مقالة خاصة: التجربة الصينية تساعد البلدان الأفريقية على تعزيز التوسع الحضري المستدام
نيروبي 10 يونيو 2023 (شينخوا) خلال فعاليات الدورة الثانية لجمعية الأمم المتحدة للموئل، التي عقدت هنا في العاصمة الكينية في الفترة من 5 إلى 9 يونيو، كانت "الحافلات الخضراء" التي توفر خدمات النقل للمندوبين ملفتة للنظر.
وواكبت الحافلات شعار الدورة تحت عنوان "مستقبل حضري مستدام من خلال تعددية شاملة للجميع وفعالة: تحقيق أهداف التنمية المستدامة في أوقات الأزمات العالمية".
إحدى الشركات التي شاركت في تقديم خدمات النقل هي شركة ((باسي جو)) الكينية الناشئة، أول شركة تطلق حافلات كهربائية في البلاد. وقد استعانت تلك الشركة بأجزاء من تصميم العلامة الصينية للسيارات (بي واي دي).
قال موزيس نديريتو، كبير مسؤولي الإيرادات بشركة ((باسي جو))، إن "الصين دولة رائدة عالميا في مجال التنقل الكهربائي، حيث تلهم البلدان الأفريقية ومن بينها كينيا في سعيها للتحول الكبير إلى وسائل نقل أقل استهلاكا للكربون"، مضيفا أن الشركات الصينية منفتحة على تقاسم أحدث التقنيات مع شركائها.
وتشارك الصين منذ سنوات خبراتها في التنمية الحضرية المستدامة مع أفريقيا وغيرها من المناطق النامية في العالم وتسهم بالحكمة والحلول الصينية في تحسين ظروف معيشة شعوب البلدان الأفريقية.
-- التنقل الأخضر
في يناير الماضي، تم افتتاح المرحلة الأولى من مشروع سكة حديد خفيف يعمل بالطاقة الكهربائية شيدته الصين في مدينة لاغوس الساحلية النيجيرية رسميا.
ويمتد مسار مشروع الخط الأزرق للسكك الحديدية الخفيفة في لاغوس، الذي أنشأته شركة الصين لإنشاءات الهندسة المدنية، لمسافة 13 كيلومترا في المرحلة الأولى ويغطي خمس محطات.
ومشروع الخط الأزرق، باعبتاره مشروعا رمزيا لمبادرة الحزام والطريق، هو أول مشروع سكة حديد مكهرب وأول خط سكة حديد خفيف عابر للبحر في غرب أفريقيا.
يصف باباتوندي اودجيد، وهو مهندس المشروع في هيئة النقل بمنطقة لاغوس الحضرية، مشروع الخط الأزرق بأنه تحفة رائعة.
ويقول إن "المسافة التي كانت تستغرق 90 دقيقة للتنقل باتت تستغرق الآن 20 دقيقة، أنه أمر مريح حقا، كما أن الخط الأزرق يعمل بالطاقة الكهربائية، وهو تحديث إلى الطاقة النظيفة، وبالتالي يقلل الانبعاثات الضارة مثل العوادم"، مبديا سعادته برؤية المشروع الذي جعل مدينته أكثر حيوية.
في الوقت نفسه، وصف الرئيس النيجيري السابق محمد بخاري المشروع بأنه "تاريخي"، مشيرا إلى أنه سيقلل من الازدحام المروري وتلوث الهواء فضلا عن تحسين حياة السكان المحليين.
وتشهد العديد من البلدان الأفريقية في الوقت الحالي موجة سريعة من التوسع الحضري، الأمر الذي أدى إلى ابتلائها بـ"أمراض الحضرنة" مثل الازدحام المروري وتلوث الهواء.
ومع تحديث أنظمة النقل العام الأفريقية، أصبح السفر منخفض الكربون تدريجيا الخيار الأول أمام السكان المحليين.
في كينيا، على سبيل المثال، ساعد طريق نيروبي السريع الذي بنته الصين في تقليل الانبعاثات الكربونية عن طريق تقليص زمن السفر من جنوب إلى غرب العاصمة من ساعتين خلال وقت الذروة إلى 20 دقيقة.
يقول ستيف تشاو، الرئيس التنفيذي لشركة ((كوجا اكسبريسواي)) التي تدير الطرق الحديثة، إن حوالي 50 ألف سيارة تستخدم الطريق البالغ طوله 27 كيلومترا يوميا. وحتى أبريل الماضي، سارت أكثر من 12.5 مليون سيارة عليه منذ افتتاحه في يوليو العام الماضي.
-- الطاقة الخضراء
في زامبيا، قام الرئيس هاكيندي هيشيليما بافتتاح محطة طاقة كهرومائية بنتها الصين في مارس بعد تشغيل المولد الخامس بالمحطة.
وأضافت المولدات الخمسة في محطة كافو جورج السفلى للطاقة الكهرومائية، التي شيدتها شركة ((سينوهيدرو كوربوريشن)) المحدودة الصينية، 750 ميغاوات إلى الشبكة الوطنية للبلاد.
