مقالة خاصة: في البناء المشترك للحزام والطريق...التعاون بين الصين والعالم العربي يزداد قوة ومتانة
وسط اجتياح مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) للعالم بأسره، تعد المكافحة المشتركة للمرض بين الصين والعالم العربي، باعتبارهما جانبين مهمين يقعان بطول "الحزام والطريق"، بمثابة تنفيذ هام للبناء المشترك للحزام والطريق أو يمكن القول أن المكافحة المشتركة للجائحة تعد نموذجا للتعاون الصيني العربي في البناء المشترك للحزام والطريق.
-- تبادل مد يد العون سريعا
في أحلك الأوقات التي مرت بها الصين خلال تفشي الجائحة، قدمت الدول العربية مساعدات للصين في أسرع وقت ممكن. وفي الوقت الذي شهدت فيه الصين أصعب لحظاتها أثناء مكافحة الجائحة، ذكرت وزيرة الصحة والسكان المصرية هالة زايد، قبيل مغادرتها القاهرة إلى بكين، أنها ستذهب إلى الصين "محملة بهدية للشعب الصيني عبارة عن مستلزمات وقاية.. ورسالة تضامن في هذا التوقيت".
وعلى المستوى الشعبي، وفي بداية انتشار كوفيد-19، قام الشاب المصري أحمد السعيد رئيس مؤسسة (بيت الحكمة) للاستثمارات الثقافية بإعطاء حقيبة بها 800 كمامة لوفد سياحي صيني كان ينتظر رحلة جوية عائدة إلى بلاده في مطار القاهرة الدولي من أجل إرسالها إلى الصين. وبفضل سرعة توجه الشعب العربي إلى تقديم يد العون، اجتازت الصين الفترة الصعبة من الجائحة. فمساندة المنطقة العربية للصين في مكافحة تفشي الفيروس تقف شاهدا على الصداقة العظيمة بينهما وتأتي تصديقا للمثل القائل "الصديق الحق هو الصديق وقت الضيق".
ومن ناحية أخرى، فإنه خلال بدايات انتشار جائحة كوفيد-19 في العالم العربي، أرسلت الصين مساعدات طبية وفرق من الخبراء الطبيين إلى الدول العربية. فـ"إن أخاك من آساك"، هكذا قال شيويه تشينغ قوه البروفيسور بجامعة الدراسات الأجنبية ببكين في حديثه عن الصداقة التي تجمع بين الجانبين الصيني والعربي.
كما أشاد شيويه في حديثه لوكالة ((شينخوا)) بالعلاقات الصينية العربية، مشيرا إلى أن المساعدة المتبادلة في حينها بين الجانبين ترمز للروابط التاريخية والوثيقة بينهما، وقال إن "الدول العربية صديق وشريك حميم للصين والصداقة بينهما تتجسد في مساندتهما لبعضهما البعض في السراء والضراء مثل تضامنهما سويا خلال تفشي كوفيد-19. ومن ثم، تعد المساعدة المتبادلة بمثابة روح قيمة ونفيسة".
-- الشركات الصينية تساهم في المكافحة المشتركة
بفضل مبادرة الحزام والطريق، لم توقف بعض الشركات الصينية العاملة في الدول العربية عملها وساهمت في الوقت ذاته في مكافحة المرض. وحول ما قدمته الشركات الصينية من دعم للدول العربية في مكافحة الجائحة، عبر الخبير الاقتصادي الجزائري عبد القادر بريش عن وجهة نظره.
وقال بريش "نجد الشركات الصينية العاملة في الدول العربية في إطار مشاريع مبادرة الحزام والطريق تقوم بمجهودات في مساعدة الدول على مواجهة فيروس كورونا الجديد من خلال تقديم المساعدات من تجهيزات ومستلزمات طبية، وتجلى هذا أكثر من خلال ما قدمته هيئة تنسيق اتحاد الشركات الصينية بالجزائر بالتنسيق مع سفارة الصين بالجزائر، حيث قدمت عدة شحنات من العتاد والتجهيزات الطبية للهلال الأحمر الجزائري".
