مقالة خاصة: خطوط القطارات المشيدة من قبل الصين تمكن السكان المحليين من "الصيد بأنفسهم"
بكين 7 أكتوبر 2023 (شينخوا) كانت قيادة قطار يسير بسرعة 350 كيلومترا في الساعة أمرا خارج مخيلة واوان سيتياوان، سائق قطار الشحن الإندونيسي الذي يتمتع بخبرة 10 سنوات. ولكنه الآن في طريقه لأن يصبح واحدا من بين أوائل سائقي القطارات فائقة السرعة في بلاده ومنطقة جنوب شرق آسيا على أوسع.
في عام 2020، عندما بدأ المشروع المشترك بين الصين وإندونيسيا لتشييد خط السكك الحديدية فائق السرعة بين جاكرتا وباندونغ في توظيف سائقي القطارات، سارع واوان إلى التقدم بطلب للحصول على الوظيفة.
قال واوان، الذي يتلقى حاليا التدريب على يد سائقين صينيين " تكنولوجيا وتشغيل ووسائل سلامة.. كل ما أتعلمه جديد ومثير".
--"حياتي تسارعت"
مو تشن هو سائق قطار صيني على خط القطارات فائق السرعة بين جاكرتا وباندونغ، يقوم بتدريب واوان على ممارسة القيادة على الخط الذي يربط العاصمة الإندونيسية برابع أكبر مدينة في البلاد.
على جهاز محاكاة التشغيل، طلب مو من واوان أن يخفف من السرعة بينما كانت اليد اليمنى للسائق الإندونيسي تمسك بإحكام بمقبض التحكم في السرعة. "قد يؤدي التوتر إلى سوء التشغيل لأن المقبض يتمتع بحساسية عالية"، أوضح مو السبب لواوان وطلب منه أن يحاول مرة أخرى.
قال مو "أنا متحمس لتوجيه سائقي القطارات الإندونيسيين ويسعدني أن أشارك مهاراتي معهم دون أي تحفظ. إنني أتعلم الآن اللغة الإندونيسية للتغلب على حاجز اللغة".
ووصل مو إلى إندونيسيا في أكتوبر الماضي ويستعد لتشغيل خط السكة الحديد. وقال مو "تم بناء خط السكة الحديد فائق السرعة بين جاكرتا وباندونغ وفقا للمعايير والتكنولوجيا الصينية، لذا فإن قيادة القطار فائق السرعة هنا تبدو مماثلة لتلك الموجودة في الصين".
وخط السكك الحديدية فائق السرعة بين جاكرتا وباندونغ هو مشروع بارز في إطار مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين. ويبلغ طول الخط 142 كيلومترا، ويختصر الرحلة بين المدينتين من أكثر من 3 ساعات إلى حوالي 40 دقيقة.
وقال واوان "تطوير هذا الخط الفائق السرعة سوف يعزز الاقتصاد بفضل حركته السريعة"، مضيفا أنه يأمل في تمديد الخط إلى سورابايا، ثاني أكبر مدن وموانئ إندونيسيا.
وقال واوان "لقد درست بجد وبذلت قصارى جهدي لضمان أن أصبح واحدا من أوائل سائقي القطارات فائقة السرعة في إندونيسيا وجنوب شرق آسيا".
وأردف "إذا كانت الحياة عبارة عن قطار يسير على مسار، فإن حياتي قد تسارعت بسرعة فائقة وبوتيرة مثيرة للغاية ومليئة بالأمل".
--"الصيد بأنفسهم"
وتقوم الصين ببناء خطوط سكك حديدية وموانئ وغيرها من مشاريع البنية التحتية مع الدول في إطار تعاون الحزام والطريق، ما ساعد على تعزيز الاتصال الإقليمي وخلق فرص العمل للسكان المحليين.
وقد خلق قسم لاوس من خط السكة الحديد بين الصين ولاوس، والذي افتتح في ديسمبر عام 2021، أكثر من 110 آلاف فرصة عمل. وتعتبر سيدا فنغفونغساوانه البالغة من العمر 24 عاما واحدة من المستفيدين من هذه الوظائف.
