مقابلة خاصة: وزير الخارجية الجزائري يشيد بزخم التعاون مع الصين

الوقت:2018-07-09 14:59:50المصدر: شبكة شينخوا

أشاد وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، يوم السبت، بزخم التعاون بين بلاده والصين، معتبرا أن مبادرة "الحزام والطريق" مشروع استراتيجي متكامل يخدم المصلحة المشتركة في التنمية والإزدهار.

وقال مساهل في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) بمناسبة احتفال البلدين بالذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، إن هذه الذكرى تحمل معان نبيلة ودلالات عميقة تعكس عراقة ومتانة الأواصر بين البلدين والشعبين الصديقين والتي لم تشهد عبر تاريخها سوى "التميّز والامتياز".

ووصف العلاقات بين البلدين بالمتميزة كونها ترتكز على نفس المبادئ، واعتبر أن مرور 60 عاما على هذه العلاقات سيكون فرصة للتأكيد على تمسك البلدين بنفس المبادئ وتقاسمهما لنفس الرؤى حيال القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك وحرصهما الدائم على المضي قدما في سبيل تعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة القائمة بينهما منذ 2014.

ووصف مساهل مبادرة "الحزام والطريق" بأنها مشروع استراتيجي متكامل يهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول خدمة لأهدافها التنموية ومصالحها المشتركة خاصة من خلال مضاعفة الاستثمارات بما يخدم المصلحة المشتركة في التنمية والازدهار.

واعتبر أن الجزائر بحكم علاقاتها المتميزة مع الصين ودورها المحوري في العالم العربي هي فاعل أساسي لتحفيز التعاون الصيني العربي.

ونوه بما شهدته العلاقات الجزائرية الصينية خلال السنوات الماضية من نمو متسارع تجلى في محافظة الصين على مرتبة الشريك التجاري الأول للجزائر بمعدل سنوي فاق 8 مليارات دولار من إجمالي التجارة الخارجية الجزائرية.

وأشار الى أن الصين تعمل على إنجاز عدة مشاريع للبنى التحتية في كامل البلاد، وتوقيع البلدين اتفاقيات في مجالات الزراعة والصيد البحري وغيرها من القطاعات.

كما نوه بالجهود المشتركة المبذولة في مجال علوم وتكنولوجيا وتطبيقات الفضاء والتي توجت بالإطلاق الناجح لأول قمر صناعي جزائري للاتصالات (ألكوم سات1) انطلاقا من الأراضي الصينية في 11 ديسمبر 2017 حيث شكل هذا الحدث "المتميز" محطة مهمة في تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين.

وأكد مساهل على الأهمية البالغة التي توليها الجزائر لإنجاز مشروع ميناء الحمدانية (120 كم شمال غرب العاصمة الجزائر) والذي ستنفذه الصين بقرض صيني يقدر بـ 3.3 مليار دولار.

ولفت الى أن المشروع يكتسي طابعا استراتيجيا على المستويين الوطني والإقليمي، حيث سيسمح بربط السوق الصينية بالسوق الإفريقية من خلال الطريق العابر للصحراء، الذي يصل الجزائر بلاغوس في نيجيريا، وسيشكل قطبا لجذب المستثمرين نحو المنطقة اللوجستية الهامة المحيطة بالميناء ومن خلالها نحو المنطقتين المتوسطية والإفريقية.

واستعرض مساهل خلال المقابلة التدابير المالية التي اعتمدتها الجزائر في السنوات الأخيرة بهدف الحفاظ على الاستقلال المالي للبلاد ومواصلة تمويل البناء الوطني، من بينها التسديد الـمسبق للمديونية الخارجية، والتي كانت في حدود 30 مليار دولار أمريكي العام 1999 وهي دون 4 مليارات دولار حاليا.

واشار كذلك الى إنشاء صندوق ضبط الإيرادات (الصندوق الذي تذهب إليه فوائض سعر برميل النفط فوق 50 دولارا الذي تحدد به الحكومة الموازنة العامة للبلاد) والتسيير الحذر لاحتياطات الصرف البالغة حاليا أقل من 100 مليار دولار.

وتندرج هذه التدابير ضـمن خطة شاملة انتهجتها الجزائر قصد الخروج من التبعية لقطاع المحروقات وتعزيز الاستثمار في كافة القطاعات الـمنتجة للسلع والخدمات على نحو يساهم في رفع صادراتها وتنويعها بشكل محسوس، على المدى المتوسط، كقطاع الصناعة والزراعة والسياحة.

ولفت مساهل إلى أن الجزائر والصين وقعتا في شهر أكتوبر 2016، على اتفاق إطار في مجال تعزيز القدرات الإنتاجية، يهدف إلى إعادة هيكلة العلاقات الثنائية الاقتصادية بين البلدين والتي ترتكز بشكل خاص ومنذ مدة ليس فقط على التبادل التجاري بل تعداه إلى إبرام عقود الإنجاز العمومي والتوجه نحو ديناميكية استثمار وإنتاج مشترك من خلال وضع إطار تنفيذي وقاعدة للشراكة الصناعية والتكنولوجية بين البلدين.

