تقرير إخباري: سياسيون ومحللون سودانيون: منتدي التعاون الصيني العربي آلية مهمة لتعزيز الروابط بين الجانبين
الخرطوم 31 مايو 2024 (شينخوا) أكد سياسيون ومحللون سودانيون أهمية منتدي التعاون الصيني العربي في تعزيز الروابط الصينية العربية، وأعربوا أن تشكل مخرجات المنتدي الذي اختتم أعماله أمس (الخميس) قوة دفع جديدة بمسار العلاقات بين السودان والصين.
وقال وزير الثقافة والإعلام السوداني دكتور جراهام عبد القادر "يشمل منتدي التعاون الصيني العربي إحدي آليات العمل المشترك بين الصين والدول العربية".
وأضاف في تصريح خاص لوكالة أنباء ((شينخوا)) "هناك تاريخ طويل من التعاون السوداني الصيني في كافة المجالات، وهي علاقات راسخة ومتطورة، ونأمل أن تشكل مخرجات المنتدي الأخير قوة دفع جديدة لهذه العلاقات".
وشدد الوزير السوداني على أهمية التبادلات القائمة بين السودان والصين في المجال الثقافي.
وقال "نحن في القطاع الثقافي ندرك أهمية التبادلات بين السودان والصين في المجالات الثقافية، ولدينا تجربة ماثلة للعيان وهي تجربة الأكروبات السودانية، وهي جهد صيني مستمر".
وأضاف "نتيجة للحرب الحالية في السودان فقد حدث تدمير كبير لمبني الأكروبات من قبل ميليشيا الدعم السريع ، وهناك تأثير طال الأجهزة والمعدات".
وتابع "نحتاج في المرحلة المقبلة إلي إعادة صياغة للأكروبات من حيث المحتوي وتجديد الأدوات وتجديد الجيل الشبابي للأكروبات".
وأشار الوزير السوداني إلى جملة احتياجات ملحة في قضايا ثقافية أخري، تحتاج لتعزيز التبادل والتعاون مع الصين، ومنها تنشيط قطاع السياحة.
وقال "لابد من فتح المجال للسياح الصينيين ولاسيما هواة الغطس علي سواحل البحر الأحمر، ونحتاج إلي عمل مشترك من أجل تنشيط القطاع السياحي بالسودان".
وزاد بالقول "كما نحتاج إلي تعاون أكبر مع الصين لضخ دماء جديدة في مؤسسات الإنتاج الثقافي، ومنها المسرح القومي، ومن شأن مساهمة الصين في هذا المجال وضع بصمة حقيقية، ويشكل المسرح أحد لبنات التعاون بين السودان والصين".
وأعرب الوزير السوداني عن تطلع بلاده للتعاون مع الصين من أجل توفير معالجات مطلوبة لتأثر قطاعات ثقافية أخري بالحرب الدائرة بالسودان.
وقال "هناك الأن آلاف العاملين في مجالات الصناعات اليدوية قد تأثروا بالحرب وتوقف نشاطهم، ولا تزال المادة الخام موجودة، ونأمل في الاستفادة من خبرات الصين، وإنشاء ورش متعددة للصناعات اليدوية لتحسين الجودة وخلق منافسة وتوفير فرص العمل".
ومن جانبه رأي أستاذ العلوم السياسية بجامعة إفريقيا العالمية بالخرطوم الدكتور الزمزمي بشير عبد المحمود أن منتدي التعاون الصيني العربي يشكل قوة دفع رئيسية في سبيل تعزيز التعاون بين الجانبين.
وقال في تصريح خاص لوكالة أنباء ((شينخوا)) "يوفر المنتدي فرصة مثالية من أجل تعزيز التعاون القائم بين الصين والدول العربية".
وأضاف "تحتاج الدول العربية الأن للخبرات الصينية، في مجالات توطين الصناعات، وإقامة نظام حديث للتعليم ولاسيما التعليم الفني لمكافحة البطالة".
