مقابلة خاصة: مسؤول عربي: القمة الصينية العربية فتحت آفاقا واسعة للتعاون الاستراتيجي بين الجانبين
صورة علي بن إبراهيم المالكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية للشئون الاقتصادية.
القاهرة 6 ديسمبر 2023 (شينخوا) أكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية للشئون الاقتصادية السفير الدكتور علي بن إبراهيم المالكي أن القمة الصينية العربية فتحت آفاقا واسعة للتعاون الاستراتيجي بين الجانبين تمنحهما مساحة أوسع للتحرك.
وقال المالكي، في مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا بمناسبة مرور عام على القمة الصينية العربية الأولى إن "أعمال القمة الأولي أضافت زخما جديدا في العلاقات العربية الصينية بشكل عام وخاصة في النواحي الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، كما أصبح هناك حاجة هامة الى تعزيز العلاقات المشتركة لوصولها إلى درجة عالية من الشراكة الاستراتيجية والاستفادة من التطور التكنولوجي الذي وصلت إليه الصين في عدد من المجالات ذات الاهتمام المشترك".
وعقدت القمة الصينية العربية الأولى بالعاصمة السعودية الرياض في 9 ديسمبر 2022.
وأوضح أن القمة فتحت آفاقا واسعة للتعاون بين الجانبين في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والصناعة، والنقل والمواصلات، والطاقة، وحماية البيئة، والزراعة والأمن الغذائي، والسياحة، وكذلك البحث حول تعزيز التعاون في عدد من المجالات الأخرى مثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الاعمال.
واعتبر المالكي القمة الصينية العربية تمثل نقلة نوعية في سياسات الدول العربية، وستدعمها في الاستفادة من النظام العالمي المُتغيِّر من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية مع الصين، بالإضافة الى أنها توفر للصين فرصة طيبة لتلبية احتياجاتها من الطاقة والوقود وتحسين صورتها الناعمة في العالم.
وحول أبرز صور التعاون المتميزة بين الجانبين، أوضح المالكي، أن المركز العربي-الصيني للبحوث الدولية في مكافحة الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي يعمل منذ نشأته على تقديم الدعم العلمي والتقني وتقديم الخبرة للتخفيف من آثار الجفاف ومكافحة التصحر وتدهور الأراضي، وتعزيز التنمية الخضراء الإقليمية والعالمية وتحسين سبل العيش للمواطنين والمساهمة في تحقيق الهدف العالمي المتمثل في تحييد تدهور الأراضي بحلول عام 2030، مشيرا إلى أنه يساهم بشكل كبير في تحقيق هدفي الأمن الغذائي والمائي باعتبارهما أحد أهم أولويات الأمن القومي والاستراتيجي للدول العربية، وهو ما تعول الدول العربية عليه من خلال التعاون الجاد مع الجانب الصيني في هذا المجال.
وأشار إلى أن نظام بيدو يعتبر من أهم أنظمة الملاحة الصينية الحديثة والذي يستخدم في العديد من المجالات المختلفة مثل الصناعة والزراعة، نظرا لكفاءته في استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتي أدت الى تحقيق الاستفادة القصوى بزيادة معدل الإنتاج الزراعي وتحسين معدلات الإنتاج الصناعي.
وقال إن مستقبل التعاون العربي الصيني في هذا المجال يعد واعدا، لافتا إلى أن نظام الملاحة المبني على الأقمار الصناعية نظام لا غنى عنه الآن في العالم كله كونه يعود بالنفع على الكثير من مجالات التنمية في القطاعات المختلفة، كما يُتيح تطبيق أنظمة عالية الدقة في مجالات رسم الخرائط وتخطيط المدن والتتبع للمحاصيل الزراعية، ويمكن استخدام المعلومات والبيانات الواردة من الأقمار الصناعية في الإسكان والطرق والنقل والمواصلات.
وفيما يتعلق بالتعاون في مجال الفضاء والأقمار الصناعية، لفت المالكي إلى أن الصين والدول العربية أنشأت منتدى التعاون الصيني العربي لنظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية كآلية للتعاون، ومن المتوقع أن يكون هناك فرصا واعدة أمام الجانبين في استخدام هذا النظام، موضحا أنه حسب خطة عمل التعاون التي تم توقيعها تنفذ الصين والدول العربية بشكل مشترك مشروعات تجريبية في المجالات الرئيسة الخاصة بتطبيق (بيدو) والنظام العالمي للملاحة عبر الأقمار الصناعية (جي أن أس أس).
