تحقيق إخباري: مشروع إعادة تأهيل طريق العارضة - السلط جاء ثمرة لتعاون متميز ومشرق بين الصين والأردن
عمان 28 مايو 2024 (شينخوا) يشعر عصام النعيمات، وهو مزارع وسائق أردني، الآن بغاية الارتياح عندما يسوق سيارته لإيصال الخضراوات من أغوار الأردن إلى المدن الأخرى، وذلك بفضل مشروع إعادة تأهيل طريق العارضة - السلط الجديد الذي تم افتتاحه 27 مايو الجاري والذي يبعد عن غرب العاصمة عمان 30 كلم.
وعلى الرغم من أن المشروع لم يتم إنجازه بشكل تام، إلا أن عصام النعيمات يقوم باستخدام الطريق لمدة أكثر من شهرين، وقال لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه يعمل على توصيل الخضراوات منذ 20 سنة، حيث كان طريق العارضة - السلط القديم ضيقا وقديما ولا يتناسب لسير الشاحنات الكبيرة عليه، فاحتاج إلى استخدام طريق آخر مسافته أطول بكثير لإيصال الخضراوات إلى عمان ومدن أخرى.
وما أشار النعيمات إليه من طريق العارضة - السلط الجديد هو الطريق الذي يربط تقاطع العارضة في أغوار الأردن وتقاطع الصبيحي غرب مدينة السلط، والذي يعتبر حيويا واستراتيجيا بالنسبة للقطاعين الزراعي والسياحي في المملكة الأردنية، نظرا لأنه أقرب طريق يربط الأغوار بمدينة السلط وأطراف العاصمة الغربية، كما هو أحد الطرق الرئيسية التي تربط العاصمة عمان بمنطقة البحر الميت الخلابة.
يذكر أن منطقة الأغوار في الأردن تعتبر المخزن الغذائي الاستراتيجي المهم للأردن، حيث تقدم الأغوار المنتجات الزراعية لجميع المحافظات الأردنية وتصدير الفائض إلى الدول المجاورة.
ولكن كان طريق العارضة - السلط القديم ضيقا وتنقصه الصيانة حيث وصفته الوسائل الإعلامية المحلية بأنه طريق الموت بسبب ما شهد من حوادث مأساوية.
وفي سبتمبر العام 2018، وقعت الحكومتان الاردنية والصينية على اتفاقية لتمويل تنفيذ مشروع توسعة واعادة تأهيل هذا الطريق البالغ طوله 12.5 كيلو متر ليصبح بأربعة مسارات بدلا من مسارين وبعرض إجمالي يبلغ 18.8 متر بدلا من أقل من 9 أمتار مع إنشاء الأكتاف الداخلية والخارجية والجدران الاستنادية وعبارات تصريف بالإضافة إلى أعمال الإنارة لكامل الطريق لضمان السلامة.
وفي أكتوبر العام 2022، تم وضع حجر الأساس للمشروع كما تم إنشاء ائتلاف من الجانبين الصيني والأردني حيث تولى الجانب الأردني المسؤولية عن بناء الطريق وقدم الجانب الصيني الدعم الفني والإداري.
وقال ليو ماو المدير الصيني للمشروع من شركة ((هندسة الطريق السريع الأولى المحدودة))، إن هذا المشروع مختلف عن المشاريع التي شارك فيها من قبل لأنه يتم تمويله بشكل رئيس من قبل الحكومة الصينية، ويتم تنفيذه من قبل ائتلاف صيني أردني، ويشرف عليه بشكل مشترك فريق إدارة من الصين والأردن، حيث تكون مشاريع الشركة الأخرى دائما ما يكون التصميم والتنفيذ لها من جانب شركته.
وأضاف ليو، الذي يتمتع بخبرة بناء الطرق خارج الصين لأكثر من 10 سنوات، أن هذه هي المرة الأولى التي شارك فيها في مشروع قام الجانب المتلقى للمنحة بالبناء الذاتي، ورغما من أن هذا النمط من التعاون يحتاج إلى جهود أكبر للتشاور والتنسيق بين الجانبين المتعاونين، غير أنه سيساعد الأردن على تطوير قدرات التنمية المستقلة وتحسين التوظيف المحلي.
وتابع قائلا "تلبية لطلب من الجانب الأردني للبناء الذاتي، شكلنا الائتلاف وبذلنا أقصى جهودنا لإنجاز طريق الصداقة هذا كما فعلنا في المشاريع الأخرى". ونظرا للطبيعة الجغرافية للمنطقة، فإن بداية المشروع تقع على ارتفاع 578 مترا عن سطح البحر ونهاية المشروع على ارتفاع 245 مترا أسفل سطح البحر بفارق منسوب يقارب 820 مترا، يمتاز طريق العارضة - السلط بانزلاقات قوية ومنعطفات حادة، فليس من السهل أن يصلح مثل هذا الطريق إلى طريق آمن ومريح. وأوضح أنه لتحقيق هذا الهدف لا يدخر الجانبان الجهود في ايجاد أفضل خطة لإصلاح الطريق.
