مقالة خاصة: مبادرة الحزام والطريق تضيف زخما حيويا جديدا للتعاون الصيني-الأفريقي

الوقت:2018-07-26 15:34:56المصدر: شبكة شينخوا

من منطقة القرن الأفريقي مرورا جنوبا نحو رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا، تمتد آلاف الكيلومترات من سواحل غربي المحيط الهندي.

تاريخيا، قاد البحار الصيني الشهير تشنغ خه، خلال فترة إمبراطورية منيغ، المبعوثين التجار وقيل إنه وصل إلى منطقة السواحل الشرقية والجنوبية لأفريقيا أربع مرات، غارسا البذرات الأولى للصداقة الصينية-الأفريقية، ومؤسسا المسار التجاري لطريق الحرير البحري العريق.

لقد مرت أكثر من 600 سنة على تلك الرحلات الأولى. هذه المنطقة تضم حاليا أكثر الاقتصادات الأفريقية سرعة بالنمو، وتسعى لدفع وتعزيز التكامل الإقليمي عبر بنى تحتية أفضل من خلال التعاون ضمن إطار مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين.

إن المشاريع التعاونية بين الصين وأفريقيا ومنها خطوط السكك الحديدية المكهربة التي تربط بين أثيوبيا المحاطة بالبر من جميع جهاتها بجيبوتي، والسكك الحديدية المعيارية بين مومباسا-نايروبي في كينيا، وجسر مابوتو العابر للبحر في موزمبيق والعديد من المناطق الصناعية التي أنشئت خلال السنوات الأخيرة، ما هي إلا انعكاس للتعاون الناجح ضمن مبادرة الحزام والطريق.

الحلم يصبح حقيقة

تشير مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين عام 2013، إلى الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري للقرن الـ21، وتهدف إلى بناء شبكة تجارة وبنى تحتية تربط آسيا مع أوروبا وأفريقيا على طول الممرات التجارية لطريق الحرير العريق.

وباعتبارها منصة منفتحة وشاملة للتعاون الاقتصادي بين الدول والحكومات، تسهم هذه المبادرة بتغيير حياة الشعوب للأفضل.

لقد اعتاد تيسفاي (38 عاما) على العمل كسائق سيارة أجرة، في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، بدخل يكفي بالكاد لسد احتياجات عائلته.

قال "في الحقيقة، كنت دائما أحلم بامتلاك مسكن في أديس أبابا".

وبالمقارنة مع معدل الأجر الشهري لعامل محلي، كان سعر المسكن عاليا جدا لتحقيق حلمه.

وبفضل سياقته الجيدة ومعرفته الشاملة بالمدينة، وظفته قبل ست سنوات، مجموعة السكك الحديدية الصينية (سي أر اي سي) وهي من أكبر المقاولين لبناء خطوط سكك حديد إثيوبيا-جيبوتي.

قال يوان تشيانغ، وهو خبير يعمل بالفرقة الثانية لمجموعة السكك الحديدية الصينية، في مشروع التشغيل والصيانة "لقد كان تيسفاي من ذلك النوع الذي نحتاجه عندما وصلنا أولا لأديس أبابا قبل سنوات مضت، حيث لم تكن الشوارع معرّفة بأسماء والمساكن لا تحمل علامة أو رقم. إنه خريطة متنقلة للمدينة."

وبمساعدة من المشروع ومن زملائه الصينيين، تمكن تيسفاي أخيرا من شراء مسكنه الحلم بالمدينة، حيث تمت مساعدته بتقديم دفعة مقدمة لأجوره قبل أربع سنوات.

قال تيسفاي "لقد ارتفع سعر المسكن الآن كثيرا جدا، أي ما يعادل عدة سنوات من راتبي."

وهناك الكثير جدا من هذه الأمثلة لعمال أفارقة يستفيدون من مشاريع متنوعة ضمن مبادرة الحزام والطريق.

لقد خلق مشروع سكك الحديد بين نايروبي-مومباسا نحو 50 ألف فرصة عمل للمحليين، ودرّب أكثر من 5000 فني منذ بدء الإنشاءات نهاية عام 2014. وأسهم جسر مابوتو العابر للبحر، والذي سينطلق قريبا، في خلق أكثر من 20 ألف فرصة عمل للمحليين، بدوام كامل أو جزئي، منذ بدء المشروع في يونيو عام 2014، وفقا لمعطيات من مؤسسة الطرق والجسور الصينية.