وتابع "بإمكان الدول العربية تحقيق استفادة قصوي من مبادرة الحزام والطريق، وإقامة شراكات عملاقة مع الصين والاستفادة من الاستثمارات والمشاريع الضخمة التي توفرها المبادرة".
واعتبر الزمزمي تجربة التعاون بين الصين والسوداني نموذجا يحتذي، وقال "بفضل التعاون مع الصين تمكن السودان من استكشاف النفط، وإنشاء مصفاة تعتبر الأكبر في القارة الإفريقية".
وأضاف "نحن ننظر إلى نتائج منتدي التعاون الصيني العربي الأخير بعين التفاؤل، ونتطلع إلى ضخ دماء جديدة في شريان الشراكة بين السودان والصين".
وفي السياق ذاته يري المحلل السياسي السوداني الدكتور محمد حسن سعيد أن منتدي التعاون الصيني العربي يشكل فرصة مناسبة لتعظيم المنافع المشتركة وبناء علاقات راسخة وتوسيع مجالات التعاون.
وقال سعيد في تصريح خاص لوكالة أنباء ((شينخوا)) " تشهد الدول العربية حاليا تحولات داخلية معمقة، وهناك مشكلات عدة في عالمنا العربي، وتسعي كل الدول العربية لتكييف أوضاعها الداخلية واعتماد نموذج للتنمية الاقتصادية يتناسب مع ظروفها الوطنية".
وأضاف "وفي ظل هذه الظروف تمثل مبادرة الحزام والطريق نموذجا أمثل لتعزيز العلاقات بين الدول العربية والصين، والمنصة الأبرز التي تتوفر من خلالها إمكانية تحقيق التنمية الاقتصادية في العالم العربي، وطريقة مناسبة لتشارك الأفكار والخبرات والتجارب".
وتابع "ومن المؤكد أن مبادرة الحزام والطريق توفر فرص عدة للتعاون متعدد الأوجه بين الصين والدول العربية، ولاسيما في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتجارية والزراعية والتكنولوجيا والطاقة المتجددة".
ورأي سعيد أن الإجراءات التي اقترحتها الصين لتعزيز التعاون مع الدول العربية في إطار الحزام والطريق سيكون لها أثر بالغ في تعزيز التبادلات القائمة بين الجانبين ، وتعظيم المنافع المشتركة وبناء علاقات راسخة وتوسيع مجالات التعاون لتشمل قطاعات أخرى وخاصة فيما يتصل بالطاقة المتجددة والاقتصاد الرقمي والاستفادة من الذكاء الاصطناعي.
وأشار سعيد إلي نموذج العلاقات السودانية الصينية، وقال "علي مدي سنوات تمكن السودان والصين من إقامة علاقات شكلت نموذجا للتعاون بين دول الجنوب الجنوب".
وأضاف "يمتلك السودان موقعا استراتيجيا مهما كونه بوابة إفريقيا ، ومن شأن الشراكة بين السودان والصين ضمن مبادرة الحزام والطريق تحقيق منافع مشتركة للبلدين ، وتعزيز فرص التعاون المشترك ، وإيجاد مجالات أخرى للتعاون ولاسيما فيما يتصل بالقطاع الزراعي ومجالات الطاقة".
واختتم منتدى التعاون الصيني العربي أعماله أمس في بكين.
وفي 30 يناير 2004، أعلنت الصين وجامعة الدول العربية بشكل مشترك عن تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي، وهو قرار استراتيجي اتخذته الصين والدول العربية انطلاقا من التطور طويل الأمد للعلاقات الثنائية، وفقا لبيان من السفارة الصينية بالقاهرة.
وفي 14 سبتمبر 2004، عقدت الدورة الأولى للاجتماع الوزاري للمنتدى في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، الأمر الذي رمز إلى تفعيل المنتدى بشكل رسمي، بهدف تعزيز الحوار والتعاون بين الصين والدول العربية وتدعيم السلام والتنمية.
