السفير المغربي لدى الصين: القمة العربية الصينية الأولى منعطف لمد جسر في الشراكة الاستراتيجية وفتح آفاق لتوطيد التعاون الثنائي

التاريخ: 2022-12-10 المصدر: شينخوا
fontLarger fontSmaller

عزيز مكوار، سفير المملكة المغربية لدى الصين (صورة مقدمة من سفارة المغرب لدى الصين)

بكين 9 ديسمبر 2022 (شينخوا) قال السفير المغربي لدى الصين عزيز مكوار، إن القمة العربية الصينية الأولى المقامة بالمملكة العربية السعودية ستشكل بشكل مؤكد "منعطفاً مهماً لمد جسر جديد في مسيرة الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية والصين، وتفتح آفاقاً واعدة لتوطيد وتعزيز أوجه التعاون بين الجانبين في كل المجالات، وخصوصا التعاون الاقتصادي والتنموي."

وأضاف مكوار خلال مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا بمناسبة انعقاد القمة العربية الصينية الأولى، أن مُخرجات القمة ستحظى بوقع إيجابي كبير لرسم استراتيجية تعاون مشتركة تؤسّس لمستقبل جديد بين الجانبين، علما أن العالم يمر حاليا بظرف يشهد اضطرابات كثيرة في العديد من المناطق.

وفيما يتعلق بالعلاقات المغربية الصينية، قال مكوار إن جذور علاقات الصداقة التي تجمع بين البلدين ضاربة في أعماق تاريخ عريق وغني من التبادلات بين الشعبين، بينما يرجع تاريخ العلاقات الدبلوماسية الثنائية إلى عام 1958، ما جعل الصين ترى في المملكة المغربية صديقاً نموذجياً على مستوى الدول العربية والأفريقية ومحط ثقة، مضيفاً: "نأمل دائما أن يشكل المغرب نقطة انطلاق محورية في التعاون العربي الصيني، وأيضاً لتحقيق أهداف مبادرة "الحزام والطريق" التي ستدخل قريبا عامها العاشر."

وقال السفير مكوار إن العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين المغرب والصين ما فتئت تتنامى في  مختلف الأصعدة، بما في ذلك التعاون الثقافي بمختلف جوانبه، على غرار تأسيس معهد كونفوشيوس بجامعة محمد الخامس بالرباط وتشغيله الرسمي في عام 2009، وإطلاق مسلك الدراسات الصينية فيه عام 2012؛ وكذا تأسيس مراكز للمعهد بأربعة جامعات مغربية أخرى وهي جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، وجامعة ابن زهر بأكادير، وجامعة محمد بن عبد الله بفاس، وجامعة القاضي عياض بمراكش.

يجدر بالذكر أن في المغرب حاليا ثلاثة معاهد كونفوشيوس في كل من الرباط والدار البيضاء وطنجة، إلى جانب المركز الثقافي الصيني بالرباط.

وتابع مكوار: "نعلم أن هذه المعاهد تسعى لتقديم التكوين الأكاديمي والثقافي الضروري للصغار والكبار من المهتمين باللغة والثقافة الصينية، ما يساهم في استمرار العمل بشكل تشاركي لتحقيق المزيد من المنجزات في توطيد العلاقات الإنسانية بين الشعبين. وقد تعزز هذا التعاون في السنوات الأخيرة إثر التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين عام 2016، ما ساعد على تعزيز دينامية التعاون بين البلدين في كل الأصعدة."

وأشار مكوار إلى اختيار العديد من الجامعات الصينية المرموقة المغرب لعقد اتفاقيات شراكة ثنائية، كما هو الحال بين جامعة محمد الخامس وجامعة الدراسات الدولية ببكين، إلى جانب الأنشطة الثقافية المتعددة والمتنوعة التي يحرص البلدان على تنظيمها سواء بالمغرب أو الصين، التي تساهم في تعزيز التبادل الإنساني والثقافي بينهما. وقال: "أؤكد بهذا الخصوص على ضرورة الاستمرار في تعزيز التبادل والتواصل والترابط والتعارف بين شباب البلدين، ونتطلع دائماً إلى مستقبل واعد للصداقة الأخوية بين الشعبين."