وأصبحت سيدا مفتشة قطار في مركز إدارة عمليات السكك الحديدية بين الصين ولاوس في فينتيان في 2021 بعد دراسة الأتمتة الكهربائية في الصين لمدة أربع سنوات وتلقي التدريب على اللغة الصينية والمعارف المتعلقة بالسكك الحديدية في معهد كونفوشيوس في لاوس.
وقالت "كان المدربون هنا صبورين للغاية خلال فترة تدريبي. كانت المرة الأولى التي نلمس فيها قطارات حقيقية، كل شيء كان جديدا بالنسبة لنا، لكنهم علمونا بشكل تدريجي بكل صبر".
ويعمل ون بين (58 عاما) وهو المدرب الصيني لسيدا في لاوس منذ أكتوبر عام 2011. وقال إن الموظفين الصينيين يعملون على ضمان عمل الموظفين المحليين مثل سيدا بشكل مستقل بعد مغادرة زملائهم الصينيين.
وأضاف "إننا نقوم بتعيين موظفين محليين جدد. لا يتحدث الكثيرون اللغة الصينية، لذا آمل أن تتمكن سيدا وزملاؤها من تحمل مسؤولية استخدام لغتهم الخاصة لتعليم الجيل الجديد".
وفي شرق أفريقيا، حلمت أنكيتسبرهان جيرما البالغة من العمر 28 عاما طويلا بأن تصبح سائقة قطارات حديثة رائدة في بلدها إثيوبيا. وقد حققت حلمها من خلال المثابرة وسط منافسة شديدة قبل الانضمام إلى خط إثيوبيا-جيبوتي القياسي للسكك الحديدية في عام 2018 بعد تخرجها من الجامعة، لتصبح في نهاية المطاف أول سائقة قطار مكهرب في إثيوبيا.
وهي الآن سائقة مساعدة لقطار على خط السكة الحديد الذي يربط العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بميناء جيبوتي على البحر الأحمر.
ومنذ شهر يوليو، تخضع جيرما و27 من زملائها لبرنامج تدريبي مدته ستة أشهر في مدينة تشنغتشو بوسط الصين، وهم الدفعة الثانية من المتدربين الإثيوبيين الذين التحقوا بكلية تشنغتشو المهنية والتقنية للسكك الحديدية.
وتعلمت الدفعة الأولى التي ضمت 34 متدربا مهارات القيادة والتحكم والفحص وصيانة القطارات المكهربة بشكل كامل بعد ثمانية أشهر من التدريب العملي في عام 2020، وأصبح أعضاء هذه الدفعة قادرين على قيادة القطارات المكهربة بشكل مستقل. وبعد عودتهم إلى وطنهم، سرعان ما أصبحوا العمود الفقري لخط السكة الحديد بين إثيوبيا وجيبوتي.
أحد المتدربين الـ34 هو ديجين غيزو وهو الآن مكلف بقيادة وتدريب زملائه الشباب. وقال "أعرف كل من يتلقون التدريب حاليا بالصين، وخاصة أنكيتسبيرهان جيرما، سائقة القطار الأثنى الوحيدة بيننا".
وقالت جيرما "حلمت بقيادة القطار بشكل مستقل مثل غيزو بعد الدراسة في الصين".
وقال أبدي زينيبي، الرئيس التنفيذي لشركة السكك الحديدية المشتركة بين إثيوبيا وجيبوتي، إنه خلال مراحل بناء وتشغيل خط السكة الحديد بين إثيوبيا وجيبوتي، قام الخبراء الصينيون بتدريب حوالي 3 آلاف متخصص محلي على تقنيات السكك الحديدية.
وقال زينيبي مستشهدا بمقولة صينية قديمة "إن فلسفة ومبادئ كلياتنا الصينية تتماشى مع القيم الصينية... الفكرة لا تكمن في إعطاء شخص ما السمكة بل في كيفية تعليمه كيفية صيدها".
--ورقة رابحة
وشاركت الصين في بناء أكثر من 6 آلاف كيلومتر من السكك الحديدية و6 آلاف كيلومتر من الطرق وأكثر من 80 محطة كبيرة للطاقة في أفريقيا خلال العقد الماضي، وفقا للبيانات الرسمية.
