مقالة خاصة: "شريك تنموي يعتمد عليه"...الصين في عيون دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ
صورة التقطت من الجو في 9 سبتمبر 2021 تظهر ملعب مورودوك تيكو الوطني الذي مولت تشييده الصين في بنوم بنه بكمبوديا. (شينخوا)
بكين 3 يونيو 2022 (شينخوا) في الوقت الذي يتطلع فيه سكان جزر سليمان لاستضافة دورة ألعاب المحيط الهادئ لعام 2023 لأول مرة في التاريخ، تقدم الصين يد العون لتحقيق تطلعهم.
فقد تم تسليم مضمار رياضي وملعب لكرة قدم إلى جزر سليمان في أبريل بعد تشييدهما بمساعدة الصين. ومضمار الجري المطاطي عالي الجودة هذا هو الأول من نوعه في الدولة الجزرية الواقعة في المحيط الهادئ.
وخلال حفل التسليم، أشاد رئيس وزراء جزر سليمان ماناسيه سوغافاري به واصفا إياه بمعلم بارز في استعدادات البلاد لدورة ألعاب المحيط الهادئ. ووصف الصين بأنها "شريك تنموي يعتمد عليه"، وشكر الصين أيضا على تزويد بلاده بإمدادات مكافحة الجائحة ومعدات الاختبار السريع، وإرسال فرق طبية إليها.
في الواقع، إن جزر سليمان ليست الدولة الوحيدة التي أقامت معها الصين صداقة في السنوات الأخيرة على أساس الإخلاص والدعم المتبادل. فمنذ زمن، تعتز الصين دائما بكل فرصة للتعاون مع جيرانها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
-- من الطريق إلى الجسر
في العام المقبل، ستتم استضافة حدث رياضي آخر في استاد مولت الصين أيضا تشييده: فقد اختارت كمبوديا استاد مورودوك تيكو الوطني الذي يتسع لـ60 ألف مقعد في بنوم بنه ليكون المكان الرئيسي لدورة ألعاب جنوب شرق آسيا التي تقام لأول مرة في البلاد.
اُفتتح الاستاد، المشيد على شكل سفينة شراعية والبالغ طوله 39.9 م، العام الماضي. وقال وزير السياحة الكمبودي ثونغ خون، وهو أيضا رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية الكمبودية، إن الاستاد يعد إنجارا عظيما في قطاع الرياضة بكمبوديا ورمزا جديدا للصداقة التي لا تنفصم عراها بين كمبوديا والصين.
وأضاف أن "السفينة الشراعية ترمز إلى صداقة تقليدية قائمة منذ أمد بعيد بين كمبوديا والصين لأن الصينيين اعتادوا السفر بالسفن الشراعية إلى كمبوديا في العصور القديمة".
صورة التقطت من الجو في 9 سبتمبر 2021 تظهر ملعب مورودوك تيكو الوطني الذي مولت تشييده الصين في بنوم بنه بكمبوديا. (شينخوا)
وفي مارس، اُفتتح الطريق الوطنى رقم 3 الذي يبلغ طوله 134.8 كم ويربط بين العاصمة الكمبودية بنوم بنه ومقاطعة كامبوت الساحلية الواقعة جنوب غرب البلاد.
قامت ببناء الطريق الشركة الصينية للطرق والجسور بتكلفة تصل إلى حوالي 215 مليون دولار أمريكي، وهذا الطريق يعتبر في نظر رئيس الوزراء الكمبودي سامديتش تيكو هون سين بالغ الأهمية لتعزيز التنمية الاقتصادية والسياحية.
"لا شك أن هذا الطريق سيسهل السفر ونقل المنتجات الزراعية وغيرها من السلع، ويجذب المزيد من السائحين والمستثمرين إلى هذه المقاطعة الساحلية"، هكذا قال ثون سوكلينج (43عاما)، وهو مزارع من مقاطعة كامبونج سبيو، في حديثه لوكالة أنباء ((شينخوا)).
في أبريل، أُعلن عن تشييد جسر بمساعدة الصين يربط بين منطقتين مزدحمتين في مدينة مانيلا بالفلبين.
يعد جسر بينوندو-إنتراموروس، الذي يبلغ طوله الإجمالي 680 م، أحد الجسرين اللذين ساعدت الصين في تشييدهما في إطار برنامج "البناء والبناء والبناء" الفلبيني على الرغم من جائحة كوفيد-19.
ويمكن للجسر الجديد أن يستوعب 30 ألف سائق يوميا. ومن المتوقع أن يصبح معلما آخر في المدينة.
وذكر الرئيس الفلبيني السابق رودريغو دوتيرتي في حفل افتتاح الجسر "اتوجه بالشكر والامتنان لجمهورية الصين الشعبية على الثقة وعلى كونها شريكا في تعزيز مشاريع البنى التحتية الرئيسية في بلادنا".
جسر بينوندو-إنتراموروس الممول من الصين قيد الإنشاء في مانيلا بالفلبين في 3 مارس 2022. (شينخوا)
-- جونتساو ولقاحات واحترام متبادل وتنمية
على مر السنين، ساعدت الصين أيضا بعض الدول الجزرية في المحيط الهادئ بما في ذلك فانواتو وتونغا وميكرونيزيا على بناء أو تجديد طرق لتسهيل حركة النقل لديها.
