رأي ضيف: الصين قادرة على تعزيز التعاون الأقاليمي بين البريكس ومجلس التعاون الخليجي

التاريخ: 2024-04-20 المصدر: شينخوا
fontLarger fontSmaller

شخص يلتقط صورا في المركز الإعلامي لقمة بريكس الـ15 في جوهانسبرغ، جنوب إفريقيا، في 21 أغسطس 2023. (شينخوا)

بقلم ليو هونغ

إن هذا العام يصادف العام الأول بعد توسيع البريكس مع تولي روسيا الرئاسة الدورية للمجموعة.

وكما قال عالم السياسة الأمريكي بيتر كاتزنشتاين: "نحن نعيش في عالم يتكون من أقاليم". وفي الوقت الحاضر، يتميز المشهد السياسي العالمي باتجاه يتسم بتشرذم المنظمات الإقليمية والدولية. ومع ذلك، هناك أيضا ميل متزامن نحو الترابط والتكامل. وخير مثال على ذلك هو توسع مجموعة بريكس لتشمل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهما من أعضاء مجلس التعاون الخليجي.

يمكن اعتبار بريكس منظمة إقليمية في سياق أوسع، في حين أن دول مجلس التعاون الخليجي هي منظمة إقليمية نموذجية تربط تاريخيا الغرب والشرق. وتتمتع الصين بمكانة متميزة داخل دول البريكس وعلاقات قوية مع دول مجلس التعاون الخليجي، ولديها القدرة على تعزيز العلاقات الأقاليمية بين المنظمتين.

لقد لعبت الصين دورا محوريا في إقامة مجموعة بريكس وتوسيعها. وعلى وجه الخصوص بعد الوباء، أطلقت الصين العنان لإمكانات اقتصادية هائلة، وجذبت دولا أخرى للانضمام إلى بريكس.

وأقامت الصين علاقات مع مجلس التعاون الخليجي منذ إنشائه وحافظت على علاقة إيجابية مع دوله منذ ذلك الحين. وفي ديسمبر 2022، حضر الرئيس شي جين بينغ القمة الافتتاحية بين الصين ومجلس التعاون الخليجي التي عقدت في المملكة العربية السعودية وأصدر خطة عمل 2023-2027 للحوار الاستراتيجي بين الجانبين. وفي الوقت الحالي، وقعت جميع دول مجلس التعاون الخليجي اتفاقيات تعاون مع الصين بشأن مبادرة الحزام والطريق. كما أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لدول مجلس التعاون الخليجي. ويتوقع أن يدفع دور الصين الفريد داخل بريكس وعلاقتها القوية مع دول مجلس التعاون الخليجي المنظمتين نحو مزيد من التكامل والمنفعة المتبادلة.

وهذا يكتسب أهمية كبيرة في العصر الحالي الذي يتسم بزيادة سرديات "الانفصال" و"إزالة المخاطر". وفي مواجهة تحديات مثل تغير المناخ، والصراع بين روسيا وأوكرانيا، والصراع بين إسرائيل وحماس، هناك حاجة متزايدة لتضافر الجهود لوضع حلول فعالة ومعالجة التحديات المشتركة. ومع تراجع التزام الولايات المتحدة واهتمامها بالمسائل الاقتصادية والأمنية، وتفكير العالم حاليا في كيفية البحث عن مصادر جديدة للتوازن والتأثير، برزت الصين بشكل طبيعي كلاعب رئيس على الساحة العالمية.

إن بريكس تفتخر بهيكل شامل يعكس تنوع وجهات النظر والمصالح بين دولها الأعضاء. وفي المقابل، تسعى دول مجلس التعاون الخليجي بنشاط إلى التكامل لإنشاء "سوق واحدة، وكيان اقتصادي واحد، ونظام مالي واحد". وعلى الرغم من هذه الاختلافات، تمتلك كل من بريكس ودول مجلس التعاون الخليجي إمكانات كبيرة للتعاون. والواقع أن مجلس التعاون الخليجي أقام علاقات طويلة الأمد مع الاتحاد الأوروبي، واستضاف مؤخرا قمة مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان). ومن الممكن أن تتبع مجموعة بريكس ذات المسار من المشاركة.

ويمكن لدول البريكس ودول مجلس التعاون الخليجي استكشاف العديد من أوجه التعاون. أولا، يمكن لدول البريكس ودول مجلس التعاون الخليجي عقد اجتماعات على مستوى القادة أو الوزراء بشكل منتظم، والمشاركة في مشاريع مشتركة والتخطيط لها، وتبادل المعلومات. كما يمكنهما التأكيد على الالتزام المتبادل بعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام السلامة الإقليمية والسيادة، ما يوفر أساسا متينا للجهود التعاونية.

ثانيا، يمكنهما أيضا التعاون عبر قطاعات متعددة، بما في ذلك التجارة، وإمدادات الطاقة، والتمويل، وتطوير البنية التحتية، والتنمية المستدامة. والجدير بالذكر أن الصين ودول مجلس التعاون الخليجي بامكانهما تعزيز الجهود في المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة وتسهيل محادثات اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول البريكس.

ثالثا، يمكن للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الاضطلاع بدور مميز كجسر يربط بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول البريكس. فالمملكة العربية السعودية قد رسخت نفسها بالفعل كشريك تجاري بارز داخل مجموعة بريكس، فيما تعد الإمارات عضوا في بنك التنمية الجديد التابع لبريكس منذ 2021.

رابعا، إن وجود علاقة جيدة بين دول مجلس التعاون الخليجي وبريكس يعزز أيضا احتمال انضمام المزيد من دول مجلس التعاون الخليجي مثل الكويت إلى بريكس.

بالتأكيد، يجدر الاعتراف بوجود مصالح متضاربة بين بريكس ودول مجلس التعاون الخليجي، فدول مجلس التعاون الخليجي لديها تحفظات على قضايا استخدام العملة داخل بريكس. علاوة على ذلك، تختلف مواقفهما بشأن العقوبات الدولية ضد روسيا وإيران. ومع ذلك، انطلاقا من مبادئ الانفتاح والشمولية والمنفعة المتبادلة، كما فعلت الصين في تسهيل استعادة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران، سوف تستمر كل من دول مجلس التعاون الخليجي وبريكس في إرساء الأساس لتوسيع التعاون على نطاق أوسع.

من الواضح أن الأقاليمية والعولمة متشابكان بشكل وثيق. وذلك لأن الدول تسعى إلى التعاون العابر للأقاليم لمنع نفسها من أن تجتاحها موجة العولمة بينما تسعى في الوقت نفسه إلى وضع أفضل للاندماج في النظام العالمي. وفي سعيها إلى إقامة نظام عالمي أكثر تماسكا، تعد جهود الصين لتعزيز التعاون الأقاليمي بين دول مجلس التعاون الخليجي وبريكس مثالا مقنعا على هذا المسعى.

ملحوظة المحرر: ليو هونغ هو زميل باحث في مركز الصين والعولمة.

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة آراء وكالة شينخوا.

تحرير: تشن لو يي