ويعد خط السكك الحديدية القياسي بين إثيوبيا وجيبوتي الذي يبلغ طوله 752 كيلومترا، والذي افتتح في أكتوبر عام 2016، أول خط سكة حديد مكهرب عابر للحدود في أفريقيا. وقد اختصر وقت نقل البضائع من أكثر من 3 أيام إلى أقل من 20 ساعة، وخفض التكاليف بنسبة الثلث على الأقل، ما أدى بشكل كبير إلى تسهيل واردات وصادرات هذا البلد غير الساحلي.
وقالت جيرما "بما أن إثيوبيا ليست لديها بحر أو ميناء، فقد كان الأمر يستغرق بضعة أيام لنقل البضائع من وإلى جيبوتي برا إلى أن ساهم خط السكة الحديد بين إثيوبيا وجيبوتي في اختصار الوقت وتقليل التكاليف بشكل كبير. إنه بمثابة العمود الفقري لبلدنا".
وفي كينيا المجاورة، يربط خط السكك الحديدية القياسي مومباسا-نيروبي الذي يبلغ طوله 480 كيلومترا، وأُطلق في منتصف عام 2017، عاصمة البلاد بمينائها الشرقي. وقد قلل وقت السفر بمقدار النصف، من 10 ساعات في المتوسط على خط السكة الحديد الذي كان يعود إلى قرن من الزمان إلى ما يقرب من 5 ساعات، ما عزز حركة الأشخاص والبضائع.
ويفخر لورانس بيوس موريثي، أحد المشرفين بقسم العربات على سكة حديد مومباسا-نيروبي، بمسيرته المهنية المتميزة التي استعصت على معظم أقرانه.
وقال خريج الهندسة الميكانيكية البالغ من العمر 32 عاما "لقد كنت محظوظا باختياري للانضمام إلى خط السككة الحديد القياسي مومباسا-نيروبي لصيانة قطارات الركاب"، مضيفا أنه صقل مهاراته الفنية والإدارية على مدى السنوات الست الماضية منذ انضمامه إلى الصفوف المتنامية من الشباب المحليين العاملين على الخط.
وقد تحسنت أوضاعه المالية بفضل الراتب الشهري اللائق، ما مكنه من شراء قطعة أرض في قريته الأصلية وإدارة مشروع لتربية الماشية كعمل جانبي.
وقال "لقد أدى العمل على خط السكك الحديدية القياسي مومباسا-نيروبي إلى تحسين أوضاعي المعيشية، وأتطلع إلى مواصلة تعليمي لأكون في الإدارة العليا للشركة".
وفي لاوس، الدولة الجبيسة الوحيدة في جنوب شرق آسيا، ساعد خط السكك الحديدية بين الصين ولاوس الذي يبلغ طوله 1035 كيلومترا البلاد على أن تصبح مركزا للنقل في شبه الجزيرة الهندية-الصينية.
ويربط الخط عاصمة لاوس فينتيان بمقاطعة يوننان جنوب غربي الصين بسرعة تصميمية تبلغ 160 كيلومترا في الساعة على قسم لاوس.
وقالت مفتشة القطار سيدا "أخبرني الأصدقاء في مسقط رأسي أن السفر أصبح مريحا. كان السفر يستغرق 10 ساعات من مسقط رأسي إلى فينتيان، لكنه الآن لا يستغرق سوى 3 ساعات فقط بهذا القطار".
ووقعت 152 دولة و32 منظمة دولية وثائق تعاون مع الصين في إطار مبادرة الحزام والطريق التي اقترحت في 2013.
وعلى مدى العقد الماضي، تم خلق أكثر من 421 ألف فرصة عمل محلية على مستوى العالم في إطار تعاون الحزام والطريق. وقال تقرير للبنك الدولي إن مشاريع الحزام والطريق يمكن أن تساعد على انتشال 7.6 مليون شخص من الفقر المدقع و32 مليونا من الفقر المتوسط في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2030.
وقالت سيدا "الحزام والطريق مبادرة عظيمة، وأعتقد أن خط السكة الحديد بين الصين ولاوس هو مجرد نقطة البداية (في المنطقة). وسيربط المزيد من الدول في المستقبل، وهو ما سيسمح لنا بالسفر إلى الخارج بسهولة أكبر".