موضوع عصري في أفريقيا

بما أن مبادرة الحزام والطريق تسعى لتعزيز الترابط بين الدول، هناك الكثير من الدول الأفريقية متلهفة حاليا لمعرفة كيف يمكنها الاستفادة من المبادرة، لأن هذه الدول تبذل الجهود من أجل دفع التكامل الإقليمي عبر الارتقاء بمستوى الطرق والموانئ والسكك الحديدية وشبكات الاتصالات.

في يونيو، تجمع مسئولون ومثقفون وأكاديميون وباحثون ببيوت خبرة، تجمعوا في كينيا لإجراء دراسة حول خط سكك حديد نايروبي-مومباسا، وهو مشروع رائد ضمن مبادرة الحزام والطريق في شرق أفريقيا.

قال جيمس ماتشاريا، وزير النقل بالحكومة الكينية، إن المشروع هو نموذج للتعاون مع الصين في مجال تطوير البنية التحتية والتحول الاجتماعي-الاقتصادي.

وفي معرض وصفه لهذا المشروع بأنه سيغير قواعد اللعبة، أضاف ماتشاريا إن تمديد مشروع السكك الحديد الحديث هذا ليصل إلى الحدود مع أوغندا، سيحفز التجارة والتصنيع على طول مساره.

أما غيريشون إيكيارا، وهو محاضر بمادة الاقتصاد الدولي بجامعة نايروبي، فقال إن المبادرة المقترحة من الصين وبنك التنمية لمجموعة بريكس، قد أسهما بإثراء التعاون بين الدول والمناطق، وأصبحا قاطرتين حيويتين هامتين للنمو الاقتصادي العالمي.

وأضاف أن طريق الحرير البحري يربط شرق أفريقيا مع آسيا وأوروبا، وسيسهم تمديد خطوط السكك الحديدية المعيارية وتوسعتها في شرق أفريقيا بتحقيق تطوير كبير للنقل بالمنطقة وتقليل تكاليف التجارة.

وقال السفير الصيني لدى جنوب أفريقيا لين سونغ تيان، في وقت سابق، إن أفريقيا وجهة هامة لمبادرة الحزام والطريق.

وأوضح قائلا أن "بناء المشاريع ضمن المبادرة سيخلق فرصا جديدة غير مسبوقة للتعاون الصيني-الأفريقي."

زخم جديد للعلاقات

هذا العام يصادف الذكرى الخامسة للمرة الأولى التي تطرح فيها مبادرة الحزام والطريق عام 2013.

وخلال هذه السنوات، وبعد أن اتخذت بعض الدول في شرق أفريقيا خطواتها الأولى لدفع التنمية الداخلية ضمن هذه المبادرة، عبرت دول أخرى في غرب أفريقيا، ومنها نيجيريا وموريتانيا وساحل العاج، عن رغبتها في الانضمام لبناء الحزام والطريق.

ونشرت أبرز صحيفة في نيجيريا ((ليدرشيب))، مقالا على صفحة كاملة الشهر الماضي، حث نيجيريا، باعتبارها أكبر اقتصاد أفريقي وأكثر الدول سكانا في القارة، على التحرك وجعل نفسها لاعبا رئيسيا لجذب هذه المبادرة إلى شواطئها.

وجاء في المقال "في نيجيريا، الصين تعمل بشكل جيد. وهناك خط سكك حديد أبوجا-كادونا، وخط أبوجا الحديدي الخفيف من مركز المدينة إلى المطار، ومشاريع أخرى عديدة، كلها تتماشى مع روح الحزام والطريق."

وسيلتقي القادة الأفارقة في سبتمبر القادم في بكين لحضور قمة منتدى التعاون الصيني-الأفريقي، ومن المتوقع أن تكون مبادرة الحزام والطريق موضوعا رئيسيا.

قال رئيس زيمبابوي، ايميرسون منانغاغوا في وقت سابق من هذا العام، إن زيمبابوي ستشارك بكل طاقتها في المبادرة، للاستفادة من منافعها الاقتصادية.

وأضاف "مبادرة الحزام والطريق هي فعلا رؤية للمستقبل."

وقال وزير الشئون الخارجية التنزاني أوغستين ماهيغا، في حيدث مع ((شينخوا)) إن فلسفة مبادرة الحزام والطريق هي فتح الفرص التجارية، وإعطاء الدول فرصة وصول أفضل للموارد والتكنولوجيا، ولتحقيق ترابط أوثق.

وأضاف "هذا هو جوهر الترابط للاقتصاد العالمي. وإذا أردت كلمة أخرى للحزام والطريق فهي ببساطة عولمة الاقتصاد ."

تحرير: تشي هونغ