجرا للجوارب في سوق ييوو للتجارة الدولية، أكبر سوق جملة للسلع الصغيرة في العالم.

وخلال 40 دقيقة بعد وصولهن إلى مواقع "الركن الإنجليزي"، تقوم فو وطالبات أخريات بوضع أوراق ويتدربن على المحادثات والمصطلحات الإنجليزية الأساسية المتعلقة بجداول الشحنات والمخزون وتفاصيل التغليف وطرق الدفع، تحت إشراف أحد المعلمين.

في الشركات النموذجية التي تديرها الأسر في ييوو، تدير النساء المتاجر في السوق وتتفاوض مباشرة مع المشترين الأجانب، بينما يشرف أزواجهن على المصانع القريبة. وبحسب فو، تُعرف هؤلاء النساء توددا باسم "السيدات الرئيسات".

ويتردد ما يقدر بنحو 3500 تاجر أجنبي على سوق ييوو التجاري الدولي يوميا.

وقالت فو: "يفضل العملاء الأجانب التعامل مع شخص يتحدث لغتهم بدلا من الاعتماد على مترجمين غير شخصيين"، مضيفة: "قد لا تكسب فقط الطلبات، بل الأصدقاء ومنظورا أوسع، والعديد من المفاجآت السارة الأخرى."

نظمت شركة مجموعة تشجيانغ تشاينا كوموديتيز سيتي هذه "الزوايا الإنجليزية" التي نقلت المهارات اللغوية إلى 500 ألف بائع على مدار الـ 17 عاما الماضية، حسبما ذكره تشانغ لي، نائب المدير العام لمركز الموارد البشرية في الشركة.

وقال تشانغ:" لقد أصبح تعلم اللغة الإنجليزية اتجاها واسع الانتشار".


- أكثر من مجرد لغة إنجليزية

بالنسبة لهؤلاء "السيدات الرئيسات" في الأعمال مثل فو، فإن إتقان اللغات الأجنبية أكثر من مجرد اتجاه، إنها "استراتيجية عمل حاسمة"، حيث تبيع فو مع زوجها 20 مليون زوج من الجوارب سنويا، يتم تصديرها بشكل رئيسي إلى أمريكا الجنوبية والشرق الأوسط وجنوب أفريقيا، وتمثل الأخيرة نسبة مذهلة تبلغ 70 في المائة من إجمالي مبيعاتهما.

ومع توسع أعمال فو إلى المزيد من القارات، أدركت أن إتقان اللغة الإنجليزية لم يكن كافيا. فشرعت في تعلم اللغة الإسبانية والكورية والعربية، وخصصت أمسياتها بعد إغلاق المتجر للسعي في تعلم هذه اللغات.

بدأت فو بالدراسة الذاتية عبر الإنترنت، ثم التحقت وقتها بمواقع "ركن اللغة الإسبانية" التي نقلت المهارات اللغوية إلى أكثر من ألفي شخص خلال السنوات الثلاث الماضية.

وبدورها، قالت جين تشنغ بينغ، رئيسة شركة تدريب لغوي محلية، إنه ولتلبية متطلبات التجارة الدولية، تقدم شركات التدريب اللغوي في ييوو أيضا دورات بلغات مثل العربية والبرتغالية للتجار وشركات التجارة الخارجية.

يعد متجر فو من بين 75 ألف كشك في سوق ييوو للتجارة الدولية الذي يقدم ما يقرب من 2.1 مليون نوع من البضائع التي يتم شحنها إلى كل ركن من أركان العالم تقريبا.

لقد تحولت مدينة ييوو من مدينة فقيرة منذ عقود إلى "سوبر ماركت العالم"، وباتت ترمز للحيوية والمرونة في اقتصاد الصين، حيث لا غنى عن سلعها في سلاسل الصناعات والعرض والتجارة في العالم.

تصنع ييوو حوالي ثلثي زينة عيد الميلاد في العالم. وبالإضافة إلى ذلك، وعند الاستمتاع بمباريات كرة القدم أو حضور الحفلات الموسيقية أو التسوق لشراء الملابس، فإن من المحتمل أن تكون جوارب كرة القدم أو عصي الإضاءة أو أزرار القمصان التي تراها قد جاءت من أحد أكشاك ييوو العديدة.

واصلت قيمة الواردات والصادرات في ييوو إظهار نمو قوي هذا العام بعد أن تجاوزت قيمة التجارة الخارجية في ييوو حاجز الـ500 مليار يوان (حوالي 70.32 مليار دولار أمريكي) لأول مرة في عام 2023. وفي الفترة من شهر يناير إلى شهر أبريل من العام الحالي، وصلت إلى 201.06 مليار يوان، بزيادة 22 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، وبلغت قيمة الصادرات 176.38 مليار يوان.

