مقابلة: مسؤول في صندوق النقد الدولي يدعو إلى تعزيز التجارة داخل آسيا وسط المشاعر المناهضة للعولمة

التاريخ: 2020-07-02 المصدر: شبكة شينخوا
fontLarger fontSmaller

قال مسؤول في صندوق النقد الدولي إن المشاعر المناهضة للعولمة ستتزايد بسبب جائحة كوفيد-19، وستصبح التجارة الإقليمية البينية في غاية الأهمية بالنسبة للدول الآسيوية، داعيا هذه الدول إلى مواصلة فتح أسواقها أمام بعضها البعض.

وذكر تشانغ يونغ ري، مدير إدارة آسيا والمحيط الهادئ في صندوق النقد الدولي، خلال مقابلة أجرتها معه ((شينخوا)) عبر الفيديو يوم الاثنين "أعتقد أنه من المهم جدا بالنسبة لنا أن نؤكد على أن التجارة مهمة لنمو جميع البلدان ورفاه جميع البشر".

-- توقعات بانكماش التجارة

وفقا لتوقعات صدرت عن صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء، ستشهد آسيا انكماشا بنسبة 1.6 في المائة في عام 2020 وسط التداعيات المتزايدة لكوفيد-19، وهو تراجع في توقعات بنمو صفري صدرت في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية لشهر إبريل.

وقال ري إن آسيا تعتمد بشكل كبير على سلاسل التوريد العالمية ولا يمكنها النمو في وقت يعاني فيه العالم بأسره، لافتا إلى أن التجارة الآسيوية من المتوقع أن تنكمش بشكل كبير بسبب ضعف الطلب الخارجي.

فقد قام المقرض متعدد الأطراف بتعديل توقعاته للاقتصاد العالمي، متوقعا انكماشا نسبته 4.9 في المائة في عام 2020، وهو أقل بواقع 1.9 نقطة مئوية عن توقعات إبريل، وفقا لتحديث لتقرير الآفاق الاقتصادية العالمية لشهر أبريل صدر الأسبوع الماضي.

وذكر ري أن كوفيد-19 ضرب آسيا مبكرا، وتعاملت معه العديد من الاقتصادات الآسيوية، بما فيها الصين وكوريا الجنوبية وفيتنام، بشكل فعال للغاية، وهو ما ساهم في تحقيق نمو اقتصادي أفضل من المتوقع للمنطقة الآسيوية في الربع الأول.

وبما أن بعض الدول الآسيوية احتوت الفيروس بشكل جيد نسبيا، فمن المرجح أن تنتعش السياحة بين الدول المجاورة، وهو ما سيكون "مصدرا هاما للنمو" في المنطقة، هكذا أشار المسؤول بصندوق النقد الدولي.

وقال ري إنه بالنسبة للصين، التي تذخر بسوق محلية كبيرة، فإن التحول من نمط نمو موجه نحو التصدير إلى نمط نمو مدفوع بالطلب المحلي أمر ممكن، ولكن بالنسبة للاقتصادات الآسيوية الأصغر، قد لا يكون تحول كهذا أمرا ممكنا، مضيفا أن التجارة الإقليمية البينية ستصبح في غاية الأهمية بالنسبة للبلدان الآسيوية.

ولدى إشارته إلى أن معدل التعريفة الجمركية بين الدول الآسيوية هو في الواقع أعلى بكثير من التعريفة الجمركية تجاه أوروبا والولايات المتحدة، ذكر ري "إلى حد ما، هناك حاجة أكبر إلى فتح سوقنا أمام بعضنا البعض".

وتابع المسؤول بصندوق النقد الدولي قائلا إن أي اتفاق تجاري ثنائي أو إقليمي أو متعدد الأطراف سيكون له أهمية خاصة في هذه البيئة، مضيفا أن الدول "يتعين عليها النظر في أوجه الضعف وتحسينها لجعل المنفعة أكثر شمولا".

--المعاناة ستأتي

وفي معرض إشارته إلى أن آسيا كانت تسجل نموا نسبته 5 أو 6 في المائة، قال ري لـ((شينخوا)) إن التباطؤ الكبير للاقتصاد له الكثير من الآثار السلبية تجاه العديد من القطاعات، وخاصة قطاعات الخدمات الذي تعد الأشد تضررا، حيث يقع العبء بشكل أكبر على عاتف الفئات الأقل تعليما، والفقراء، والعمال غير النظاميين والعمال المهاجرين.

