خبراء تونسيون: منتدى التعاون الصيني الإفريقي فرصة مُتجددة لتعزيز الشراكات الإستراتيجية

التاريخ: 2021-11-27 المصدر: شينخوا
fontLarger fontSmaller

تونس 26 نوفمبر 2021 (شينخوا) اعتبر سياسيون وخبراء تونسيون أن منتدى التعاون الصيني الإفريقي في دورته الجديدة، التي تستضيفها العاصمة السنغالية في نهاية الشهر الجاري، يُعد فرصة مُتجددة لتعزيز الشراكات الاستراتيجية بين الصين والدول الإفريقية، وخاصة منها تونس التي ترنو إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية.

وقال عضو المكتب السياسي لحزب التيار الشعبي التونسي الناطق الرسمي باسمه محسن النابتي، لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن منتدى التعاون الصيني الإفريقي يُشكل فرصة مُشتركة للصين بإعتبارها أقوى الاقتصاديات العالمية لتثبيت ريادتها عالميا، ولإفريقيا التي عانت لعقود طويلة من الهيمنة الاستعمارية وبقيت تتقاذفها الحروب والصراعات بينما يواصل الغرب نهب خيراتها".

وأشار إلى أن الصين "ليس لها ماض استعماري في إفريقيا، وهي لا تتدخل في السياسات الداخلية للدول ولا تسعى لسلخ الشعوب من ثقافاتها، وهذه العوامل مُجتمعة تبعث على الثقة لبناء شراكة استراتيجية معها، خاصة في هذه المرحلة التي ازداد فيها الصراع على إفريقيا".

وأكد أن "اللقاء بين الصين القوة الاقتصادية العظمى وإفريقيا مستقبل العالم سيكون تحولا في خارطة التوازنات الدولية، وهذا يتطلب الاتعاظ من تجارب الماضي وخاصة منها الشراكات غير المتكافئة مع الغرب التي خلفت الويلات، وهذا يتطلب إرساء شراكة على قاعدة رابح-رابح".

ودعا النابتي في هذا السياق، الدول الإفريقية إلى التقاط فرصة الدورة الجديدة لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي للتأسيس لبناء شراكة متكافئة تمكنها من توطين التكنولوجيا وبناء اقتصاديات مُنتجة للثورة، إلى جانب الاستفادة من القدرات الصينية في مجال البنية التحتية وأيضا تجربتها في الزراعة وتنمية الريف.

وتستضيف العاصمة السنغالية داكار النسخة الثامنة لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي (فوكاك) المقرر عقده بين يومي 29 و30 من نوفمبر الجاري لمناقشة سبل تعزيز علاقات التعاون بين الصين وإفريقيا في مختلف المجالات لبناء شراكة متينة تؤسس لمستقبل مُشترك، ورسم مسار التنمية المستقبلية للعلاقات الثنائية ومُتعددة الأطراف.

ويُتوقع أن يشارك في هذه الدورة الجديدة أكثر من 500 مشارك بشكل مباشر وعبر الإنترنت بما في ذلك رؤساء الدول والوزراء وممثلو المنظمات الدولية والقطاع الخاص الإفريقي والصيني، وذلك وفق وثيقة وزعتها في وقت سابق وزارة الخارجية السنغالية.

ورأت وزير الخارجية السنغالية عيساتا تال سال، في تصريحات سابقة أن هذه الدورة الجديدة لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي تُعقد هذا العام في سياق استثنائي وقد أثبتت الصين أنها الشريك الرائد لإفريقيا خلال العقدين الماضيين، حيث شملت هذه الشراكة مجالات عديدة منها البنية التحتية والتجارة والزراعة والطاقة والصحة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والأمن والتعليم.

ورأى المُحلل السياسي التونسي منذر ثابت، أن التعاون الصيني الإفريقي وصل إلى مستويات غير مسبوقة، وتطويره إلى مستويات كبيرة أصبح يُمثل تحديا حقيقيا لمجموع الدول الإفريقية التي عليها الحفاظ على روح التضامن والتعاون والتعامل بشكل مشترك لتمكين التعاون الصيني-الإفريقي من المزيد من التألق على قاعدة المنافع المتبادلة.

وقال ثابت لـ(شينخوا) إن الصين تُمثل اليوم قطبا صاعدا أصبح يُنافس بجدية أمريكا وبقية الدول الغربية ليس فقط في إفريقيا وإنما في مختلف أنحاء العالم، حيث تُرشحه الدراسات الاستراتيجية بأن يتمكن من تجاوز أمريكا في أفق العام 2025.