ويغطي الاتفاق مجالات الصناعات التحويلية واستغلال الموارد والطاقات (الغاز والنفط) والصناعة الميكانيكية وصناعة السكك الحديدية والحديد والصلب والبنى التحتية والصناعة البتروكيمياوية والطاقات المتجددة والنجاعة الطاقوية وتحويل المواد المنجمية والبناء والأجهزة الكهرومنزلية بالإضافة إلى التعاون التقني.

وأشار إلى أن الاجتماع الأول للجنة المشتركة المكلّفة بتنفيذ هذا الاتفاق، المنعقد بالجزائر في شهر يناير الماضي أسفر عن الاتفاق على قائمة من المشاريع ذات الأولوية في إطار الشراكة الجزائرية الصينية.

وتضم هذه القائمة مبدئيا خمسة مشاريع هامة تتعلق بإنجاز ميناء الوسط بالحمدانية، واستغلال الفوسفات بالشرق الجزائري، وصناعة السيارات، صناعة وسائل الدفع الالكتروني واستغلال الغرانيت والرخام، كما تمّ في ذات السياق، تنفيذ عدة مشاريع صناعية من قبل شركات صينية في كامل البلاد.

وقال إنه من المنتظر أن تفتح آفاق جديدة لتعزيز التعاون الثنائي، من خلال إنشاء شراكات قوية مع مؤسسات صينية تنشط في مجالات التصنيع، ما سيمكّن الجزائر من تنويع اقتصادها ويجعل منها وجهة مميزة للمستثمرين الصينيين.

وأكد أن الجزائر تبنت لأجل ذلك عدة إصلاحات لتحسين مناخ الأعمال وتحفيز الاستثمار الأجنبي بالرغم من وجودها حاليا في محيط إقليمي يتميز بعدم الاستقرار.

كما أكد أن الجزائر تعمل حاليا على ضمان استقرار الإطار القانوني والتنظيمي في مجال الاستثمار بهدف توفير رؤية واضحة للمستثمرين الأجانب وإعداد خريطة لفرص الاستثمارات في كامل البلاد.

ولفت الى أن التبادلات الإنسانية الجزائرية الصينية شهدت منذ إرساء علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين سنة 2014 ديناميكية ملحوظة، تميّزت بإيفاد كل بلد لطلاب إلى البلد الآخر، والتعاون في مجال تحسين الموارد البشرية من خلال تنظيم دورات تكوينية، والتعاون بين الجامعات ومعاهد التعليم العالي والكتّاب والصحفيين، وتنظيم التظاهرات الثقافية وتبادل الزيارات في هذا المجال والتواصل بين المنظمات الأهلية والشبابية بالبلدين، وغيرها من النشاطات.

وأكد أن تعليم اللغة الصينية يحظى باهتمام خاص في الجزائر لا سيما وأن الإقبال عليها من قبل الشباب الجزائري يزداد من سنة لأخرى.

كما تسعى الجزائر للترويج للسياحة لجلب السياح الصينيين، لا سيما وأن السلطات الصينية قد صنّفت الجزائر كوجهة سياحية معتمدة عام 2006، مشيرا إلى مذكرة التفاهم التي سيوقعها البلدان في مجال تسهيل سفر أفواج السياح الصينيين إلى الجزائر.

وبشأن انعقاد الدورة الثامنة لمنتدى التعاون الصيني العربي في الصين ، قال مساهل انه منذ إطلاق هذه المبادرة العام 2004، ساهم المنتدى كآلية تعاون فعالة في توطيد العلاقات بين الطرفين فصارت اليوم تشمل جل مجالات التعاون، إذ لا تقتصر على التشاور والحوار السياسي، بل تعدته إلى إقامة شراكة اقتصادية حقيقية صينية عربية، مشيرا الى الإرادة السياسية للجانبين في مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية بين الصين والمنطقة العربية.

وأعرب عن يقينه بأن الدورة الثامنة للمنتدى ستكلّل بالنجاح وستسمح بوضع برنامج عمل للعامين المقبلين يتماشى وتطلّعات الشعوب.

وأشار إلى أن الدورة الحالية للمنتدى تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة العربية عدة توترات على الصعيد الأمني والسياسي وتواجه فيه جملة من التحديات على المستوى الاقتصادي والتنموي.

وقال إن المنتدى سيتناول قضايا التنمية في المنطقة العربية ودراسة الأوضاع في سوريا واليمن وليبيا وفلسطين، كما سيناقش القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك وسبل تعزيز التعاون الثنائي لاسيما في مجال التبادل الثقافي والتواصل الإنساني. 

تحرير: تشي هونغ