وفي معرض حديثه عن مبادرة "الحزام والطريق"، قال السفير مكوار إن المغرب وقع عام 2017 على مذكرة تفاهم بخصوص مبادرة "الحزام والطريق"، ما جعله أول بلد مغاربي ومن أوائل الدول الأفريقية التي انضمت إلى المبادرة، مضيفاً: "إن توقيع الجانبين في بداية العام الجاري على خطة التنفيذ المشترك لمبادرة "الحزام والطريق" بين المملكة المغربية وجمهورية الصين الشعبية يمثل أداةً متكاملةً للتدبير الاستراتيجي والتفعيل الملموس لشراكة شاملة انطلاقًا من الحوار السياسي وصولاً إلى تعاون قطاعي شامل."

وتابع السفير المغربي أن المغرب والصين مدعوان اليوم إلى الارتقاء نحو مستوى عالٍ من الالتزام المنسق، يشمل على الخصوص مجالات البنى التحتية والتجارة والاستثمارات والصناعة والتعليم والعلوم والتكنولوجيات والتنمية الخضراء والصحة. وأضاف أن مبادرة "الحزام والطريق" ستستفيد أيضا من الدعم الديناميكي للمغرب، بفضل استقراره السياسي وموقعه الجغرافي وانفتاحه الاقتصادي وقدراته في مختلف القطاعات، مؤكدا أن المغرب يفرض نفسه كبلد إفريقي وعربي ومتوسطي محوري في تفعيل مبادرة "الحزام والطريق"، وشريك له نفس طموح الصين المتمثل في جعل المبادرة نجاحا لتعاون جنوب-جنوب.

وبخصوص التطلعات الجديدة لعلاقات التعاون بين المغرب والصين، دعا السفير مكوار إلى استغلال الإمكانيات الواعدة والفرص الجديدة التي تتيحها الدينامية الحالية في العلاقات الثنائية للارتقاء بالعلاقات إلى ما يطمح إليه قائدا البلدين، حيث إن الموقع الجغرافي الاستراتيجي والمؤهلات المتعددة للمملكة المغربية يؤهلها لشراكة متميزة مع الصين، إضافة إلى أن المغرب بلد ينعم بالاستقرار ويمنح العديد من الحوافز التي تجعل منه محط اهتمام المستثمرين، مضيفاً: "ندعو بهذه المناسبة رجال الأعمال والمستثمرين الصينيين للمساهمة في تدعيم التعاون المتميز بين البلدين، وعليه؛ يجب أن يعمل البلدان على تقييم التعاون الثنائي ومتعدد الجوانب، والتفكير في آفاق تعزيز مجالات التعاون الثنائي داخل الفضاءات الجغرافية ذات الاهتمام المشترك، مع إيلاء أهمية خاصة للتعاون العربي الصيني بعد هذه القمة التاريخية."

وحول خبراته وانطباعاته حول الصين خلال سنوات عمله فيها، قال السفير مكوار إن الصين شهدت تغيرات جديدة في السنوات القليلة الأخيرة شملت كل جوانب الحياة، وأصبحت تجذب أنظار العالم كقوة اقتصادية ومحرك أساسي  للنمو في العالم، مضيفاً:" لا تكاد سنة تمر إن لم أقل شهر أو يوم وإلا ونعاين أو نقف منبهرين أمام الإبداعات المختلفة والإنجازات غير المسبوقة في كل الميادين والمجالات التي أصبحت تحققها الصين ويستعصي على العديد من الدول إنجازها، بما في ذلك تحقيق التنمية الشاملة وإخراج الملايين من دائرة الفقر، فضلا عما تحظى به الصين من مكانة وازنة وفاعلة في محيطها الجهوي أو على الصعيد الدولي."

وواصل مكوار: "من خلال تواجدي بالصين سنحت لي فرص عديدة لمعاينة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها الصين عن كثب، ما ترك لدي انطباعا عميقا ليس فقط من خلال جمالية وروعة المناطق التي قمت بزيارتها، بل كذلك الازدهار والرفاهية التي أصبح ينعم بها المواطنون، والسعادة التي أصبحت تغمرهم بسبب سياسة التنمية الشاملة والمستدامة."

تحرير: تشن لو يي