دبلوماسية شي: تعميق التعاون بين الصين وماليزيا نحو فصل جديد في العلاقات

التاريخ: 2023-04-05 المصدر: شينخوا
fontLarger fontSmaller

الصورة الملتقطة يوم 27 مارس 2023 تظهر نافورة أمام مركز المؤتمرات الدولي لمنتدى بوآو الآسيوي في بوآو بمقاطعة هاينان جنوبي الصين. (شينخوا)

بكين 4 أبريل 2023 (شينخوا) بناء على دعوة من القيادة الصينية، حضر رئيس الوزراء الماليزي داتوك سيري أنور إبراهيم المؤتمر السنوي لمنتدى بوآو الآسيوي 2023 وقام بزيارة رسمية إلى الصين في الفترة من 29 مارس إلى أول أبريل.

وتعد هذه أول زيارة يقوم بها أنور إلى الصين منذ توليه منصبه في نوفمبر 2022. كما أنها زيارة مهمة لدفع التعاون الثنائي قدما بمناسبة الذكرى السنوية الـ10 للشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين وماليزيا.

وتربط الصين وماليزيا صداقة طويلة الأمد، وسيصادف العام المقبل الذكرى السنوية الـ50 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.

وعلى مدى سنوات، عمل الجانبان بشكل وثيق لدفع التعاون عالي الجودة في مبادرة الحزام والطريق وبذلا جهودا مشتركة للتوصل إلى توافق بشأن بناء مجتمع صيني ماليزي ذي مستقبل مشترك من أجل تحقيق المنفعة للشعبين.

-- تعاون الحزام والطريق

باعتبارها واحدة من أوائل الدول التي استجابت لمبادرة الحزام والطريق، جنت ماليزيا منذ ذلك الحين ثمارا وفيرة.

حققت تشي مون يان، وهي صينية ماليزية تبلغ من العمر 30 عاما، مؤخرا أحد أحلامها. اصطحبت والدتها لتجربة مترو الأنفاق "أم آر تي 2"، وهو ثاني خط للنقل العام السريع في وادي كلانغ في ماليزيا.

انضمت تشي إلى مجموعة السكك الحديدية الصينية المحدودة في ماليزيا في عام 2016 بعد تخرجها وهي حاليا مديرة بيئية. وخلال السنوات القليلة الماضية، عملت تشي مع زملائها في بناء محطة بندر ماليزيا الشمالية ومحطة بندر ماليزيا الجنوبية والأنفاق المزدوجة المرتبطة بهما والنقاط الرئيسية على طول مترو الأنفاق "أم آر تي 2"، لإدارة أي تلوث محتمل في موقع العمل.

تشي مون يان (الثانية على اليسار)، مديرة بيئية لمجموعة السكك الحديدية الصينية المحدودة، تأخذ أمها (الأولى على اليسار) في جولة بمترو الأنفاق "أم آر تي 2" في كوالالمبور، ماليزيا يوم 16 مارس 2023. (شينخوا)

في 16 مارس، بدأ تشغيل مترو الأنفاق "أم آر تي 2". وفي أول قطار تم إطلاقه، سارت تشي عبر الحشود إلى المقصورة الأمامية ممسكة بيد والدتها، وشرحت لها مشاريع المحطة التي شاركت فيها. وسط الإشادة بمترو الأنفاق "أم آر تي 2" من الركاب، أحست تشي بالفخر الشديد.

وبفضل مبادرة الحزام والطريق، تقوم المزيد من الشركات الصينية بالاستثمار وممارسة الأعمال التجارية في ماليزيا، الأمر الذي لا يسهل تحديث البنية التحتية المحلية ويفيد بشكل مباشر معيشة الناس فحسب، ولكنه يجلب أيضا التكنولوجيا المتقدمة والخبرة الإدارية للسكان المحليين.

وقام إبراهيم بن سينيك، رئيس قرية في منطقة دونغون بولاية تيرينغانو، مؤخرا بزيارات متكررة إلى موقع بناء بالقرب من قريته. وكلما زاد طول ركائز الجسر، اقترب حلمه من التحقق.

