بتقدمها وانتشارها...التكنولوجيا الزراعية الصينية تفيد العالم العربي والحزام والطريق يتعهد بالمزيد

الوقت:2018-06-06 15:07:32المصدر: شبكة شينخوا

مع نجاح فريق من العلماء الصينيين في تجربة زراعة الأرز بمياه البحر المالحة في صحراء دبي مؤخرا، اتجهت أنظار العالم العربي مجددا صوب أوجه التقدم التي أحرزتها التكنولوجيا الزراعية الصينية.

فـ"حجم الإنتاج وصل إلى أكثر من 7500 كيلوغرام للهكتار في التجربة التي تمت في صحراء دبي، وهذا فاق توقعاتي بكثير وكان دلالة على تقدم الصين بفارق كبير في هذا المجال"، هكذا ذكر يوان لونغ بينغ (87 عاما) الذي يترأس الفريق ويعد باحثا وخبيرا صينيا عملاقا في هذا المجال مع توصله لابتكارات في تطوير الأرز الهجين بالبلاد.

وفي الواقع لم يأت نجاح هذه التجربة- التي تعد الأولى من نوعها في العالم- بسهولة في ظل ضرورة التغلب على نقصان المياه العذبة ومشكلة ملوحة التربة وتصحرها، إضافة إلى الظروف المناخية القاسية وغير المواتية لزراعة الأرز، حيث بلغت درجة الحرارة السطحية في صحراء دبي قرابة 50 درجة مئوية نهارا فيما وصلت نسبة الرطوبة إلى ما دون 20 في المائة، الأمر الذي زاد من عوامل عدم اليقين أثناء التجربة.

ويرى تشانغ قوه دونغ نائب رئيس مركز البحث والتطوير المعني بتقنية زراعة الأرز بمياه البحر المالحة في مدينة تشينغداو الساحلية بشرق الصين، أن تحقيق بلاده لاختراقة في هذا المجال من شأنه أن يسهم في رفع القدرة على إنتاج الحبوب وضمان الأمن الغذائي وتحسين الظروف الإيكولوجية في المناطق الصحراوية.

كان المركز قد نجح في نهاية العام الماضي في تطوير أحدث تقنية زراعية لاستصلاح التربة ومعالجة مشكلات زراعية كامنة في عملية الاستصلاح، وذلك من خلال تكوين شبكة تتألف من أنبوبين مزودين بأجهزة استشعار، يقوم أحدهما بإمداد جذور الأرز تلقائيا بالمياه والأسمدة بعد صدور تنبيه عن الأجهزة بحاجة الجذور لهما من أجل عملية النمو، فيما يعمل الأنبوب الآخر على إعادة ما تبقى من مياه وأسمدة إلى تجمع إعادة التدوير لاستخدامهما في الري في المرة القادمة؛ وتعتمد كل هذه العملية على الأجهزة التي تسعى إلى توجيه تنبيه محدد بشأن الكمية المطلوبة لتغذية النبات على نحو دقيق بعد تقييم حالة نموه، ما يسهم في توفير الموارد وضمان استخدامها بشكل أكثر رشدا وحماية جودة التربة مع تفادى الملوحة.

ومن جانبه، قال ليو جيا يين، رئيس المركز أن مركزه بصدد التعاون مع دبي في إنشاء مزرعة تجريبية على مساحة 100 هكتار عام 2019، من أجل الوقوف على تكلفة الإنتاج ومدى الاستدامة الزراعية لتشكيل معيار تقني في زراعة الأرز بالمناطق الصحراوية، مشيرا إلى أن هذه التجربة ستشهد محاكاة بوتيرة سريعة في عام 2020 لتتسع معها مساحة المناطق المزروعة وتشيد فيها المزيد من الواحات الاصطناعية .

وتفيد التقارير بأن المركز وقع اتفاقا إطاريا للترويج لهذه التقنية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مع دبي، سعيا لنقلها إلى العالم العربي من أجل تحسين الظروف الإيكولوجية في المناطق الصحراوية وحل مشكلات الجوع في المناطق الفقيرة وذات الظروف الطبيعية السيئة.