وقد شعر الناس العاديون في المنطقة بدعم الصين.
فالمواطن كيلا فالي هو مزارع من المنطقة الوسطى في بابوا غينيا الجديدة. والصين ليست غريبة بالنسبة له، رغم أنها تبعد أكثر من 6 آلاف كم.
قال في حديثه "لقد ساعدتنا الصين كثيرا. انظروا إلى المدارس هنا، والطريق أمام البرلمان"، مضيفا "إنهم يساعدون في تعليمنا كيفية زراعة الأرز. هذا مهم للناس هنا الذين يعيشون على الزراعة لكسب قوت يومهم".
وكما يقول المثل الصيني "إن أعطيت شخصا سمكة، فإنك تطعمه ليوم واحد. وإن علمته الصيد، فإنك تطعمه مدى الحياة".
وبمساعدة متخصصين زراعيين من مقاطعة فوجيان بشرق الصين، يقوم العديد من المزارعي في بابوا غينيا الجديدة بزراعة الأرز والفطر من العشب البري الخاص، على غرار بعض الفطريات المزروعة من المواد العضوية. كما يمكن استخدام عشب جونتساو، الذي يطلق عليه السكان الأصليون اسم "العشب الصيني"، في تغذية الماشية.
بدأ مشروع جوتساو التجريبي في عام 2000 سعيا لتحسين معيشة سكان بابوا غينيا الجديدة. في عام 2018، خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى هذه الدولة الواقعة في المنطقة الأوقيانوسية، وقعت الصين وبابوا غينيا الجديدة مشروعا آخر للمساعدات باستخدام تكنولوجيا العشب هذه. وبحلول عام 2023، من المتوقع أن ينتشل برنامج المساعدات 30 ألف شخص محلي من براثن الفقر.
لين ينغ شينغ (يمين)، أخصائي من جامعة فوجيان للزراعة والحراجة، يتفقد نمو أرز الأراضي الجافة مع المتخصص المحلي توني سيمون في مقاطعة المرتفعات الشرقية في بابوا غينيا الجديدة في 30 يناير 2020. (شينخوا)
وذكرت وزارة الخارجية الصينية أن الصين قامت حتى الآن، من أجل الدول الجزرية في المحيط الهادئ، بتنفيذ أكثر من 100 مشروع مساعدات، وتقديم أكثر من 200 دفعة من المساعدات العينية، وتدريب حوالي 10 آلاف من المواهب في مختلف المجالات. وأرسلت 600 من العاملين في المجال الطبي إلى تلك الدول، ليعود ذلك بالفائدة على أكثر من 260 ألف من السكان المحليين.
بعد تفشي جائحة كوفيد-19، قدمت الصين الدعم للدول الجزرية في المحيط الهادئ. وقدمت حتى الآن نحو 590 ألف جرعة من لقاحات كوفيد-19 وأكثر من 100 طن من الإمدادات إلى الدول الجزرية في المحيط الهادئ.
وتؤكد الصين دائما أن التعاون بين الصين والدول الجزرية في المحيط الهادئ يجري على أساس احترام الدول وشعوبها.
وقد أصدرت الصين يوم الاثنين ورقة موقف من 15 نقطة حول الاحترام المتبادل والتنمية المشتركة مع الدول الجزرية في المحيط الهادئ، بما في ذلك العمل بشكل مشترك على تعزيز السلام والأمن الإقليميين، واتخاذ إجراءات صارمة ضد الجرائم العابرة للحدود الوطنية مثل الجرائم الإلكترونية، ومكافحة كوفيد-19، وتعزيز التبادلات الشعبية.
وشددت الورقة على المساواة بين جميع الدول، بغض النظر عن حجمها وقوتها وثروتها، داعية إلى السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية. كما أكدت على احترام استقلال الدول الجزرية في المحيط الهادئ وسيادتها وسلامة أراضيها، ودعم هذه الدول في اختيار مسارات التنمية المناسبة لظروفها الوطنية بشكل مستقل، والالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وأشار لوك ماني، مدير الأمانة الاستشارية للسياسة الخارجية في جزر سليمان، إلى أن شعوب الدول الجزرية في المحيط الهادئ تستفيد من المستشفيات والطرق والأرصفة والمدارس والمطارات والمرافق الرياضية التي بنتها الصين. وقال "على سبيل المثال، في جزر سليمان، وصلت البنى التحتية التي تبرعت بها الصين وشيدتها إلى مستويات لم يسبق لها مثيل".
وأشار إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها "لم يروا شيئا آخر سوى القواعد البحرية والمنشآت العسكرية".
وذكر ماني "هذا الهوس بالمصالح الاستراتيجية مثير للاشمئزاز بالنسبة للعديد من الدول الجزرية في المحيط الهادئ"، مضيفا "لقد سئمت جزر المحيط الهادئ من كونها حكاية استراتيجية على لسان أي شخص".
وتابع قائلا "الرؤية هي أساس التصديق"، لافتا إلى أن "السكان المحليين، بغض النظر عن محاولات التضليل والدعاية المناهضة للصين، يؤمنون الآن بالصين كصديق يعتمد عليه!"