تحقيق إخباري: ولادة تصميم معماري صيني لأكاديمية دبلوماسية تونسية

الوقت:2019-04-24 10:49:23المصدر: شبكة شينخوا

صحيح أن مراجعة التصميم أمر طبيعي، لكن هذه المرة، جاءت الرسومات المنقحة للتصميم بخط يد أحد المسؤولين بوزارة الشؤون الخارجية التونسية، الأمر الذي فاجئ المهندس الصيني سون شياو هنغ لتترك هذه التجربة الفريدة أثرا كبيرا لديه لا يمكن أن يمحى أبدا.

يعمل سون، كبير المصممين الصينيين بمجموعة (أركبلس) الصينية العملاقة المتخصصة في التصميم والبحوث المعمارية ومقرها مدينة شانغهاي، في مهنة التصميم منذ أكثر من عشر سنوات، وتقف المباني التي ولدت علي يده شامخة في أنحاء العالم. ويعد مشروع بناء مبنى جديد للأكاديمية الدبلوماسية بتونس، والذي تولى فيه سون منصب رئيس أعمال التصميم، واحدا من سلسلة من مشاريع التعاون الدولي المقامة في إطار مبادرة "الحزام والطريق" والتي شاركت فيها مجموعة (أركبلس) في السنوات الأخيرة.

وكانت تونس قد شهدت في عام 1997 تأسيس المعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الشؤون الخارجية التونسية، والمتخصص في تدريب دبلوماسيين أكفاء.

ومع مباشرة المعهد الدبلوماسي التونسي حاليا لعمله من مكاتب في مبان إدارية ذات مرافق بسيطة نسبيا في العاصمة تونس، فقد أعرب الجانب التونسي عن أمله في أن يتمكن من خلال مشروع بناء مبنى جديد للأكاديمية الدبلوماسية من تحسين ظروف التدريس وتوسيع نطاق التدريب الدبلوماسي، وفي الوقت ذاته توفير أماكن للأنشطة الدبلوماسية لوزارة الخارجية التونسية وبناء مراكز تدريب دبلوماسية تتماشى مع المعايير الدولية للدول العربية والإفريقية.

لذلك، تم في 6 فبراير 2018 التوقيع على اتفاقية تبادل الرسائل، التي تعهدت فيها الحكومة الصينية بتمويل وتشييد مشروع بناء المبنى الجديد للأكاديمية الدبلوماسية بتونس بما في ذلك بناء مرافق تعليمية، وتوفير ما يلزم من أثاث ومعدات مكتبية، فضلا عن معدات تدريس رقمية متعددة الوسائط، وإلخ.

وفي 8 مارس 2018، تم تسليم المشروع إلى مكتب شؤون التعاون الاقتصادي الدولي بوزارة التجارة الصينية للإشراف على تنظيمه وإدارته.

ووفقا لما يجرى عادة في جميع مشروعات التعاون الدولي، فقد سافر سون شياو هنغ وفريقه في أغسطس عام 2018 إلى تونس لإجراء دراسة ميدانية حاملين معهم خطتين أوليتين مختلفتين، وأجروا مناقشات مع ممثلي الإدارات الرئيسية والمهندسين المعماريين في تونس.

ومازالت عملية التشاور المشترك بين الجانبين، التي جرت خلال الزيارة، حية في ذهن سون، حيث أشار إلى أن الخطتين الأصليتين اللتين قدمهما الجانب الصيني كانتا تهدفان إلى بناء مجمع منخفض الارتفاع ومشيد على الطراز المعماري التونسي التقليدي، بينما فضل الجانب التونسي تشييد مبان حديثة ومسايرة للطرز المعمارية المستقبلية وأعطى أكبر الاهتمام لقاعة المحاضرات، إذ قام منذر بن غرس الله، مدير البناءات بالإدارة العامة للمصالح المشتركة التابعة لوزارة الشؤون الخارجية التونسية، برسم الرسومات بخط يده، من أجل عرض لب أفكاره بكل وضوح.

وبينت هذه الرسومات لسون كل ما يريده الجانب التونسي الذي فضل أن يبرز المجمع إحساسا بدقة النحت وضخامة الحجم وأعرب عن أمله أيضا في أن يكون المجمع عالي الارتفاع، وذلك مقارنة بالرسومات الصينية لمجمع ذي تفاصيل عربية خالصة.

"لذلك أدخلنا تعديلات للتوفيق بين الرؤيتين. وبعد خمس جولات من المناقشات، قررنا تشييد قاعة المحاضرات في مقدمة المجمع وتزويدها بقبة، وجعل مدخلها ومخرجها مطلين على الشارع ليحتضنا المدينة مباشرة ترحيبا بالضيوف الأجانب من خلال بوابة مفتوحة. وسوف يظهر المبنى عند اكتماله بوضعية تعطى انطباعا بـ(التحليق لأعلى) لتعبر أيضا عن تمنياتنا الطيبة لتونس في مجال العمل الدبلوماسي"، هكذا قال سون.

ونال التصميم النهائي الذي كان نتاجا لعصف ذهني صيني وتونسي مشترك، نال إعجاب المدير العام للأكاديمية الدبلوماسية التونسية منذر الظريف. حيث قال إن المجمع سيكون على خمسة طوابق مع طابق تحت الأرض للسيارات وسيأخذ بعين الاعتبار أهمية المحافظة على البيئة حيث ستتم حوله زراعة أشجار ونباتات طبيعية، مشيرا إلى أنه يأتي "نتاجا لتلاقي الإرادتين التونسية والصينية، أي الرغبة التونسية في تكوين هذا المشروع والرغبة الصينية في مساعدة الطرف التونسي على الإنجاز".

كما قال يانغ شنغ يان المسؤول بمكتب شؤون التعاون الاقتصادي الدولي بوزارة التجارة الصينية إن الصين تلتزم بمبدأ "التشاور والتعاون والتقاسم المشترك" وتشجع المزيد من الشركات الصينية على المشاركة في التعاون الدولي في مجال تشييد البنى التحتية بالدول الواقعة على طول "الحزام والطريق".

وأضاف يانغ أن اختيار الصين كشريك يعكس ثقة الجانب التونسي في الجانب الصيني، وتقديره للمفهوم الذي تطبقه الصين خلال تعاونها الدولي والمتمثل في الصدق والمساواة والبراغماتية والكفاءة والاحساس بالمسؤولية.

ومع اقتراب انعقاد الدورة الثانية من منتدى "الحزام والطريق للتعاون الدولي" في بكين وذلك في الفترة ما بين 25 و27 إبريل الجاري، ووضع حجر الأساس المتوقع للأكاديمية في 3 مايو المقبل، الذي يوافق "يوم الدبلوماسية" في تونس، قال يانغ إن مشروع الأكاديمية الدبلوماسية بتونس، سوف يركز على توسيع قدرات تونس الدبلوماسية ويعزز مشاركتها بشكل أكبر في التنسيق الإقليمي والشؤون الدولية.

تحرير: تشي هونغ