وأضاف أن مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقتها الصين بهدف تعزيز الترابط والتعاون تبقى واحدة من أهم المبادرات العالمية التي من شأنها إحداث تغيرات هائلة على مستوى الاقتصاد والتوازنات الجيوسياسية، التي يتعين على إفريقيا والمنطقة العربية الاستفادة منها.

وكانت الصين قد أطلقت في العام 2013، مبادرة "الحزام والطريق"، وهي تهدف إلى بناء شبكة للتجارة والبنية التحتية تربط آسيا مع أوروبا وإفريقيا من خلال إحياء طرق التجارة القديمة.

وقد أصبحت مبادرة "الحزام والطريق" أكبر منصة للتعاون الدولي في العالم، حيث انضمت إليها 141 دولة و32 منظمة دولية، بما في ذلك جميع دول الآسيان.

وبحسب تقرير حديث للبنك الدولي يركز على 71 اقتصادا يقع جغرافيا على طول ممرات مبادرة الحزام والطريق، فإن مشاريع الحزام والطريق يمكن أن تساعد في انتشال 7.6 مليون شخص من الفقر المدقع و32 مليون شخص من الفقر المتوسط على مستوى العالم.

وتُعتبر الدول الإفريقية واحدة من هذه الدول التي تستفيد من هذه المبادرة التي من شأنها تعزيز مجالات منتدى التعاون الصيني-الإفريقي الذي تأسس رسميا في أعقاب المؤتمر الوزاري الأول الذي عُقد بالعاصمة الصينية بكين في الفترة من 10 إلى 12 أكتوبر من العام 2000.

ويضم هذا المنتدى في عضويته الآن 55 عضوا من بينها الصين و53 دولة إفريقية لها علاقات دبلوماسية مع الصين ومفوضية الاتحاد الإفريقي.

ورأى سياسيون وخبراء وإعلاميون تونسيون، أنه بإمكان تونس الإستفادة من هذا المنتدى الذي يُنتظر أن يقيّم في نهاية نوفمبر الجاري في السنغال، تنفيذ نتائج قمة بكين 2018 ويضع خططًا للتعاون الودي في المرحلة المقبلة.

وسيتم خلال هذه الدورة أيضا اعتماد إعلان داكار و"رؤية 2035 للتعاون الصيني الإفريقي حول التعاون في مجال المناخ" وتبني أربع وثائق، بما في ذلك خطة عمل للفترة 2022-2024، بحسب تصريحات سابقة لوزيرة الخارجية السنغالية.

وقال محسن النابتي إنه بإمكان تونس الاستفادة من التعاون مع الصين باعتبارها تُعد ممرا حيويا لمبادرة "الحزام والطريق".

ودعا في هذا الصدد، الحكومة التونسية إلى طرح مشاريع عملاقة على الجانب الصيني مثل بناء موانئ ومطارات وطرق سيارة وسكك حديدية لتربطها بالعمق الإفريقي "وهذا ما تحتاجه الصين وإفريقيا في آن واحد"، على حد تعبيره.

من جهته، رأى رئيس تحرير صحيفة (الأنوار) التونسية نجم الدين العكاري، أنه يمكن لتونس الاستفادة من الاستثمارات والصناعة والتكنولوجيا الصينية من خلال إنشاء مشاريع مشتركة اعتمادا على الكفاءات التونسية والخبرات الصينية لإنتاج سلع قابلة للترويج في الأسواق الإفريقية والأوروبية القريبة من تونس والمرتبطة معها باتفاقيات اقتصادية تمنحها امتيازات كثيرة.

وتابع العكاري قائلا لـ(شينخوا) "صحيح أن تونس ليست سوقا كبيرة بالنسبة إلى الصين، لكن يمكن لها أن تكون قاعدة إنتاج وتصدير نحو الأسواق الكبرى في إفريقيا وأوروبا بالنظر إلى موقعها الجغرافي الذي وصفه بالإستراتيجي".

ويُشاطره الرأي المحلل السياسي منذر ثابت، الذي قال إن تونس بإمكانها الاستفادة من الشراكة مع الصين لجهة تنويع مجالات التعاون بما يفتح لها المجال لشراكات على مستوى البنى التحتية، وهذه "تُعد ضرورة مُلحة تحتاج لقراءة إستراتيجية وخط سير أكثر وضوحا".

تحرير: وانغ مو هان