كما نوه الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية للشئون الاقتصادية إلى توقيع مذكرة تفاهم بين الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والهيئة الوطنية للغابات والمراعي الصينية بشأن إنشاء المركز العربي-الصيني للبحوث الدولية في مكافحة الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي، وذلك بهدف تقوية علاقات التعاون المستمرة بين الجانبين العربي والصيني في مجال مكافحة التصحر بناءا على مخرجات الدورة الأولى للقمة العربية-الصينية.
وأكد أن تدهور الأراضي تعد من القضايا البيئية الأساسية التي تواجهها كل من الدول العربية والصين، لافتا إلى وجود رغبة مشتركة في بناء الشراكة في مجال إجراء الدراسات والبحوث وتنفيذ المشاريع المشتركة في المستقبل القريب، بما يعود بالنفع على الدول العربية والصين.
وأشاد بالتعاون بين الصين والدول العربية في مجال الاتصالات، مؤكدا أن الجانبين ينفذان في هذا المجال أكثر من 200 مشروع تعاون ضخم في مختلف المجالات مثل الطاقة والبنية التحتية، كما ينفذ الجانبان سويا خطة عمل الحزام والطريق للابتكار التكنولوجي في إطار الشراكة التكنولوجية الصينية-العربية للاستفادة الكاملة من المزايا التكنولوجية الصينية وتوظيف الدور التحفيزي للتكنولوجيا المتقدمة والحديثة.
وفي مجال الجيل الخامس للاتصالات، أشار إلى أن الشركات الصينية أصبحت شركاء محوريين لعدد من الدول العربية في هذا المجال، مشيرا إلى وجود عدد من المشروعات التي يتم تنفيذها بين القطاع الخاص العربي والصيني تنفيذا لعدد من مذكرات التفاهم والتعاون المشتركة.
وعن التحديات التي تواجه التعاون الصيني-العربي، أوضح المالكي أن "التحديات تكمن عموما في كيفية توفير الدعم المالي لتنفيذ عدد من المشروعات المشتركة، ولكن في الغالب يسير التعاون العربي الصيني في مساره الصحيح وبخطى ثابتة نحو تعزيز العلاقات الثنائية العربية الصينية، بما يحقق المصالح العربية والصينية المشتركة في عدد كبير من مجالات التعاون المختلفة".
وشدد على أن كل ذلك يعطي مؤشرات على أن العلاقات العربية الصينية، وهي علاقات تتسم بالثبات والتطور منذ تأسيسها، تحقق العديد من النجاحات على كافة مستويات التعاون، كما ستحقق النتائج المرجوة منها في المستقبل القريب، باعتبارها علاقة أكثر عمقا وشمولا وخاصة في مجال التجارة والاستثمار والتكنولوجيا والتبادل البحثي والأكاديمي.
ولفت المالكي إلى أنه من المهم أن يركز الجانبين العربي والصيني على تنفيذ عدد من المشروعات المشتركة خاصة في مجالات ومشروعات البنية التحتية بالدول العربية، وأهمية تطوير موانئ جديدة، وزيادة التعاون في مجال التكنولوجيا الفائقة، وشبكات الجيل الخامس، والذكاء الاصطناعي، والفضاء، والتكنولوجيا النووية للاستخدام السلمي، والتعاون في مجال الطاقة المتجددة، والتجارة الالكترونية.
وأعرب عن اعتقاده بأن هذه الشراكة الاستراتيجية ستمنح الجانبين العربي والصيني مساحة أوسع للتحرك وقدرة أكبر على تشكيل سياسة خارجية متوازنة وأسواق أكبر وأكثر حيوية على المستوى العالمي.
واستطرد قائلا، "في تقديرنا الخاص فإن الدول العربية والصين أمام فرصة تاريخية لتطوير هذه العلاقة في تنفيذ المشروعات المشتركة في تطوير البنية التحتية ونقل التكنولوجيا الحديثة في كافة المجالات، وجذب المزيد من الاستثمارات البينية في القطاعات الحيوية مثل الزراعة والصناعات الجديدة الأكثر تطورا وفي قطاعات الطاقة".
واختتم الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية للشئون الاقتصادية المقابلة بالتأكيد على أن تبني قادة الجانبين العربي والصيني خلال قمتهم الأولى مفهوم "مجتمع عربي صيني ذي مستقبل مشترك" أضاف توجها جديدا نحو مفهوم الشراكة العربية الصينية.