على أعتاب 2019...قفزة في الاقتصاد المصري تعطي دفعة جديدة للتعاون بين الصين ومصر

الوقت:2019-01-02 17:02:41المصدر: شبكة شينخوا

"إن زهرة واحدة لا تصنع ربيعا، لكن مائة زهرة متفتحة يمكن أن تمليء الحديقة بأجواء الربيع"، هكذا ينطبق المثل الصيني على التعاون الصيني المصري الوثيق الذي يعود إلى آلاف السنين ويتسع الآن من التبادل التجاري والثقافي ليشمل قطاعات حيوية وهامة أخرى وعلى رأسها التصنيع والطاقة والاستثمار بغية تحقيق الازدهار المشترك وصياغة مستقبل جميل للبلدين من خلال تحقيق التضافر بين الإستراتيجيتين التنمويتين للبلدين، وخاصة مع تسجيل مؤشرات على مضى الاقتصاد المصري قدما بفضل برنامج الإصلاح الاقتصادي المحكم الذي اعتمدته الحكومة المصرية.

-- قفزة في الاقتصاد

فقد بدأت مصر عام 2016 في تحرير سعر صرف الجنيه المصري كخطوة أولى في برنامجها للإصلاح الاقتصادي الذي اشتمل أيضا على رفع الدعم جزئيا بهدف دفع عجلة الاقتصاد نحو النمو بكامل طاقته.

وقد نال البرنامج تشجيعا من صندوق النقد الدولي الذي توصل في عام 2016 إلى توافق مع مصر لمنحها قرضا بقيمة 12 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات لدعم الإصلاح، تم بالفعل صرف ثلثيه، فيما تتوقع مصر تلقى ملياري دولار تمثل الشريحة الخامسة وقبل الأخيرة من قرض الصندوق في نهاية ديسمبر الجاري.

وحققت مصر نسبة نمو مرتفعة بلغت 5.3 في المائة في السنة المالية 2017/ 2018. وتوقع تقرير صندوق النقد الدولي أن يتسارع نمو الاقتصاد المصري بصورة أكبر ليصل إلى 5.5 في المائة في السنة المالية الجارية 2019/2018.

وقد أشادت المؤسسات المالية ومراكز الأبحاث العالمية بخطوات الإصلاح في مصر التي تعد إجراءات حتمية وهامة رغم ارتفاع الأسعار والتضخم، وتوقعت أن تؤتي هذه الخطوات نتائج مثمرة في المستقبل القريب. كما قام تقرير صادر عن مركز التنمية الدولية بجامعة هارفارد في أوائل شهر مايو بتصنيف مصر كثالث أسرع اقتصاد نموا في العالم في العقد القادم بعد الهند وأوغندا.

وفي سبتمبر، قالت كريستين لاغارد المدير العام لصندوق النقد الدولي عقب لقائها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في نيويورك إن الاقتصاد المصري يظهر "بوادر قوية على التعافي" وأن النمو الاقتصادي للبلاد يعد من أعلى المعدلات في الشرق الأوسط، مؤكدة على أهمية الإصلاحات الهيكلية في مصر لتحقيق نمو أكثر استدامة، ومضيفة أن "هذه الإصلاحات ستساعد في تحقيق نمو أكثر استدامة وشمولا يقوده القطاع الخاص، ما سيساعد على خلق فرص عمل لشباب مصر وتوفير الموارد الكافية للضمان الاجتماعي".

وقد توصل البنك الدولي مع مصر في أكتوبر الماضي إلى اتفاق على إتاحة تمويل جديد لها بقيمة 3 مليارات دولار، يقول الخبراء إن سيعود بالفائدة على مسار التنمية في مصر.

وفي الأسبوع الماضي، التقى الرئيس المصري في فيينا الرئيسة التنفيذية للبنك الدولي كريستالينا جورجيفا التي سلطت الضوء على "النتائج الإيجابية" لإجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الحكومة المصرية، بما في ذلك استقرار الاقتصاد الكلي وارتفاع معدلات النمو وانخفاض عجز الميزانية.

