مقالة خاصة: بعد الانفجار الكبير...المساعدات الصينية للبنان تجسد متانة أواصر الصداقة الشعبية العريقة والراسخة بين الصين والدول العربية
يقول مثل قديم "عند الشدائد يُعرف الإخوانُ"، فبعد حدوث الانفجار الكبير في مرفأ بيروت بالعاصمة اللبنانية، سارعت الصين إلى تقديم مساعدات للبنان، في خطوة تجسد متانة أواصر الصداقة العريقة والراسخة بين الصين والدول العربية وتسهم في تعزيزها.
بعد وقوع الانفجار الهائل في مرفأ بيروت، أعربت السفارة الصينية لدى لبنان على الفور عن بالغ حزنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قائلة "نشعر ببالغ الحزن إزاء حادث الانفجار الذي وقع مساء اليوم ونعرب عن خاص التعازي في ضحايا الحادث ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى".
وبالإضافة إلى ذلك، توجه الصينيون في وقت مبكر إلى تقديم مساعدات للبنان. فقد ذكرت الوحدة الطبية التابعة لقوات حفظ السلام الصينية لدى لبنان، أنها سوف تقدم مساعدة طبية إلى بيروت بعد الانفجار المميت الذي هز مرفأ العاصمة اللبنانية يوم الثلاثاء. ونظمت الدفعة الـ18 من قوات حفظ السلام الصينية لدى لبنان، فريق طوارئ يضم تسعة أفراد طبيين من أقسام الجراحة والطب الباطني والحروق والتخدير، وذلك بناء على طلب قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.
وقد أعلن المبعوث الصيني الخاص للشرق الأوسط السفير تشاي جيون، أثناء حضوره اجتماعا للمانحين الدوليين عبر الفيديو لدعم لبنان، أن الحكومة الصينية ستقدم مساعدة نقدية عاجلة قدرها مليون دولار أمريكي إلى لبنان من أجل دعمه في علاج الجرحى ومساعدة المتضررين من حادث الانفجار الذي وقع في 4 أغسطس.
وإلى جانب المساعدات المقدمة من الجهات الرسمية الصينية، بادر الكثير من المتطوعين الصينيين إلى مد يد العون بصورة نشطة بعد حدوث الانفجار.
لقد "عقدت العزم على المشاركة في الأعمال التطوعية في موقع الانفجار"، هكذا قال ما يوي مينغ الطالب الصيني الوافد الذي يدرس في الصف الثالث بقسم اللغة العربية في جامعة طرابلس اللبنانية، خلال حديثه لوكالة أنباء ((شينخوا)) عن مشاعره بمجرد أن قرأ الأخبار على هاتفه المحمول وعلم بحدوث الانفجار في مرفأ بيروت.
في الساعة الخامسة من فجر الـ5 من أغسطس بالتوقيت المحلي، وصل ما وزميل له إلى وسط موقع الانفجار في بيروت. وطوال صباح ذلك اليوم، أخذا يعملان على تقديم المساعدة. وقال ما "هناك، رأيت الكثير من الزجاج المتناثر، والمباني المنهارة في كل مكان. وبعد يوم كامل من العمل، مزق الزجاج حذائي وأصاب قدماي بجروح ونزفت منهما الدماء".
واستطاع ما وزميله وأربعة متطوعين آخرين خلال عملهم التطوعي تجهيز أكثر من 600 صندوق من حصص الإغاثة. وكانت الابتسامة ترتسم على وجوه المتضررين بمجرد إهدائهم هذه الحصص، وقال ما عندما قابل مراسل ((شينخوا)) "ربما تكون هذه مشاعر تبث الدفء والتفاؤل وسط الكارثة، مضيفا "أقول لك بصراحة، أهالي لبنان يؤمنون بأن السعادة في الحياة هي الأهم، وكل شيء يمكن يأتي من جديد بعد ذلك".
وفي الوقت نفسه، قام هاي شياو نينغ، وهو طالب وافد صيني آخر بلبنان، بتقديم المساعدة في قلب بيروت أيضا. ففي ساحة الشهداء بوسط بيروت، رأى هاي وزميل له الكثير ممن تهدمت منازلهم، لذا قررا توزيع حصص من مواد الإغاثة في تلك الساحة. وقال هاي "كان هؤلاء المنكوبين يجلسون هنا وهناك في ساحة الشهداء بعد انهيار منازلهم جراء الانفجار".
بعد ذلك اتصل هاي بأصدقائه في لبنان لحجز شاحنات تساعدهم على نقل حصص الإغاثة هذه التي تتكون من عبوات مواد غذائية بداخل كل منها 16 قطعة من الخبز وزجاجة مياه وكيس من البسكويت.
في الـ5 من بعد ظهر ذلك اليوم بالتوقيت المحلي، وصلت الشاحنات المحملة بالمواد التي اشتراها هاي وأصدقاؤه إلى ساحة الشهداء. وذكر هاي "عندما اقتربت الشاحنات سمعت الأهالي يهتفون ويصفقون".
وأشار هاي شياو نينغ إلى أن لبنان هو مسقط رأسه الثاني وأن كرم الضيافة لدى أهله ترك في نفسه انطباعا عميقا تجاه هذه الأرض، قائلا "في بعض الأحيان عندما نخرج لتناول الطعام، نلتقي مواطنين لبنانيين في غاية الود والترحاب حيث يقولون إنه لابد من إكرام ضيافتنا لأننا قادمون من الصين".
وانطلاقا من شعور هاي بمدى دماثة خلق الشعب اللبناني، فهو يريد أن يفعل كل ما بوسعه لكي يرد الجميل لهم.
ومن جانبه، ذكر شيويه تشينغ قوه البروفيسور في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين أن الدول العربية صديق وشريك حميم للصين، والصداقة بينهما تتجسد في مساندتهما لبعضهما البعض في السراء والضراء مثل تضامنهما سويا في مكافحة جائحة كوفيد-19.
ففي أصعب الأوقات التي مرت بها الصين خلال تفشي الجائحة، قدمت العديد من الدول العربية، ومن بينها لبنان، مساعدات للصين في أسرع وقت ممكن. وأكد الرئيس اللبناني ميشال عون في فبراير الماضي تضامنه مع جهود الصين في مكافحة فيروس كورونا الجديد. وقدم لبنان على وجه السرعة مساعدات مادية ومعنوية للصين لمكافحة الجائحة.
حقا "إن أخاك من آساك"، هكذا قال شيويه في حديثه عن الصداقة التي تجمع بين الجانبين الصيني والعربي وبين الجانبين الصيني واللبناني، لافتا إلى أن "المساعدة المتبادلة بين الصين ولبنان في الأزمات، ستعزز العلاقات الراسخة بينهما".