وأضاف بريش أن هذه الأزمة أظهرت مدى متانة وعمق العلاقات بين الدول وبرزت خلالها الصين كدولة وفية لمبادئها الدبلوماسية خاصة في علاقاتها مع الدول العربية من خلال الدعم والمساعدات التي قدمتها الصين للدول العربية. ونفس الحال مع الدول العربية التي لم تتوان عن دعم الصين في بداية تفشي المرض.
"وفقا لما أعرفه، فإنه في ظل تفشي كوفيد-19 في مصر، قامت بعض الشركات الصينية المشاركة في مشاريع الحزام والطريق بإنتاج أقنعة للوجه، وهو ما ساهم بدوره في مكافحة كوفيد-19 وزيادة فرص العمل وإعادة تحرك الاقتصاد في مصر وسط الجائحة"، حسبما ذكر ما شياو لين، البروفيسور في جامعة تشجيانغ للدراسات الدولية، ومدير معهد دراسات حوض البحر الأبيض المتوسط.
وأشار ما شياو لين إلى أن مشاريع مبادرة الحزام والطريق في مصر ومنها على سبيل المثال تلك الجارية في العاصمة الإدارية الجديدة تعد نموذجا بارزا لاستقرار المشاريع المقامة في إطار المبادرة والتي تصب في صالح الدول الواقعة على طول "الحزام والطريق"، وهو ما يجعل الجانبين الصيني العربي يتمتعان برؤية أقوى للتعاون.
-- التطلع إلى إنعاش الاقتصاد بعد الجائحة
والآن تشهد بعض دول العالم انخفاضا في حدة جائحة كوفيد-19، وباتت في حاجة كبيرة إلى إعادة تدوير عجلة الاقتصاد. وفي هذا السياق، أكد سامر خير أحمد المتخصص بشؤون الصين والعلاقات العربية الصينية على ضرورة الثقة بالشراكة مع الصين كونها دولة تتحلى بمسؤولية أخلاقية تجاه شركائها في العالم، مضيفا "ومن هنا فإن عودة الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى طبيعتها هي فرصة لاستكمال العمل في الخطط المرسومة، والتطلع لبناء مزيد من الشراكة في إطار هذه المبادرة الدولية الطموحة التي أطلقتها الصين".
كما قال الباحث والمحلل الاقتصادي الأردني خالد الزبيدي إن الأردن يعي تماما أهمية التعاون مع الصين، وهناك مشاريع صينية في الأردن، توفر الكثير من الفرص والإيرادات للأردنيين وللدولة الأردنية.
ورغم تعثر هذه المشاريع على مدى طويل بسبب الإغلاقات الناتجة عن مكافحة فيروس كورونا الجديد، قال الزبيدي إن "الاقتصاد بدأ يعود تدريجيا، وأعتقد أنه خلال الشهور القادمة ستتضح الصورة أكثر وهنا يأتي الدور الصيني في التقدم أكثر في هذا المجال وتوطيد العلاقات الاستثمارية والتجارية مع الجانب الأردني".
وأفاد ما شياو لين بأن كوفيد-19 هو مرض ظهر بالصدفة وسوف تتمكن البشرية من التغلب عليه، لافتا إلى أنه "نظرا لكون الصين محرّكا مهما للاقتصاد العالمي، فإن حاجة الدول العربية الواقعة على طريق الحرير القديم إلى التعاون مع الصين ستبرز بشكل أكبر لأن بناء وتنمية الاقتصاد يشكلان الموضوع الدائم خاصة بعدما خفت حدة الجائحة التي تعرضنا لها. وتأتي مبادرة الحزام والطريق لتوفر منصة مهمة للدول الساعية إلى تنمية اقتصادها".