كما أشار المسؤول بصندوق النقد الدولي إلى أن شبكة الأمان الاجتماعي في آسيا أضعف مقارنة بالاقتصادات المتقدمة، أما المرافق الطبية فهي غير كافية.

و"رغم ذلك عند الحديث نسبيا من حيث أرقام النمو، فنحن نقوم بعمل أفضل من الاقتصادات المتقدمة، ولكن العبء الثقيل الحقيقي هو نفسه بالنسبة للاقتصاد الآسيوي، وخاصة لأولئك الذين يعانون من حظ عاثر".

وفي ظل غياب موجة ثانية من الإصابات ومع وجود حوافز سياسية غير مسبوقة لدعم الانتعاش، من المتوقع أن ينتعش النمو في آسيا بقوة ليصل إلى 6.6 في المائة في عام 2021، وفقا لآخر توقعات صندوق النقد الدولي.

وقال "لكن حتى مع هذا الانتعاش السريع في النشاط الاقتصادي، من المرجح أن تستمر خسائر الإنتاج بسبب كوفيد-19".

وأضاف أن المقرض متعدد الأطراف يتوقع أن يكون الناتج الاقتصادي لآسيا في عام 2022 أقل بنحو 5 في المائة مقارنة بالمستوى المتوقع قبل الأزمة، وستكون هذه الفجوة "أكبر بكثير" إذا ما استبعدت الصين، حيث بدأت الأنشطة الاقتصادية في الانتعاش بالفعل.

وأشار المسؤول بصندوق النقد الدولي إلى أن التوقعات لعام 2021 وما بعده تفترض انتعاشا قويا في الطلب الخاص، رغم وجود "غيوم في الأفق" قد تقوض انتعاش آسيا.

وتشمل هذه "الغيوم" تباطؤ النمو في التجارة، وعمليات الإغلاق لفترة أطول من المتوقع، وتزايد الفوارق، وضعف الميزانيات العمومية، والتوترات الجيوسياسية.

وصرح ري لـ((شينخوا)) قائلا "لذا، فإن ما يهم آسيا من الآن فصاعدا ليس عام 2020، لذا لا يمكننا أن نتراخى"، مضيفا "فاعتبارا من عام 2021، أعتقد أن المعاناة ستأتي أيضا، وستواجه آسيا معاناة متساوية أو حتى أكثر من الدول الأخرى".

وقال المسؤول في صندوق النقد الدولي إن الدول الآسيوية تجرب إعادة الفتح، وثمة ضرورة إلى توجيه السياسات نحو دعم الانتعاش الوليد دون تفاقم نقاط الضعف، مشيرا إلى "ضرورة أن تستخدم (هذه الدول) الحوافز المالية بحكمة وتكملها بالإصلاحات الاقتصادية".

-- دور الصين في الانتعاش العالمي

ذكر ري أن الصين يمكن أن تساعد بشكل كبير في الحفاظ على النمو العالمي في هذا الوقت العصيب.

وقال المسؤول في صندوق النقد الدولي إن الصين تنتج العديد من المنتجات الطبية، وهو أمر ضروري للمكافحة العالمية للجائحة، لافتا إلى أن الصين يمكن أن تلعب أيضا دورا هاما في توريد المنتجات الطبية للمحتاجين إليها.

وأوضح أن "نمو الصين أمر بالغ الأهمية للحفاظ على أسعار السلع بالنسبة للعديد من مصدري السلع".

كما أشار ري إلى أن الصين انضمت إلى مبادرة مجموعة العشرين لتخفيف عبء الديون عن كاهل البلدان منخفضة الدخل، ويمكنها مساعدة تلك الدول كدائن رئيسي.

وفي خضم المشاعر المناهضة للعولمة، قال ري، "أعتقد أن الصين يمكن أن تلعب دور قائد رأي مهم للغاية في الاقتصاد العالمي من شأنه أن يجعل النظام متعدد الأطراف باقيا ويحافظ على الاقتصاد المفتوح".

ولدى إشارته إلى أن الاعتماد بشكل كبير على الاستثمار والنمو المدفوع بالصادرات لا يمكن أن يكون مستداما، قال المسؤول بصندوق النقد الدولي إن تحول الصين تجاه الاقتصاد القائم على الاستهلاك مفيد لنموها.

وقال "وبهذا المعنى، نؤكد على أهمية بناء شبكة الأمان الاجتماعي، حتى يتمكن الناس من تقليل الإدخار الوقائي والإنفاق بصورة أكبر على الصعيد المحلي".

تحرير: تشي هونغ