إضافة إلى ذلك، فإنه بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس العمانية، نجحت كل من جامعة تشجيانغ بجنوب شرق الصين وجامعة نينغشيا بشمال غربها في تطوير تقنية ري متقدمة لا تعد الأولى في البلاد فحسب وإنما في أرجاء العالم أيضا، تقنية يستخدم فيها أنبوب طويل به فتحات على أجزاء متساوية مثبت في كل منها خرطوم قصير وعند عملها تمكن من خروج مياه الري من أحد هذه الخراطيم دون غيره مع بقاء المياه في الأجزاء الأخرى من الأنبوب من أجل إتمام عملية الري الجزئي للجذور تحت سطح الأرض.

وأشار سون تشاو جون، رئيس كلية الموارد الطبيعية بجامعة نينغشيا، إلى أنه في المناطق التي تعاني جفافا، دائما ما يتعرض الأنبوب لمشكلات مثل الاهتراء والصدأ والسدد، ولكن هذه التقنية تساعد في الحد من هذه الآثار السلبية.

علاوة على ذلك، فإنه بدعم من طاقتي الشمس والرياح وارتكازا على أجهزة الاستشعار، جنبت هذه التقنية، مقارنة بتقنية الري التقليدية، جنبت عملية الزراعة فقدان المياه أثناء نقلها من الوصلة البلاستيكية المثبتة بين الأنبوب وخرطوم الري، ما يوفر قرابة 30 في المائة من الموارد المائية ويرفع معدل استخدامها وكذا يمدد من فترة استخدامها إلى قرابة 10 أعوام، هكذا قال أعضاء الفريق البحثي.

وقد أشارت التقارير إلى أن جامعة نينغشيا وقعت في معرض الصين والدول العربية الذي عقد في سبتمبر الماضي، اتفاق تعاون مع جامعة السلطان قابوس لنقل هذه التقنية المتقدمة بقيمة قرابة 17.2 مليون دولار.

في حقيقة الأمر، استنادا إلى منصات وفرتها كل من "مبادرة الحزام والطريق" و"معرض الصين والدول العربية" وكذا "منتدى التعاون الصيني العربي"، شهد التعاون الزراعي بين الصين والبلدان العربية تطورا هائلا مع تعزيز تبادل المنتجات الزراعية وانتشار مزيد من أوجه التكنولوجيا الزراعية الصينية في هذه البلدان، ما يساعد بصورة كبيرة في مكافحة التصحر وملوحة التربة وتوفير المياه العذبة فيها.

وفي هذا الصدد، ذكر تشانغ هونغ أن، المدير العام للمركز التجريبي للتعاون الصيني الموريتاني في مجال تربية المواشي الذي يعد من أهم المراكز التجريبية الصينية الـ21 المقامة في قارة إفريقيا، أنه اعتمادا على منصة منتدى التعاون الزراعي الصيني-العربي في إطار معرض الصين والدول العربية الذي يقام في منطقة نينغشيا شمال غربي الصين كل عامين، تم إنشاء هذا المركز الكائن في مدينة واد الناقة التابعة لولاية الترارزة جنوب غربي موريتانيا، مشيرا إلى أن المركز حقق منجزات منذ تأسيسه قبل عامين، لا سيما في زراعة الأعلاف.

وأضاف تشانغ أن موريتانيا التي تشكل الصحراء قرابة 80 في المائة من مساحتها وتعد نسبة الأمطار فيها أقل من نسبة التبخر بكثير، تواجه الكثير من المشقات في عملية الزراعة. وبدورها أوفدت إدارة الزراعة بمنطقة نينغشيا عدة دفعات من الخبراء المتخصصين في هذا المجال لتقييم الظروف هناك حيث وقع اختيارهم على الفصة والذرة الرفيعة وغيرهما من نباتات العلف المواتية للزراعة هناك واستخدموا في زراعتها تقنيات ري محددة مثل الري بالتنقيط.

و"ليس هذا فحسب، بل تم أيضا إيفاد عدد من المتخصصين في تربية المواشي من نينغشيا إلى موريتانيا لنقل تقنية التلقيح الصينية المتقدمة بهدف زيادة إنتاج الألبان وغيرها من المنتجات الحيوانية هناك"، حسبما قال تشانغ.

وكان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز قد قام بتفقد المركز في نهاية مارس الماضي، حيث ثمن الدور الهام الذي يلعبه المركز في دفع صناعة تربية المواشي في البلاد بعد استماعه إلى شروح حول قدرة المركز على تنظيم دورات تكوينية، متمنيا نقل الخبرات والتقنيات الصينية إلى مزيد من الرعاة المقيمين هناك.

تحرير: تشي هونغ