تحقيق إخباري: من مشاهدة الآثار والمعالم إلى الاستمتاع بالتزلج والفروسية... أنماط سياحية جديدة تجذب الشباب الصينيين لزيارة مصر
سائح يزور الأهرامات في الجيزة، مصر يوم 2 يناير 2025. (شينخوا)
بكين7فبراير 2025 (شينخوا) مع انطلاق دورة الألعاب الآسيوية الشتوية في مدينة هاربين شمالي الصين، أصبحت الرياضات الجليدية والثلجية محط اهتمام واسع. فالمرشد السياحي المصري محمد أحمد، على سبيل المثال، لم يكن يتخيل من قبل أن ترتبط مصر، الواقعة في القارة الأفريقية ذات المناخ الحار والجاف، بكلمة "التزلج" على منصات التواصل الاجتماعي الصينية.
فقد عبّر العديد من الشباب الصينيين عن تجاربهم في التزلج بمصر، وتوالت تعليقاتهم على منصات التواصل الاجتماعي الصينية مثل ((ريدنوت)) و((ويبوه)) وغيرهما حيث قالوا "بالإضافة إلى الغوص في البحر الأحمر وركوب الخيل أمام أبو الهول، عليكم تجربة التزلج في مصر!" و"لقد تعلمت التزلج في مصر..." وأشاروا إلى أنه رغم عدم وجود منتجع ثلجي طبيعي هناك، إلا أن منتجعات التزلج الداخلية توفر بيئات جيدة للاستمتاع بهذه الرياضة، كما تقدم خدمات ودورات تدريبية رخيصة ومحترفة.
تتمتع مصر التي تمتد عبر قارتي آسيا وأفريقيا بمزايا ثقافية وجغرافية وتاريخية فريدة، كما أنها نقطة التقاء حضارات مختلفة على مر التاريخ. وقد ترسخت فيها رياضات مثل الفروسية والتزلج والتنس. ومنذ نهاية عام 2023، بدأ الشباب الصينيون، بالإضافة إلى خططهم السياحية التقليدية التي تستغرق حوالي 10 أيام وتغطي مناطق الجذب السياحي الشهيرة مثل الأهرامات ونهر النيل والبحر الأحمر، في وضع "خطة سياحية معمقة" لزيارة مصر، تتضمن ممارسة أنشطة متنوعة مثل التزلج والغوص والفروسية والتنس والعزف على البيانو...
من بين هؤلاء الشباب، الفتاة الصينية كاكا (26 عاما) التي تمارس عملها عن بُعد ومن ثم تستطيع السفر والعيش في مدن أخرى لمدة تتراوح بين ثلاثة وأربعة أشهر سنويا، وهذا يمنحها الوقت الكافي للاستمتاع بالحياة في مصر، حيث قالت إن رياضات مثل "التزلج والتنس والفروسية... يمكن تجربتها مقابل مبلغ بسيط من المال"، مشيرة إلى أنه بعد شهر كامل من التدريب خلال عطلة شتوية أو صيفية، يصبح بإمكان المرء إتقان المهارات الأساسية لرياضة جديدة ما.
أما شيانغ تساي، وهي فتاة صينية تبلغ من العمر 27 عاما، فقد استأجرت منزلاً في مصر لمدة تقارب ثلاثة أشهر بهدف تعلم رياضات مختلفة، الأمر الذي مكنها من الانتقال من مستوى المبتدئين إلى إتقان الحركات الصعبة. وتحدثت عن تجربتها قائلة إن مصر تتمتع بمزايا طبيعية تجعلها وجهة مثالية لتعلم الفروسية في ضوء عاداتها الثقافية التقليدية المرتبطة بـ"ركوب الخيل" فضلا عن المستوى العالي نسبيا للكفاءة الذاتية لدى مدربي الفروسية.
جدير بالذكر أنه منذ سنوات عديدة، أصبحت مصر واحدة من أبرز وجهات السفر المفضلة لدى السياح الصينيين بفضل مزاياها الثقافية والحضارية بالإضافة إلى مناظرها السياحة الرائعة. ففي منتصف ديسمبر الماضي، أعلنت السفارة الصينية في مصر أن نحو 300 ألف سائح صيني في عام 2024 زاروا مصر التي تضم الأهرامات والمعابد الأشهر عالميا. ووفقا للإحصاءات الرسمية المصرية، فإن هذا الرقم يمثل زيادة ملحوظة بنسبة 63 في المائة مقارنة بعام 2023. وقد استقبلت مصر رقما قياسيا بلغ 15.7 مليون زائر في عام 2024، وهذا العدد يتجاوز الرقم القياسي السابق البالغ 14.9 مليون زائر في عام 2023، وفقا للإحصاءات المصرية.
ومن أجل تسهيل وصول المزيد من السياح الصينيين إلى مصر، قامت العديد من شركات الطيران الصينية الكبرى بتسيير رحلات جوية مباشرة. ففي الوقت الحالي، هناك حوالي 30 رحلة جوية مباشرة أسبوعيا من مدن صينية كبرى مثل بكين وشانغهاي وقوانغتشو وتشنغدو، إلى القاهرة، ويتم تقديم هذه الخدمات بالتعاون بين مصر للطيران وخطوط تشاينا إيسترن الجوية وخطوط سيتشوان الجوية وخطوط هاينان الجوية.
وقد أضفى التدفق المستمر للسياح الصينيين حيوية ملحوظة على التبادلات السياحية بين الصين ومصر، حيث يزداد عدد الفنادق ووكالات السفر من مختلف الدرجات التي أدرجت اللغة الصينية ضمن اللغات التي تقدم خدماتها بها، وهذا يوفر بدوره مزايا مخصصة للسائح الصيني. وبالنسبة للصينيين الذين اعتادوا على نكهات مسقط رأسهم، فالمطاعم الصينية بمصر، التي تقدم مجموعة متنوعة من المأكولات، يمكنها تلبية احتياجاتهم في أي وقت. إلى جانب ذلك، تحظى محلات بيع المشروبات الصينية بشعبية كبيرة في مصر. فهناك دائما طوابير طويلة تصطف لشرائها أمام العديد من تلك "المحلات القديمة" التي بدأت عملها في القاهرة منذ سنوات عديدة وتتمتع بسمعة طيبة.
يعد التعاون السياحي جزءا هاما من العلاقات الصينية-المصرية. ويرى شريف فتحي، وزير السياحة والآثار المصري، أن هناك إمكانات هائلة لدفع التعاون السياحي بين مصر والصين، وأن تزايد أعداد السائحين الصينيين الوافدين إلى مصر أمر بالغ الأهمية لتطوير صناعة السياحة في مصر. وفي الوقت الحالي، تم تجهيز المطارات والمناطق السياحية الرئيسية في مصر بلوحات إرشادية باللغة الصينية، كما تستعين جميع الفنادق الكبرى تقريبا بـ"شيفات" طهاة صينيين.
إن مصر تبذل جهودها "لتعريف السائح الصيني بصورة أكبر على المقوّمات والأنماط والمنتجات السياحية المتنوّعة والمتميّزة للمقصد السياحي المصري"، هكذا قال الوزير شريف فتحي خلال مشاركته في معرض السوق الصينية للسفر والسياحة الخارجية في نهاية العام الماضي. ومن التمتع بممارسة أنشطة السباحة والغوص في البحر الأحمر إلى التدريب على التزلج والفروسية في القاهرة، أضفت مقاطع الفيديو الحيوية على منصات التواصل الاجتماعي الصينية، جاذبية فريدة لمصر كوجهة سياحية ساحرة.