مقالة خاصة: الخضرة تلوّن التنمية... التعاون الصيني- العربي في مجال الطاقة النظيفة يحقق نتائج مثمرة
في الصورة الملتقطة جوا يوم 8 يونيو 2018، جانب من المرحلتين الثانية والثالثة من محطة "نور" للطاقة الشمسية المركزة في المغرب. (شينخوا)
بكين 28 مايو 2024 (شينخوا) في الوقت الحالي، تتحول التنمية في الصين من النمو عالي السرعة إلى التنمية عالية الجودة، حيث تعمل البلاد على التحول نحو الطاقة الخضراء والتنمية النظيفة في مجال الطاقة، سعيا لبناء نظام طاقة نظيف ومنخفض الكربون وآمن وفعال.
وفي الوقت نفسه، أطلقت العديد من الدول العربية خططا لتحقيق التحول في مجال الطاقة خلال السنوات الأخيرة، حيث تعمل على تطوير الطاقة النظيفة والمتجددة، بما يقلل اعتمادها على الطاقة الأحفورية مثل النفط والغاز الطبيعي، ويعزز التنمية الاقتصادية المستدامة. وعلى سبيل المثال، حددت "رؤية السعودية 2030" و"استراتيجية الإمارات للطاقة 2050" أهدافا لزيادة نسبة الطاقة المتجددة في هيكل الطاقة، وهو ما يتماشى مع رؤية الصين التنموية في مجال الطاقة.
-- تكامل المزايا والإمكانيات الهائلة
تمتلك الصين أكبر نظام لتوليد الطاقة النظيفة في العالم، وتحتل القدرة المركبة لتوليد الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية في الصين المرتبة الأولى في العالم. واعتمادا على مزاياها التكنولوجية في مجال الطاقة النظيفة، قامت البلاد بالتعاون مع مختلف الدول العربية في مجالات الفحم النظيف والطاقة الشمسية وغيرهما، كما شاركت الشركات الصينية بشكل عميق في مشاريع الطاقة النظيفة الضخمة في الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية والمملكة العربية السعودية وغيرها من الدول العربية.
وتعد الدول العربية من المناطق التي تتمتع بأفضل الموارد للطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العالم، كما تتمتع بظروف فريدة لتنمية الطاقة النظيفة والمتجددة. وأظهر تقرير صادر عن منظمة رصد الطاقة العالمية أنه بحلول عام 2030، تخطط الدول العربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لإضافة 73 جيجاواط من القدرة المركبة لمشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق المرافق العامة، وهو ما يزيد عن خمسة أضعاف القدرة المركبة الحالية.
ولدى الصين تكنولوجيات متقدمة وخبرات وفيرة في مجالات الطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح، مما يوفر مزايا تكاملية وإمكانيات هائلة للتعاون بين الصين والدول العربية في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة.
-- مشاريع التعاون المتنوعة والنتائج المثمرة
في السنوات الأخيرة، وسّعت الصين بنشاط التعاون مع الدول العربية في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، وقام الجانبان بشكل مشترك بتنفيذ العديد من مشاريع التعاون مثل مشروع محطة الخرسعة للطاقة الكهروضوئية في قطر ومشروع المحطة الكهروضوئية بقدرة 186 ميجاواط بمجمع بنبان للطاقة الشمسية في مصر.
وفي نهاية عام 2023، تم بناء محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية في الإمارات، والتي تعد أكبر محطة مستقلة في العالم لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية ضمن موقع واحد شيدتها شركات صينية. وتتضمن المحطة حوالي 4 ملايين لوح من الألواح الشمسية البلورية ثنائية الوجه التي تعد من أحدث التقنيات التي توصلت إليه صناعة الطاقة الشمسية، والتي من شأنها توفير الكهرباء الخضراء لـ200 ألف أسرة. ومن المتوقع أن تخفض المحطة عند التشغيل التجاري الكامل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 2.4 مليون طن سنويا، وترفع حصة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة بالإمارات إلى أكثر من 13 في المائة.
وجدير بالذكر أن المرحلة الثالثة من محطة "نور" للطاقة الشمسية المركزة في المغرب والتي نفذتها شركات صينية، تعد أكبر محطة برجية ذات أكبر سعة وحدة فردية لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الحرارية المركزة قيد التشغيل في العالم.
أما في السعودية، فتجري حاليا أعمال بناء أكبر مشروع عالميا لتخزين الطاقة ضمن مشروع البحر الأحمر على قدم وساق. وقال ما تشاو، أحد كبار المسؤولين الإداريين بشركة النهر الأصفر المحدودة لتنمية الطاقة الكهرومائية التابعة للشركة الوطنية للاستثمار في الطاقة، والتي شاركت في الاستثمار بالمشروع وتشييده، قال إن المشروع سيعزز عائدات السياحة السعودية من خلال الاقتصاد الدائري منخفض الكربون، مما يدفع التنمية الاقتصادية المحلية ويرفع معدل التوظيف ويساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة منخفضة الكربون، مؤكدا أن المشروع يلعب دورا مهما في تعميق التعاون في مجال الطاقة النظيفة بين الصين والسعودية.
-- تعليم المرء بالصيد خير من مجرد إعطائه السمك
بينما تعمل الصين والدول العربية على تعميق التعاون في تحقيق التحول في مجال الطاقة والطاقة النظيفة والاقتصاد منخفض الكربون، يتم إدخال التكنولوجيات المتقدمة الصينية في المجالات ذات الصلة إلى الدول العربية باستمرار، مما ساعد الدول العربية على تحسين قدراتها التنموية المستقلة من خلال مشاريع البحث والتدريب التعاونية متعددة المستويات.
هذا وقد أنشأت الصين والدول العربية بشكل مشترك مركز التدريب الصيني- العربي للطاقة النظيفة لتنفيذ أنشطة بناء القدرات في مجالات الطاقة الكهروضوئية والطاقة الشمسية الحرارية وطاقة الرياح وشبكات الكهرباء الذكية وغيرها من المجالات. وبالإضافة إلى ذلك، أنشأت الصين ومصر المعمل الصيني المصري للطاقة المتجددة لإجراء أبحاث مشتركة وتعزيز تدريب الأكفاء، الأمر الذي يساعد مصر على تعزيز بناء قدراتها العلمية والتكنولوجية.