وقال الرجل البالغ من العمر 59 عاما، والفرح في عينيه، عند إخراجه خريطة تحدد مسار خط للسكة الحديدية، إنه "تم بناء ركائز الجسور هذه لخط سكة حديد الساحل الشرقي. وبعد إنجازه، يمكن للقطارات السفر مباشرة عبر نهر دونغون. ونتطلع جميعا إلى هذا اليوم قريبا".

وأضاف "تقع قريتنا على بعد 2 كم فقط من المحطة. آمل أن أسافر إلى كوالالمبور مع أبناء قريتي بهذا القطار".

ويتم بناء خط سكة حديد الساحل الشرقي، وهو مشروع ضخم للسكك الحديدية في ماليزيا بطول تخطيط إجمالي يزيد عن 600 كم، من قبل شركة إنشاءات الاتصالات الصينية. ومن المتوقع أن يعزز خط السكة الحديدية بشكل كبير الترابط ويحقق نموا أكثر توازنا للبلاد من خلال ربط منطقتها الأقل نموا على الساحل الشرقي بالقلب الاقتصادي على الساحل الغربي.

وشدد وزير النقل الماليزي أنتوني لوك سيو فوك، الذي قام بزيارات متعددة للصين، مرارا في مقابلة حصرية مع وكالة أنباء ((شينخوا)) على أهمية تعاون الحزام والطريق بالنسبة لماليزيا.

وقال لوك إن صناعة النقل في ماليزيا، بما فيها المشاريع المهمة مثل خط سكة حديد الساحل الشرقي ومترو الأنفاق "أم آر تي 2"، جددت حيويتها بفضل مشاركة الشركات الصينية.

وأضاف أن "خط سكة حديد الساحل الشرقي هو مشروع ذو أهمية إستراتيجية. وبعد إنجازه، سيعزز التنمية الاقتصادية والصناعية على طول الساحل الشرقي، وفي الوقت نفسه يربط الساحل الشرقي بميناء كلانغ، وهو الميناء الرئيسي في ماليزيا".

-- تعميق الصداقة

الصين وماليزيا لديهما تاريخ طويل من التبادلات الودية. وقصة زيارة الملاح الصيني تشنغ خه من أسرة مينغ وأسطوله لملقا 5 مرات في رحلاته السبع معروفة جيدا في ماليزيا وأضحت نموذجا في تاريخ التبادلات الصينية الماليزية. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1974، يتقاسم البلدان السراء والضراء ويمضيان قدما جنبا إلى جنب.

في عام 2014، جاء زوجان من الباندا العملاقة يدعيان "شينغ شينغ" و"ليانغ ليانغ" إلى ماليزيا بمناسبة الذكرى السنوية الـ40 للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

زوجا الباندا العملاقة "ليانغ ليانغ" (على اليسار) و"شنغ يي" يأكلان أوراق الخيزران في حديقة حيوان نيغارا بالقرب من كوالالمبور، ماليزيا يوم 11 مارس 2023. (شينخوا)

واعتادت عائلة الباندا، التي يعشقها الجمهور الماليزي، على أكل الخيزران المنتج في ماليزيا ويمكنها فهم القليل من اللغة المحلية. بالنسبة لأكمل وزملائه، الذين أمضوا تسع سنوات في رعاية زوجي الباندا، فقد أصبحا بالفعل كأفراد الأسرة بالنسبة لهم.

إلى جانب الكنز الوطني للصين الباندا العملاقة، تكتسب الثقافة الصينية، ممثلة في اللغة الصينية والطب الصيني التقليدي، شعبية بين المجموعات العرقية غير الصينية في ماليزيا.

وقبل بضعة أيام فقط، اختتمت مسابقة المناظرات الصينية الجامعية الثانية بين الصين وماليزيا، وتبادل طلاب من 26 جامعة وكلية معروفة في الصين وماليزيا الأفكار وعززوا التفاهم المتبادل حول موضوعات المناظرة في التعليم والعلوم والتكنولوجيا والبيئة وغيرها من المجالات.