واستأجر الجانبان مبنى خاصا بالقرب من تقاطع العارضة في منطقة الأغوار الوسطى ليكون المكتب المشترك لكي يعمل الجانبان جنبا إلى جنب ويقومان بالتشاور والتنسيق حالما وجدا حاجة إلى أي تغييرات في الخطة نظرا للتغيرات الجغرافية وحدوث حالات الطوارئ.
وتمسكا بمبدأ عدم وقوع أي حادث أمني وضمان جودة الطريق، منذ بداية المشروع، يقوم ليو وزملاؤه بقطع مسافة نحو 30 كيلو مترا من عمان إلى ميدان المشروع كل يوم، وذلك من أجل التشاور والتنسيق مع زملائهم الأردنيين وتقديم اقتراحات والقيام بالإشراف على الأعمال التنفيذية.
وقال ليو إنه عندما وجدوا أن العمال المحليين لا يعتادون ارتداء خوذات الرأس وأحزمة الأمان خلال عملية تنفيذ المشروع، يقومون بأنفسهم لتذكير العمال تكرارا لارتداء معدات الأمان لأن هذا لا يسمح في لوائح تنفيذ المشاريع الصينية من أجل سلامة العمال، كما وقعت اتفاقية الالتزام بالسلامة مع الشركة المحلية لرفع وعي العمال للسلامة.
والطريق لم يغلق عند تنفيذ المشروع، فهناك حركة مواصلات كبيرة خلال العملية، فلا بد للشركات المنفذة أن تضمن سلامة العمال والمركبات الهندسية من جهة، ومن جهة أخرى، تتولى المسؤولية عن ارشاد حركات المرور للمجتمع المحلي، وكل ذلك يحتاج إلى جهود كبيرة من قبل الشركات.
وقد حظيت احترافية ومهنية الشركات الصينية بتقدير الجانب الأردني، حيث قال المهندس جلال القدسي، المدير التنفيذي لشركة ((المشاريع المتحدة))، احد الأطراف من ائتلاف المشروع، "إن الائتلاف مع شركات صينية، تجربة جيدة جدا وناجحة، استفدنا من خبراتهم بالطرق، وتم تبادل المعلومات والخبرات في هذا المجال".
وأضاف القدسي إن وضع جدران استنادية كان شيء فريد من نوعه بالنسبة للأردن تم عمل جدران بطريقة فنية واقتصادية وهذه كانت أول مرة اختبر هذا الأمر كمهندس منذ 40 سنة خبرة في التنفيذ وتم التعاون مع الجانب الصيني بـ(4 - 5) اختيارات إلى أن توصلنا إلى الاختيار الأمثل وتم مناقشته مع الجانب المصمم التابع للمقاول بالصين.
من جانبه، قال المهندس وليد أشرق لبن، مدير المشروع من اتحاد المستشارين للهندسة والبيئة المشرف على هذا الطريق "هناك التعاون المستمر بيننا وبين الأخوة من الصين، وخصوصا الجهات المشرفة، هناك فريق متميز مستمر بالمتابعة اليومية، وهم يتابعون كل التغييرات التي حصلت على هذا المشروع، وكافة الأمور المتعلقة بالسلامة العامة بالمشروع".
وقال ليو إنه من خلال بناء هذا الطريق، عززت الشركات الصينية والشركات المحلية من تعميق التفاهم والتعاون المتبادل، معربا عن اعتقاده بأن الشركات الصينية يمكنها تقديم المزيد من المساعدة والمساهمة بشكل أكبر في بناء المشاريع بالأردن في المستقبل.
إن طريق العارض - السلط دليل ساطع على حرص الصين والأردن على تعزيز وتطوير آفاق التعاون الثنائي في عدد من المجالات ذات الاهتمام المشترك، والآن تم افتتاحه حيث لا يخفى المحليون خصوصا المزارعين في منطقة الأغوار فرحتهم وسرورهم.
وقال فيصل النعيمات، رئيس بلدية معدي الواقعة في أغوار الأردن الوسطى، إن هذا المشروع يقرب المسافة ما بين عمان وبين الأغوار، وأصبح سلوك هذا الطريق آمنا وواسعا لا يوجد أي عوائق أمام مستخدميه، مضيفا أنه سيسهم في مجال التنمية الاقتصادية والإجتماعية في الأردن.
"نعم، طريق العارضة الجديد يوفر علي في رحلتين ما يقارب ساعتين كل يوم، هكذا قال عصام النعيمات، مضيفا "الطريق الجديد الموجود الآن مريح جدا للقيادة بالمركبة حيث الصعود والنزول مريح للغاية". /نهاية الخبر/