السفير القطري لدى الصين: القمة العربية الصينية الأولى علامة فارقة في تاريخ العلاقات الثنائية وتساهم في تعزيز التعاون الثنائي في العديد من الأصعدة
محمد بن عبد الله الدهيمي، سفير دولة قطر لدى الصين (صورة مقدمة من سفارة دولة قطر لدى الصين)
بكين 9 ديسمبر 2022 (شينخوا) قال محمد بن عبد الله الدهيمي، سفير دولة قطر لدى الصين، إن العلاقات العربية الصينية تعتبر من أهم العلاقات في العصر الحالي، وخاصة مع تزايد تعاون الفوز المشترك بين الجانبين، مشيراً إلى أن القمة العربية الصينية الأولى المقامة في السعودية تعتبر علامة فارقة في تاريخ العلاقات الثنائية بين الدول العربية والصين.
وأضاف السفير الدهيمي خلال مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخراً بمناسبة انعقاد القمة العربية الصينية الأولى اليوم الجمعة في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، أن القمة ستساهم بمزيد من التعاون بين الدول العربية والصين في العديد من الأصعدة، ما يعزز آليات التعاون المختلفة للتواصل الإنساني والثقافي في إطار منتدى التعاون العربي الصيني.
وأشار الدهيمي إلى أن علاقات الشراكة الاستراتيجية العربية الصينية حققت تقدما مستمرا، حيث ارتفع التعاون في بناء "الحزام والطريق" إلى مستويات جديدة، إلى جانب إقامة مجموعة من علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، ما ساهم في ارتفاع حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والصين في عام 2021 بحوالي 330 مليار دولار أمريكي، لتتصدر الصين المرتبة الأهم بين الشركاء التجاريين للدول العربية.
وعلى صعيد العلاقات الثنائية بين دولة قطر والصين، أكد الدهيمي أن هذه العلاقات تقوم على مبدأ الاحترام المتبادل والفوز المشترك للجانبين، لافتاً إلى أن قطر كانت من بين الدول العربية التي أقامت علاقات شراكة استراتيجية مع الصين، ما أثمر عن تطور ملموس في التعاون المشترك بين البلدين، لتصبح الصين الشريك التجاري الأول لقطر، مستحوذة على نسبة 13.5 بالمائة من إجمالي حجم التجارة القطرية الخارجية في عام 2021.
وأوضح السفير أن قطر كانت من أولى الدول العربية التي آمنت بأهمية مبادرة "الحزام والطريق" وشاركت فيها بنشاط، حيث شكّلت لجنة قطرية للاهتمام بشؤون المبادرة، فضلاً عن إقامة عدة مشاريع ثنائية ضمن إطار المبادرة.
وأشار السفير إلى تعمق الشراكة الاستراتيجية الثنائية بين البلدين منذ إقامتها عام 2014، والتي تقوم على أسس الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة، حيث استطاع البلدان بشكل أولي صياغة نمط جديد من التعاون، يمثل التعاون في مجال النفط والغاز عموده الفقري، وبؤرة تركيزه في البنية التحتية، والقطاع المالي والاستثمار نقطة نموه الجديدة، مضيفا أن العمل مستمر لإحراز مزيد من التقدم في مجالات الطاقة والبنية الأساسية والتكنولوجيا الجديدة والفائقة والاستثمار.
وفي هذا السياق، ذكر السفير الدهيمي أن تدشين دولة قطر لأول مرة مركز مقاصة للعملة الصينية (الرنمينبي) في الشرق الأوسط في ابريل 2015 شكّل منعطفاً مهماً في العلاقات الاقتصادية والتجارية التي تربط بين البلدين، وإنجازاً مهماً على صعيد التعاون الاقتصادي والمالي، حيث يقدم المركز خدمات التسوية المالية بالعملة الصينية، ما يسهم في زيادة الفرص المتاحة لتوسيع علاقات التجارة والاستثمار بين البلدين.
