مقالة خاصة: من دعم مشاريع عربية إلى مساندة جهود مكافحة كوفيد-19... البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية ينطلق نحو آفاق رحبة
إن "البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية لعب دورا تنمويا كبيرا في الدول النامية خاصة وأن البنك لا يفرض شروطا سياسية"، حسبما قال ضياء حلمي الفقي الأمين العام لغرفة التجارة المصرية-الصينية في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا، لافتا إلى أن البنك حقق إنجازات واسعة خلال 5 سنوات من تأسيسه.
فقد حلت في الشهر الجاري ذكرى مرور خمس سنوات على بدء تشغيل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي بادرت الصين بإنشائه. وعلى مدى خمس سنوات من التطور، حققت هذه المؤسسة المالية متعددة الأطراف إنجازات منذ بدء عملياتها.
وبشكل إجمالي، نمى البنك الذي يقع مقره في بكين، من 57 عضوا مؤسسا إلى 103 أعضاء في ست قارات. وحتى يناير من العام الجاري، قدم البنك استثمارات في مجال البنية التحتية تتجاوز قيمتها 22 مليار دولار أمريكي لأعضائه ووافق على 108 مشروعات.
يشبه مقر البنك الواقع في بكين من الجو شكل "العقدة الصينية"، وهو ما يعني "ربط العالم ببعضه البعض". وقد ذكر مقال نُشر في صحيفة ((بلومبرغ)) أن البنك يشكل بالفعل جزءا رئيسيا من النظام العالمي متعدد الأطراف.
-- تعاون وثيق مع الدول العربية
إن البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية يضم من بين أعضائه أكثر من 10 دول عربية تشمل الأردن والإمارات والسعودية وعمان وقطر ومصر والكويت والجزائر والبحرين وغيرها.
وقد شهد عدد المشروعات التي مولها البنك زيادة في السنوات الخمس الماضية: 8 مشروعات في 2016 و15 مشروعا في 2017 و12 مشروعا في 2018 و28 مشروعا في 2019 و45 مشروعا في 2020، وفقا للكتاب السنوي للاستثمار الصادر عن البنك.
جدير بالذكر أن البنك بدأ في تمويل مشروعات في القارة الأفريقية، حيث وافق رئيس البنك ومجلس إدارة البنك على تمويل يصل إلى 600 مليون دولار أمريكي لثلاثة مشروعات في مصر حتى يوليو عام 2020.
كما أشار الموقع الإلكتروني الرسمي للبنك إلى أن هناك عدة مشروعات قام البنك بتمويلها في دول عربية من بينها: مشروع تحسين خدمات الصرف الصحي في المناطق الريفية بمصر، ومشروع مجمع بنبان للطاقة الشمسية بمحافظة أسوان في صعيد مصر، ومشروع الحزمة الثانية لميناء الدقم، ومشروع محطة الطاقة الشمسية في ولاية عبري بسلطنة عمان، وغيرها.
وتعد مصر من أوائل الدول غير الآسيوية التي حصلت على دعم لمشروعات من قبل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. وتماشيا مع احتياجات الدول العربية لتحويل الاقتصاد وتنميته، خاصة فيما يتعلق بمشروعات البنية التحتية الكبرى، فقد يشهد التعاون بين البنك ودول المنطقة تطورا.
وأكد ضياء حلمي الفقي الأمين العام لغرفة التجارة المصرية - الصينية أن البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية له دور ريادي مهم في التنمية الاجتماعية من خلال توفير مياه شرب نظيفة وسليمة وإقامة مشروعات صرف ومشروعات بيئية، وهو أمر في صالح الشعوب وبنائها الحضاري والثقافي والقيمي.
وحول مشروع توليد الطاقة الشمسية في منطقة بنبان جنوب أسوان أقصى جنوب مصر الذي يساهم البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية في تمويله، ذكر الفقي أنه مشروع ضخم جدا يهم مصر التي تمتلك قدرات هائلة لإنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة خاصة من الطاقة الشمسية، الأمر الذي يحول مصر لمركز لإنتاج وتصدير الطاقة الجديدة والمتجددة.
كما أشار الفقي إلى مشروع آخر يموله البنك في مصر يتمثل في تحسين الصرف الصحي بالقرى والمناطق الريفية، واصفا المشروع بأنه يساعد على التنمية الاجتماعية والتقليل من الأمراض حيث قال إنه "يخدم أكثر من مليون شخص".
أما في سلطنة عمان، فقد وافق مجلس إدارة البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية على قرض قيمته 60 مليون دولار أمريكي لتمويل جزء من مشروع محطة الطاقة الشمسية في ولاية عبري، هادفا إلى رفع قدرة السلطنة على تنويع مصادر إنتاج الطاقة بالاعتماد على الموارد المتجددة وتقليل الاعتماد على المصادر الأحفورية في توليد الطاقة.
ويعد هذا التمويل ثالث قرض يقدمه البنك الآسيوي لمشاريع في السلطنة. وذلك بعد تقديم قرض لدعم الإستراتيجية الوطنية للنطاق العريض، وآخر لتمويل جزء من حزم ميناء الدقم.