تعد أفريقيا وأمريكا اللاتينية ودول الآسيان من بين الشركاء التجاريين الرئيسيين لييوو، حيث شهدت زيادات بنسب 19 في المائة و34.9 في المائة و38.7 في المائة على التوالي من حيث قيمة التجارة مع الشركاء الرئيسيين المذكورين في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام. وبالإضافة إلى ذلك، شهدت تجارة ييوو الخارجية مع الهند والمملكة العربية السعودية نموا كبيرا.

في الصورة الملتقطة يوم 6 يونيو 2024، فو جيانغ يان (الثانية إلى اليسار، الصف الأمامي)، التي تدير متجرا للجوارب في سوق ييوو للتجارة الدولية، تحضر درسا في اللغة الإسبانية في مدينة ييوو بمقاطعة تشجيانغ شرقي الصين.(شينخوا)


- أدوات جديدة وآفاق جديدة

وقالت فو مياو لينغ، وهي سيدة أعمال أخرى من ييوو متخصصة في منتجات الخيزران: "في الماضي، كنا نعتمد في كثير من الأحيان على المترجمين والآلات الحاسبة وحتى لغة الجسد للتوسط في الصفقات مع المشترين الأجانب".

وأضافت فو: "على الرغم من أن تعلم اللغات الأجنبية يمكن أن يساعد في الحفاظ على مجموعة عملائنا وتوسيعها، إلا أن من المستحيل تقريبا إتقان كل اللغات عندما تصل منتجاتنا إلى أكثر من 100 دولة"، مؤكدة: "نحن بحاجة إلى أدوات جديدة."

تتطلع "السيدات الرئيسات" في ييوو الآن إلى الذكاء الاصطناعي، حيث تستفيد المدينة من زخم الاقتصاد الرقمي المزدهر في الصين.

فعلى سبيل المثال، بدأت فو جيانغ يان باستخدام تطبيق مبتكر لتحسين مقاطع الفيديو الخاصة بمنتجاتها. بعد التسجيل باللغة الصينية، يقوم التطبيق بتحويل كلامها إلى 36 لغة، بما في ذلك اللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والعربية، مع مزامنة حركات شفتيها.

ويستخدم حاليا أكثر من 10 آلاف بائع في ييوو هذا التطبيق المزود بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والذي تم إطلاقه في أواخر العام الماضي.

وبالاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من مثل هذا النوع، ظهرت فو وسبع نساء أخريات على الشاشات الشهيرة في ميدان تايمز سكوير في نيويورك الشهر الماضي، حيث عرضن أعمالهن أمام جمهور عالمي.

كما تحسنت فو في مهارات إضافية مثل تحرير مقاطع الفيديو القصيرة. ففي إحدى المرات، استقطب مقطع فيديو نشرته على وسائل التواصل الاجتماعي مدته أقل من دقيقة، استقطب انتباه زبون ألباني بسرعة. وفي اليوم التالي مباشرة، طلب الزبون 12 ألف زوج من جوارب عيد الميلاد التي باعتها عائلة فو.

ومن جانبها، قالت سفينيا نيومان، وهي تاجرة ألمانية تتمتع بخبرة تمتد لسنين في ييوو: "إن سيدات أعمال ييوو اليوم لسن مثل سابقاتهن"، مضيفة: "إنهن يستخدمن الآن أدوات رقمية مختلفة لاكتساب العملاء وتقديم العروض وإدارة الطلبات".

تحتضن مدينة ييوو حاليا أكثر من 15 ألف تاجر أجنبي.

وكما قالت فو: "مدينة ييوو ودودة للغاية بالنسبة لهم، لقد تزوج الكثير منهم من مواطنين صينيين واشتروا منازل في المدينة وجعلوها بيوتا لهم".

ونظرا لأن ابن فو البالغ من العمر 17 عاما يتحدث الإنجليزية بطلاقة، فإن فو تطمح إلى أن يتابع ابنها تعليمه العالي، سواء في الصين أو في الخارج.

وقالت فو:"نأمل أن ينضم إلى شركتنا العائلية يوما ما"، مضيفة: "إذا اختار دراسة التجارة الدولية أو التجارة الإلكترونية، فسيكون أفضل. كما سيمكنه المساعدة في نقل أعمالنا إلى آفاق جديدة."

تحرير: تشن لو يي