وفي المدارس الصينية في ماليزيا، شكل الطلاب غير الصينيين أكثر من 20 في المائة من المجموع. وفي مركز تشخيص وعلاج الطب الصيني التقليدي بكوالالمبور، قالت طبيبة من الملايو تدعى أميرة إن المزيد من الطلاب غير الصينيين يقومون بالتسجيل في دورات الطب الصيني التقليدي.

منذ عام 2009، تغير تعليم الطب الصيني التقليدي في ماليزيا تدريجيا من التعليم الذي يديره القطاع الخاص إلى التعليم العالي المعتمد من الحكومة. ويوجد الآن ثماني جامعات وكليات تقدم دورات الطب الصيني التقليدي التي تدرس باللغتين الصينية والإنجليزية.

-- زخم جديد للتنمية

يقع مجمع كوانتان الصناعي الماليزي الصيني في مدينة كوانتان حاضرة ولاية باهانغ وتم تشغيله في عام 2013، وهو مشروع تعاون رئيسي في الحزام والطريق وقاعدة نموذجية للتعاون في القدرات الصناعية العابرة للحدود. وقد أرسى المجمع، إلى جانب مجمع تشينتشو الصناعي الصيني الماليزي ومقره الصين، مثالا مبتكرا للتعاون الاقتصادي الثنائي في إطار نموذج "دولتان، مجمعان توأمان".

لقطة جوية ملتقطة يوم 15 أبريل 2019 تظهر شركة التحالف للصلب في مجمع كوانتان الصناعي الماليزي الصيني في باهانغ، ماليزيا. (شينخوا)

وعلى مدى العقد الماضي، كان الرئيس الصيني شي جين بينغ يتابع بناء وتطوير المجمعان الصناعيان التوأم. وخلال اجتماعه مع أنور في بكين يوم الجمعة، دعا شي الجانبين إلى مواصلة رفع مستوى التعاون عالي الجودة في مبادرة الحزام والطريق، ودفع المشروعات الرئيسية، وتعزيز مجالات النمو في الاقتصاد الرقمي والتنمية الخضراء والطاقة الجديدة، واستكشاف التعاون في سبل معيشة الناس كي تحقق العلاقات الصينية-الماليزية المزيد من المنافع للشعبين.

وقال لوه يونغ، نائب المدير العام التنفيذي لشركة بيبو غولف القابضة (ماليزيا) لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه بفضل رعاية وتعزيز قادة البلدين، بشر مجمع كوانتان الصناعي الماليزي الصيني بفرصة تنمية تاريخية.

الآن، أنجز مجمع كوانتان الصناعي الماليزي الصيني تطوير نحو 10 من أصل 12 كيلومترا مربعا من المناطق المخططة . وقد قام بتوقيع 12 مشروعا باستثمارات تعاقدية واستثمارات فعلية بلغ مجموعها 46 مليار يوان (6.7 مليار دولار أمريكي) و12 مليار يوان (1.7 مليار دولار) على التوالي. وتم إنشاء حوالي 15000 وظيفة مؤقتة و5000 وظيفة طويلة الأجل.

وبتوجيه إستراتيجي من قادة البلدين، حقق التعاون في مجالات التجارة والعلوم والتكنولوجيا والثقافة وغيرها من المجالات نتائج مثمرة.

وفي عام 2022، وصلت التجارة البينية إلى مستوى قياسي بلغ 203.6 مليار دولار، بزيادة 15.3 في المائة على أساس سنوي. وتعد الصين أكبر شريك تجاري لماليزيا منذ 14 عاما متتاليا.

وقال أوه إي سون، المستشار الرئيسي لمركز أبحاث المحيط الهادئ الماليزي، إن زيارة أنور للصين هي تعميق وتوسيع للعلاقة الوثيقة للغاية بين الجانبين، معربا عن أمله في أن تقود الصين الاقتصاد الإقليمي لاستعادة حيوية التنمية.

تحرير: تشن لو يي