ونظرا لكون تطوير "البنية التحتية" يمثل مهمة ملحة في الدول العربية، فإن البنك يمكنه أن يلعب دورا حيويا في وضع أساس للتنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل.
-- مساندة جهود مكافحة كوفيد-19
من أجل دعم المكافحة العالمية لجائحة كوفيد-19، أنشأ البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية آلية للتعافي من أزمة كوفيد-19 لدعم أعضاء البنك وعملائه في التخفيف من الضغوط الاقتصادية والمالية والأخرى المتعلقة بالصحة العامة الناجمة عن الجائحة.
ورأى الخبراء أن إحدى الحلقات الضعيفة في سلسلة الإنتاج العالمية التي كشفت عنها جائحة كوفيد-19 هي البنية التحتية الاجتماعية، التي عانت من نقص مزمن في الاستثمار في العديد من البلدان على مستويات الدخل المختلفة. فوفقا لتقديرات مركز البنية التحتية العالمي، انخفضت المعاملات في البنية التحتية الاجتماعية من 19 مليار دولار أمريكي إلى أقل من 3 مليارات دولار أمريكي في عام 2019.
وقالت تشن فنغ يينغ، الباحثة في المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، في مقابلة أجريت معها في يوليو الماضي، إنه في مواجهة الوضع الاستثنائي الذي سببته الجائحة، أطلق البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية صندوقا خاصا لتبسيط الإجراءات والعمليات، يمكنه الاستجابة بشكل سريع ومرن للاحتياجات الجديدة للأعضاء لمكافحة الجائحة واستئناف حركة الاقتصاد.
ومنذ اندلاع أزمة كوفيد-19، أعلن البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية عن إطلاق صندوق للتعافي من الأزمات بقيمة 5 مليارات دولار في أوائل إبريل 2020. وفي النصف الثاني من نفس الشهر، زاد حجم الصندوق إلى 10 مليار دولار أمريكي. وبعدها، توسع حجمه إلى 13 مليار دولار أمريكي. وحتى يناير الجاري، وافق على قرض بقيمة 7.075 مليار دولار أمريكي تحت هذا الإطار.
وذكر البنك على موقعه الإلكتروني أنه "بالنظر إلى الإنفاق العام المحدود على البنية التحتية الاجتماعية وتحديات التعافي بعد كوفيد-19، فإن تحفيز تدفقات رأس المال الخاص إلى الاستثمار العام يكتسب أهمية أكبر ويعتبر ضروريا للغاية".
-- وضع الخطط المستقبلية
تواجه مختلف البلدان في جميع أنحاء العالم تحديات مزدوجة، تتمثل في مكافحة الجائحة وانعاش الاقتصاد، وقد زادت الاحتياجات التمويلية للبلدان بشكل أكبر، وسوف تُعلق مستقبلا آمال على البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية في تحقيق المزيد من تطلّعات المجتمع الدولي.
وأكد البنك على موقعه الإلكتروني أن المرحلة المقبلة تشمل التوسع في البنية التحتية الاجتماعية وتكثيف استثماراته في البنية التحتية الرقمية كاستجابة في الوقت المناسب للاحتياجات المتوسطة والطويلة الأمد لعملائه في حقبة ما بعد كوفيد-19.
وقال جين لي تشون، رئيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، إن البنك سيركز على تعزيز تمويله في البنية التحتية بينما سيعمل على توسيع دعمه في مجالات الصحة والتعليم والرعاية الطبية ورفع حجم التمويل في مكافحة كوفيد-19.
ومن المقرر أن يدفع البنك جهوده في دعم البنية التحتية الخضراء ومشروعات البنية التحتية التي تعتمد على التكنولوجيا، حيث ذكر جين لي تشون أنه "غالبا ما يتم النفاذ إلى البنية التحتية الرقمية من خلال البنية التحتية التقليدية. ولا يعني إنشاء البنية التحتية الرقمية الابتعاد عن الاستثمار التقليدي، وإنما يعني تحويل وتحسين كفاءة تشغيل البنية التحتية التقليدية عبر تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي للاستفادة منها بشكل أفضل".
وتعد البنية التحتية الخضراء والاجتماعية جزءا من خمسة اتجاهات ناشئة في البنية التحتية يعرفها البنك بأنها مهمة في إعداد الاقتصادات لمستقبل ما بعد الجائحة، فيما تتمثل المجالات الثلاثة الأخرى في إعادة تدوير الأصول أو الخصخصة، والبنية التحتية القائمة على التكنولوجيا، وكذلك البنية التحتية للاتصالات.
وقد أوضح البنك إستراتيجيته التنموية للسنوات العشر القادمة، مشيرا إلى أنه بحلول عام 2025، سيشكل التمويل المناخي 50 في المائة؛ وبحلول عام 2030، ستشكل المشروعات البينية العابرة للحدود ما يتراوح بين 25 و30 في المائة، وسيشكل رأس المال الخاص 50 في المائة.
وقال جين لي تشون "كما هو الحال دائما، سيحتاج المستثمرون الذين يتطلعون إلى تمويل البنية التحتية إلى التحلي بالمرونة لتجاوز الأوقات المضطربة المقبلة إذا ما كانوا يرغبون في المثابرة"، مضيفا "هدفنا النهائي هو المساهمة في النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي الشامل والمستدام".