وتمثل الشراكة القطرية الصينية نموذجا مهما في خريطة العلاقات الاقتصادية الخارجية لدولة قطر، كما يوفر قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وقانون الاستثمار الجديد العديد من الفرص للمستثمرين الصينيين، إلى جانب المزايا العديدة والإجراءات الحكومية وتطوير التشريعات الاستثمارية التي من شأنها جذب مزيد من المستثمرين الأجانب إلى قطر، حسبما قال السفير.
وأشار إلى أن الصين تُعد ثاني أكبر مشترٍ للغاز الطبيعي المسال والمواد الكيميائية من قطر، بينما تعد قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال للصين. وفي عام 2020، وقَّعت الصين وقطر عقدا لبناء ناقلات الغاز الطبيعي المسال بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي، وقامت ناقلة الغاز الطبيعي المسال "Q-Max" القطرية برحلتها الأولى لميناء تيانجين الصيني، كما وقَّع الجانبان أيضاً عقد تصدير 2814 حافلة كهربائية وحافلة ديزل، بما يسهم في تحقيق هدف المواصلات الخضراء لكأس العالم 2022.
وقال الدهيمي إن مشاركة الشركات الصينية في العديد من المشاريع الرئيسية تتزايد في قطر؛ مثل مشاريع الخزانات الاستراتيجية الضخمة للمياه، واستاد لوسيل، وميناء حمد الدولي، وشبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية وغيرها، مشيرا إلى إمكانية استفادة دولة قطر من التكنولوجيا والخبرات التي تقدمها الشركات الصينية؛ وبالمقابل تعد الصين وجهة جاذبة للمستثمرين القطريين في مجال بناء السفن، والتصنيع، والبتروكيماويات، والتكنولوجيا المتقدمة، والخدمات الفندقية، والسياحة، والخدمات المالية، وغيرها.
وفيما يتعلق ببطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر 2022، قال السفير الدهيمي إنها بطولة استثنائية وفريدة من نوعها، حيث تقام لأول مرة في دولة عربية ومسلمة؛ بينما تتميز البطولة أيضا بتواجد تعاون صيني كبير، حيث ساهمت العناصر الصينية بنجاح المونديال، ومن أبرزها استاد لوسيل الذي شاركت في إنشائها شركة صينية، وأيضا الحافلات التي تعمل بالطاقة الجديدة لتسهيل تنقل المشجعين في المونديال، بالإضافة إلى خط المترو الذي قامت بإنشائه شركة صينية. مضيفاً: "يمكن أن نرى المنتجات الصينية في كل أجزاء المونديال، حيث ساهمت المناطق الصينية في توفير عدد كبير من منتجات كأس العالم التجارية التي تم تصنيعها في الصين، كما أن تواجد الباندا في الدوحة خلال المونديال هو دليل على عمق العلاقات بين البلدين، وهي هدية من الشعب الصيني للشعب القطري".
وفي حديثه حول إمكانيات وفرص تطوير العلاقات بين دولة قطر والصين، أكد السفير الدهيمي أن الفترة المقبلة ستشهد اتخاذ المزيد من الخطوات لتوطيد هذا التعاون، وزيادة حجم التبادل الثنائي، وتيسير تدفق السلع والخدمات والاستثمارات، وتعزيز دور القطاع الخاص، وتذليل العقبات التي تواجه بعض المشاريع، مضيفا أن هذه الشراكة مكّنت من زيادة حجم التبادل التجاري وتعزيز نموه.
وقال الدهيمي إن مستقبل التبادل التجاري بين دولة قطر والصين واعد جدا، على الرغم مما تتعرض له التبادلات التجارية العالمية أحياناً من ضغوط تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، والاختناقات في سلاسل التوريد العالمية، مشيراً إلى ما يتميز به القطاع الخاص من دور مهم في صلب جهود تطوير التعاون والشراكة وضرورة تحفيزه بشكل أكبر، حيث ينظر القطاع الخاص القطري للصين كوجهة استثمارية فريدة وجاذبة، بينما يتطلع رجال الأعمال القطريون لتعزيز التحالفات مع نظرائهم الصينيين، وإقامة مشاريع في البلدين، لا سيما بعد أن أجرت قطر تعديلات على بيئة الاستثمار المحلي لجعلها أكثر تنظيما واستجابة لمناخ الأعمال.