وتتألف محفظة استثمارات البنك الدولي في مصر حاليا من 16 مشروعا تبلغ جملة ارتباطات إقراضها 6.69 مليار دولار، ما يبرز ثقة أكبر مؤسسة مالية في العالم في مستقبل الاقتصاد المصري.

كما ينعكس التقدم الاقتصادي المصري في الارتفاع السنوي لصادرات البلاد غير النفطية، التي بلغت حوالي 18.58 مليار دولار خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 2018 مقارنة بـ17.4 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بزيادة قدرها 6.7 في المائة.

-- دفعة جديدة للتعاون

ومع استمرار تحسن الاقتصاد وتمتع مناخ الاستثمار في مصر بإمكانات متميزة وما توفره المشروعات القومية المصرية الجاري تنفيذها حاليا من فرص استثمارية متنوعة أمام الشركات الأجنبية، تعمل شركات صينية كبرى في الوقت الحالي على إقامة عدد من المشروعات الضخمة في مصر من بينها شركة (تيدا) الصينية التي تقوم حاليا بتطوير منطقة تبلغ مساحتها 7.23 كيلو متر مربع في المنطقة الاقتصادية بقناة السويس في العين السخنة لتكون منطقة صناعية عصرية قادرة على تقديم خدمات شاملة.

كما تعمل شركة (جوشي) الصينية لصناعة الفايبر جلاس في المنطقة الاقتصادية بالعين السخنة حيث نفذت استثمارات بلغت قيمتها حوالي 600 مليون دولار لتمثل أكبر استثمارات صينية صناعية في مصر. وقد ساهم التعاون مع جوشي في أن تصبح مصر الثالثة عالميا في إنتاج الفايبر جلاس بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين.

علاوة على ذلك، شهد التعاون الصيني المصري في مجال الطاقة الكهربائية دفعة للأمام في السنوات الأخيرة. ففي سبتمبر عام 2018، فازت شركتا (دونغفانغ) و(شانغهاي إلكتريك) المتخصصتان في تصنيع معدات توليد الطاقة رسميا بعقد الهندسة والمشتريات والبناء لمحطة للطاقة الكهربائية في منطقة الحمراوين بمدينة القصير جنوبي محافظة البحر الأحمر المصرية.

وسوف تتكون محطة الحمراوين من ست وحدات تعمل بتكنولوجيا "الضغوط فوق الحرجة"، وهي أفضل تكنولوجيا متاحة حاليا، وذلك لإنتاج 6 آلاف ميجاوات. وسيستغرق إنشاؤها حوالي ست سنوات، وستصبح المحطة الأولى في مصر التي تعمل بالفحم النظيف والأكبر في الشرق الأوسط باستثمارات تبلغ حوالي 4.4 مليار دولار.

كما تعمل شركة (سينوهيدرو) الصينية على بناء محطة توليد الكهرباء بالضخ والتخزين في جبل عتاقة بمحافظة السويس شرق القاهرة بسعة 2400 ميجاوات، بالإضافة إلى تعاون مصر مع شركة الشبكة الوطنية الصينية للكهرباء (ستيت جريد) لإنشاء 1210 كليومترات من الخطوط الهوائية الخاصة بجهد 500 كيلوفولت في محافظة بني سويف.

وفي قطاع الاتصالات، تتعاون شركة الاتصالات الصينية العملاقة "هواوي" مع مصر في تحقيق المبادرات المصرية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والهادفة إلى تحقيق نقلة نوعية في المجتمع المصري من خلال تطوين التكنولوجيا في مختلف المحافظات وتوفير المناخ الذي يشجع على بناء قدرات الشباب والنهوض بمجال صناعة وتصميم الإلكترونيات.

إن رغبة العديد من الشركات الصينية في زيادة حجم استثماراتها في مصر واتخاذها كقاعدة للإنطلاق إلى جميع دول المنطقة يعكس ثقتهم في مناخ الاستثمار المصري بما يتوافق مع العلاقات الإستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر ويعود بثمار وفيرة على شعبي البلدين ويدفع العمل الصيني المصري المشترك قدما في بناء مبادرة الحزام والطريق التي تهدف إلى تحقيق التنمية والربط المشترك لجميع الدول المشاركة فيها ومن بينها مصر الشريك الحضاري والتاريخي. 

تحرير: تشي هونغ