وقال هيشيليما إن استكمال المشروع لن يفيد قطاع الطاقة في البلاد فحسب، ولكنه سيفيد أيضا الاقتصاد ككل حيث تعد الطاقة محركا هاما للدولة.
وقالت فيديليتي سيندولو، التي تمتلك صالونا في العاصمة الزامبية لوساكا، إن إمدادات الطاقة قد تحسنت منذ أن بدأت المحطة في توليد الكهرباء، مما مكنها من خدمة المزيد من العملاء.
وأضافت "بفضل تحسن إمدادات الطاقة، تم افتتاح سبعة أو ثمانية متاجر جديدة في هذا الشارع هذا العام، بما في ذلك حانات ومتاجر سوبر ماركت وأكشاك للخضار".
وفي الوقت الذي تكافح فيه قارة أفريقيا آثار تغير المناخ، يأتي تطوير الطاقة الخضراء كخيار حتمي أمام القارة لتحقيق التنمية المستدامة.
وعلى الرغم من ثراء أفريقيا بموارد الطاقة المتجددة مثل الطاقة المائية والشمسية وطاقة الرياح، إلا أن استغلال تلك الموارد لا يزال منخفضا حتى وقتنا هذا.
والصين من جانبها تساعد قارة أفريقيا على الاستفادة من تلك الموارد. في بلدة "دي آر" على سبيل المثال وهي بلدة في مقاطعة كيب الشمالية في جنوب أفريقيا، دخلت شركة ((لونغيوان باور)) الصينية للطاقة في شراكة مع شركات محلية لإنشاء مشروع لطاقة الرياح يعمل منذ عام 2017 بسعة مركبة تبلغ حوالي 245 ميغاوات.
وفي كينيا، أظهرت الأرقام الرسمية أن السعة المركبة للطاقة الشمسية تزيد عن 100 ميغاوات بينما تبلغ طاقة محطة غاريسا للطاقة الشمسية الممولة من الصين 50 ميغاوات. وتقع المحطة في مقاطعة غاريسا بشمال كينيا وتعتبر أكبر محطة للطاقة الشمسية متصلة بالشبكة في شرق ووسط أفريقيا.
وقال كوستانتينوس بيرهوتيسفا كوستانتينوس، أستاذ السياسة العامة بجامعة أديس أبابا في إثيوبيا، إن التعددية تحدد نغمة دعم الصين لأفريقيا في تطوير مصادر الطاقة النظيفة، مضيفا أن "الصين ساعدت إثيوبيا ودولا أفريقية أخرى في عملية التحول الأخضر منخفض الكربون".
-- البيئة الخضراء
في غضون 11 شهرا فقط، حولت شركة صينية أرضا قاحلة في إثيوبيا إلى حديقة خضراء تستضيف الآن واحدة من أكبر وأكثر الساحات الحضرية الشاملة عمليا في أفريقيا.
يطلق علي هذه الساحة اسم حديقة الصداقة، وهي جزء مهم من المرحلة الأولى من مشروع التنمية الخضراء على ضفاف نهر أديس أبابا بمساعدة الصين.
ويدمج المشروع بين المناظر الطبيعية والهندسة المعمارية والإدارة البلدية والطرق والحفاظ على المياه والحديقة، وتنفذه شركة الصين الأولى لهندسة الطرق السريعة.
قال وي تشيانغ يو، المدير العام لمكتب الشركة الصينية المنفذة في إثيوبيا، إن مشروع التنمية الخضراء على ضفاف النهر يقدم المفهوم الصيني "المياه الصافية والجبال المورقة أصول لا تقدر بثمن" في إثيوبيا، وقد اكتسب شعبية من خلال إدارة البيئة الحضرية، وتطوير السياحة لدفع الاقتصاد، وبالتالي الشروع على طريق التنمية الخضراء والمستدامة.
وفي غينيا الاستوائية، يعد مشروع معالجة مياه الصرف الصحي في مدينة مالابو أكبر مشروع هندسي بلدي استثمرت فيه الحكومة.
ومنذ أن انتهت مجموعة ((قيتشوبا)) الصينية من تشييد المشروع في عام 2018، وصلت جودة النفايات السائلة من محطة المياه إلى مستوى التصريف.
وقال سيليستينو نكوغو ندونغ أويانا، وهو من سكان العاصمة مالابو "قبل بناء مشروع معالجة مياه الصرف الصحي، كانت المياه القذرة موجودة في كل مكان. والآن أصبحت مياه الشرب لدينا غير ملوثة وصالحة للشرب. لدينا عدد أقل بكثير من حالات حمى التيفود والملاريا والأمراض الأخرى".
وقالت ميمونة محمد شريف، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، إن الصين كانت في الماضي القريب ولا تزال دولة رائدة في التجديد الحضري، ملهمة بتجربتها الجنوب العالمي، حيث تنمو المدن بسرعة.
وأعربت شريف عن أملها في أن تواصل بكين تسهيل تدفق التكنولوجيا والمعرفة إلى مخططي المدن والمهندسين والمستثمرين المحليين في أفريقيا لتعزيز التنمية الحضرية المستدامة في القارة.