وخلال عقدين من تأسيس المنتدى، تم إنشاء 19 آلية للتعاون بين الجانبين في إطار المنتدى، تغطي مجالات واسعة النطاق مثل السياسة والاقتصاد والتجارة والطاقة والثقافة والصحة وغيرها.
وحتى العام 2024، أصدر المنتدى 85 وثيقة ختامية، وأصبح أداة فعالة لإثراء علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية ومنصة مهمة للحوار ودعم التعاون العملي بين الجانبين.
ولم تقتصر الاجتماعات في إطار المنتدى على كبار المسؤولين والوزراء من الجانبين، ففي ديسمبر 2022 عقدت القمة الصينية العربية الأولى في الرياض بنجاح، بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ وقادة الدول العربية، الذين اتفقوا بالإجماع على العمل على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد.
وعلى مدى 20 عاما، حققت العلاقات الصينية العربية قفزة كبيرة في إطار المنتدى، ففي الدورة الأولى للاجتماع الوزاري للمنتدى في العام 2004 اتفقت الصين وجامعة الدول العربية على إقامة "علاقات الشراكة" القائمة على المساواة والتعاون الشامل، وفي الدورة الرابعة للاجتماع الوزاري في 2010، أعلن الجانبان عن إقامة "علاقات التعاون الاستراتيجي" الصينية العربية، وفي الدورة الثامنة في 2018 تم الارتقاء بالعلاقات إلى "علاقات الشراكة الاستراتيجية" الصينية العربية.
ولغاية اليوم، تم إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين و5 دول عربية هي مصر والجزائر والسعودية والإمارات والبحرين، وعلاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين و11 دولة عربية هي قطر والعراق والأردن والسودان والمغرب وعمان وجيبوتي والكويت وفلسطين وسوريا وتونس.
وانضمت 13 دولة عربية إلى "مجموعة الأصدقاء لمبادرة التنمية العالمية"، وأصبحت 3 دول عربية أعضاء بآلية البريكس، و6 دول عربية شركاء الحوار لمنظمة شانغهاي للتعاون.
وتعد جامعة الدول العربية أول منظمة إقليمية في العالم وقعت مع الصين على وثيقة التعاون بشأن بناء "الحزام والطريق"، وكذلك وثيقة بشأن تطبيق مبادرة الحضارة العالمية، بالإضافة إلى وثيقة التعاون بشأن تأسيس الرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية.
وتبنى مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية قرارات صديقة للصين 44 مرة متتالية حتى اليوم، أكد فيها على أن الدول العربية تلتزم بمبدأ صين واحدة، وتدعم مبادرة الحزام والطريق.
وعلى الصعيد الاقتصادي، زاد حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية عشرة أضعاف منذ تأسيس المنتدى، حيث ارتفع من 36.7 مليار دولار في 2004 إلى 398.1 مليار دولار في 2023، وأصبحت الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية لسنوات عديدة متتالية.
ولغاية نهاية نوفمبر 2023، وفر بنك التنمية الصيني دعما لـ 99 مشروعا في الدول العربية من خلال إصدار قروض بقيمة 17.189 مليار دولار.
ووقع بنك الشعب الصيني اتفاقيات ثنائية لمبادلة العملات المحلية مع البنوك المركزية السعودية والمصرية والإماراتية، كما أصبحت 17 دولة عربية أعضاء ببنك آسيا للاستثمار في البنية التحتية.
ثقافيا، فقد تم حتى نهاية 2023 إدراج اللغة الصينية في المناهج الدراسية الوطنية بشكل رسمي في 6 دول عربية، هي مصر والإمارات والسعودية وفلسطين وتونس وجيبوتي، وقامت الصين بإنشاء 21 معهد كونفوشيوس وفصلي كونفوشيوس بالتعاون مع 13 دولة عربية.